من يستعجل عودة الأسد عليه الانتظار


أخبار بارزة, خاص 16 نيسان, 2023
الأسد

وفي حين يسلك التفاهم بشأن وقف الحرب في اليمن طريقه بشكل تدريجي ومتأنٍّ بعد أن استنزف الطرفين، يواجه الملف السوري صعوبات وتعقيدات متنوعة أولها إثبات حق الشعب السوري الذي انتفض لحريته وكرامته ودفع الثمن قتلاً وتشريداً ونزوحاً بمئات الآلاف، وثانيها الحفاظ على وحدة الدولة السورية المهددة بالتفكك جراء تنازع خمسة جيوش أجنبية وتقاسمها النفوذ على أراضيها.

كتب سعد كيوان لـ “هنا لبنان”:

لا شكّ أنّ النهج الذي اتّبعه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان (رؤية 2030) والاتفاق السعودي-الإيراني الذي تمّ التوصّل إليه قبل أكثر من شهر يضع المملكة العربية السعودية في موقع الريادة عربياً وإقليمياً، لا بل لاعباً مؤثّراً على الصعيد الدولي. ويهدف هذا الموقع إلى نقل السعودية من مجرد دولة غنية منتجة للنفط إلى دولة توظّف طاقاتها وقدراتها من أجل الدفع بعملية التنمية والتطور الاقتصادي والتكنولوجي والانفتاح على العالم ثقافيًّا وفنيًّا. وهذه الورشة الطموحة تحتاج إلى بيئة إقليمية ملائمة، وتتطلب من دون أدنى شك إيجاد حلول للمشاكل ولبؤر التوتر على الصعيدين العربي والإقليمي، وبالأخص للتدخل الإيراني في شؤون العرب.

وفي هذا الإطار يندرج السعي السعودي لمعالجة أزمة سوريا التي ترزح تحت وصاية نظام الملالي. وفي حين يسلك التفاهم بشأن وقف الحرب في اليمن طريقه بشكل تدريجي ومتأنٍّ بعد أن استنزف الطرفين، يواجه الملف السوري صعوبات وتعقيدات متنوعة أولها إثبات حق الشعب السوري الذي انتفض لحريته وكرامته ودفع الثمن قتلاً وتشريداً ونزوحاً بمئات الآلاف، وثانيها الحفاظ على وحدة الدولة السورية المهددة بالتفكك جراء تنازع خمسة جيوش أجنبية وتقاسمها النفوذ على أراضيها. وهذان الشرطان لا يمكن تحقيقهما من دون العمل على حل سياسي شامل لا يمكن للنظام السوري إلّا أن يسلّم به وينخرط فيه، خاصة وأنّه لا يسيطر إلّا على نصف مساحة الأراضي السورية بدعم ومؤازرة القوات الروسية بعد أن قرّر فلاديمير بوتين في أيلول 2015 التدخل لإنقاذ الأسد من الانهيار.

وهذا ما تعيه الرياض جيّداً، لذلك انطلقت مبادرتها لمحاولة إعادة النظام السوري إلى الجامعة العربية، وتالياً إلى الحضن العربي، من الشرطين الأساسيين بالإضافة إلى شروط أخرى كإخراج الميليشيات من سوريا ومحاربة الإرهاب ووقف تصدير المخدرات. وكونها صاحبة المبادرة فقد حاولت تمهيد الطريق عبر دعوة وزير خارجية الأسد إلى السعودية لوضعه في أجواء المبادرة وشروطها، قبل انعقاد اجتماع دول مجلس التعاون الخليجي بالإضافة إلى مصر والعراق والأردن في جدة للتشاور إذ يبدو أنّ الأمور لم تنضج بعد، وليس لهذه الدول وجهات نظر واحدة تجاه مشكلة مفصلية يتوقف عليها مصير المنطقة ومستقبلها.

الأسئلة كثيرة ومتشعبة، بدءاً بمدى استعداد الأسد للتخلي عن الرعاية الإيرانية، ومدى التزامه بحل يفترض أنه ليس إلّا طرفاً فيه تتنافس طهران وموسكو على توجيهه. وهل يمكن للدول العربية أن تثق به إذ سبق وأن جرّبته في الماضي، سواء في لبنان أو في العراق أم في مسألة مكافحة الإرهاب… وهل الأسد صاحب قرار وقادر في الأساس على تقديم ضمانات في هذا الإطار؟ وإذا ما وافقت روسيا فهل ستقبل إيران، وماذا سيكون موقف تركيا؟ وهل إسرائيل التي تخوض حرباً بلا هوادة مع إيران وميليشياتها مستعدة لوقف غاراتها شبه اليومية؟ فيما روسيا تغض النظر، لا بل تسهّل ذلك أحيانًا لأنّها تريد إجبار الملالي على المغادرة والتفرد بالساحة السورية. وماذا عن الولايات المتحدة التي تقف ضد أيّ تعويم أو إعادة اعتبار لنظام الأسد وتحاصره بالعقوبات وبـ “قانون قيصر”، كما أنّها لا تنظر بعين الرضا إلى الاتفاق السعودي-الايراني. وهل العرب مستعدون للتطبيع مع الأسد قبل خروج إيران من سوريا، وقبل موافقته – وهذا الأهم – على الحل السياسي وإشراك المعارضة في السلطة كما ينص قرار مجلس الأمن 2254 الذي يتكلم عن مرحلة انتقالية يتم بعدها إعادة تكوين السلطة؟

كل هذه الأسئلة والإشكاليات ظهرت بوضوح في البيان الذي صدر صباح السبت 15 نيسان عن اجتماع جدّة الذي لم يحسم مسألة دعوة الأسد. فهل السعودية التي تدرك جيّداً كل هذه التعقيدات وعدم مصداقية الأسد تقصّدت ألّا تتحمّل وحدها المسؤولية بل أن يكون القرار جماعيًّا؟ ورغم ذلك هناك في لبنان من سارع وهلّل معتبراً أنّ عودة الأسد إلى الجامعة العربية أصبحت حتمية ممنّياً نفسه بعودة الوصاية والنفوذ السوري إلى لبنان!

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us