تحققت “نبوءة” حافظ الأسد: “شعبٌ واحد في بلدين”


أخبار بارزة, خاص 6 أيار, 2023
حافظ الأسد

كلفة النازح السوري في لبنان قرابة المئتي دولار شهريًا، فيما في أوروبا يكلّف قرابة الألفي يورو، لذا تفضِّل الدول الأوروبية أن تدفع في لبنان مئتي دولار شهريًا، على أن تدفع له ألفي يورو شهريًا لديها. وهذه المنظمات تستخدم الرشوات والإغراءات مع المجموعات اللبنانية من أجل أن “تشتري سكوتها”.


كتب جان الفغالي لـ “هنا لبنان”:

في نيسان من العام 2005، خرج الجيش السوري من لبنان. لم يكن عديده معروفًا عند خروجه، وفي الأساس فإنّ عدد الجنود العاديين لم يكن هوَ الأساس، وكان ثلاثين ألفًا، وفق الأرقام المعلنة، الأساس كان عديد المخابرات السورية في مراكزها الرئيسية سواء في عنجر أو في البوريفاج أو في شتورا أو في طرابلس أو في عكَّار، أو في تغلغلها بين الناس وفي القطاعات.

الوجود السوري في لبنان بدأ،”بصفةٍ شرعية”، إذا صحَّ التعبير، منذ خريف العام 1976، حين دخل تحت مسمَّى “قوات الردع العربية” التي تشكَّلت في معظمها من القوات السورية، على رغم اعتراض الرئيس المصري الراحل أنور السادات، لخشيته من تأثير سوريا على القرار اللبناني، وصحَّت خشيته لاحقًا.

الانسحاب السوري من بيروت وجبل لبنان جاء إثر الإجتياح الإسرائيلي في حزيران من العام 1982 والذي وصل إلى العاصمة بيروت. انكفأ الجيش السوري إلى البقاع ولم ينسحب تمامًا إلى الداخل السوري.

عودة الجيش السوري إلى بيروت كانت في منتصف الثمانينيات إثر “حرب العلمين”، بين حركة أمل والحزب التقدمي الإشتراكي، جاءت تلك العودة إثر مناشدات من قيادات بيروتية ومن نداءات استغاثة بأنّ “بيروت تحترق”. ظروف الأمر الواقع أعادت الجيش السوري إلى بيروت في ظلّ مرارةٍ وعجز من الشرعية اللبنانية.

العودة الثانية للجيش السوري إلى “كلّ لبنان” تمَّت في 13 تشرين 1990 إثر العملية العسكرية التي أطاحت العماد ميشال عون من قصر بعبدا، لتصبح الشرعية في يد الرئيس الراحل الياس الهراوي وقيادة الجيش في يد العماد إميل لحود.

الخروج الثاني، والنهائي، للجيش السوري كان في نيسان من العام 2005، بعد قرابة الشهرين على اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. عاش لبنان من دون وجود سوري في لبنان منذ أواخر نيسان من العام 2005 حتى أواخر العام 2011، إثر تحوُّل الثورة السورية إلى حرب في سوريا وبدء النزوح السوري إلى لبنان.

في عشرة أعوام تقريبًا، أو أكثر بقليل، أصبح في لبنان ما يقارب المليونين وربع مليون سوري، هذا العدد أخطر بكثير من الثلاثين ألفًا من الجيش السوري الذين كانوا في لبنان. عنصر الجيش السوري لم يكن يأتي مع عائلته، بل كان يُشكَّل إلى لبنان وعندما تنتهي مدة خدمته كان يعود إلى سوريا. اليوم الوضع مختلف تمامًا: من ثلاثين ألفاً إلى مليونين وربع مليون، في وجود عائلي من أب وأم وأولاد، ومن وجود في مقرات وثكنات إلى وجود في مخيمات ومنازل مستأجرة، وانخراط في المدارس والجامعات، ومنافسة لليد العاملة اللبنانية في كل المجالات.

في مختصر القول، وجود الجيش السوري في لبنان على مدى ثلاثين عامًا تقريبًا، ولفترات متقطعة، بين 1976 و2005 ، كان، وفق ما لخَّصه “منظِّر” هذا الوجود، نائب رئيس مجلس النواب السابق إيلي الفرزلي، “ضروري وشرعي ومؤقت”. اليوم المليونان وربع المليون نازح سوري في لبنان، في إقامة دائمة مع عائلاتهم وولاداتهم السنوية وطبابتهم المجانية والتعليم المجاني لأولادهم، فلماذا يعودون إلى سوريا؟ وهل يتوافر لهم في سوريا ما هو متوافر لهم في لبنان؟

المنظمات الدولية، ولا سيّما الأوروبية منها، تركِّز جهودها على إبقاء النازح السوري في لبنان، لئلّا ينتقل إلى أوروبا. كلفة النازح السوري في لبنان قرابة المئتي دولار شهريًا، فيما في أوروبا يكلّف قرابة الألفي يورو، لذا تفضِّل الدول الأوروبية أن تدفع في لبنان مئتي دولار شهريًا، على أن تدفع له ألفي يورو شهريًا لديها. وهذه المنظمات تستخدم الرشوات والإغراءات مع المجموعات اللبنانية من أجل أن “تشتري سكوتها”.

إذا بقيت أمور النازحين في لبنان على هذه الوتيرة، فليس مستبعدًا أن يصبح عدد النازحين السوريين في لبنان موازيًا لعدد اللبنانيين المقيمين، وهناك مَن لا يعترض على هذا الواقع، ولا يعترض على أن يأخذ السوري مكان اللبناني! ألم يقل الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد مقولته الشهيرة، ورددها أكثر من مرة: “شعب واحد في بلدين”؟

صحيح، هناك شعب سوري في لبنان وشعب سوري في سوريا، هكذا يكون هناك “شعبٌ واحد في بلدين”.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us