4 سنوات على رحيل بطريرك الاستقلال الثاني والسنديانة المقاومة…


أخبار بارزة, خاص 12 أيار, 2023
بطريرك

احتار أعداء لبنان من صلابته أمام الصعوبات، فلم يلِن، ولم يساوم، ولم يتراجع، ولم يستسلم، ولم ينكسر يوماً أمام التحدّيات والضغوط، تشبّث بإيمانه، ولطالما ردّد: “إثبتوا ولا تخافوا”

كتبت صونيا رزق لـ “هنا لبنان”:

12 أيار 2019… تاريخ رحيل بطريرك الاستقلال الثاني نصرالله صفير، الذي عاش كل متاعب الوطن، فشهد ولادة لبنان الكبير واستقلاله الأول، وحروبه المتنوعة وما رافقها من ويلات واحتلالات، وصولاً إلى الاستقلال الثاني، الذي ناضل بقوة من أجل تحقيقه، حتى حمل لقب بطريرك السيادة والسنديانة المقاومة، ليصبح اسمه عنواناً للكرامة والحرية.

محطات مصيرية متأرجحة رافقت حياته النضالية، من أجل لبنان وكرامة الإنسان. هذه الحقبات تطلبت وجود شخصية تاريخية لتقف في وجه المحتلين، فكان الصوت الصارخ المدافع عن الحق ضد التسلّط والظلم. فاستمرّ في نضاله السلمي حتى حقق ما يصبو إليه كلّ لبنانيّ مؤمن بوطن سيّد مستقل.

لا شك في أنه بطريرك استثنائي، جاهد من أجل الحق والقرار الحرّ، تصدّى بصمت عقلاني وبكلمات قليلة لكن معبّرة جداً، كانت كافية لإيصال الرسائل، وإطلاق الثورة السلمية التي حققت أهدافها بعيداً عن العنف.

احتضن المنابر الاستقلالية، فكان النداء الشهير لمجلس المطارنة الموارنة في بكركي بشهر أيلول من العام 2000، صرخة مدوية في الداخل والخارج، لاقت تأييداً شعبياً كبيراً، وتبع ذلك تأسيس لـ “لقاء قرنة شهوان” بدعم من الكنيسة في نيسان من العام 2001. وبعد أشهر معدودة بات البطريرك الأيقونة رمزاً للنضال المقاوم، إذ حقق المصالحة التاريخية في 3 آب من العام نفسه في الجبل، فجال على القرى والبلدات التي تهجّر منها المسيحيون خلال الحرب، داعياً إياهم للعودة إلى أرضهم وطيّ صفحة الماضي الأليم، وتكريس العيش المشترك قولاً وفعلاً مع الطوائف الأخرى. لكن وبعد أيام معدودة جرت حملة قمع واضطهاد واعتقالات، طاولت مئات الشباب المطالبين بخروج جيش الاحتلال السوري من لبنان، فكان ردّ البطريرك صفير حينها الصمود وعدم التراجع.

سنوات وسنوات من النضال باركها بطريرك السيادة ورافقها، فلم يتعب إلى حين بدأت الشرارة المباركة لانطلاق ثورة الاستقلال الثاني، والانتفاضة على الاحتلال إلى أن حصل الانفجار المدوي، وهو اغتيال رئيس الحكومة السابق الشهيد رفيق الحريري في 14 شباط 2005. فتوحّدت أكثرية الأحزاب اللبنانية تحت لواء قوى 14 آذار، التي أنتجت ثورة الأرز وانتفاضة الاستقلال في تاريخ 14 آذار من العام نفسه، وصولاً إلى نهاية حقبة الاحتلال السوري، على أثر الضغط الاميركي والفرنسي على سوريا، وحينها انقلبت كلّ المقاييس، لأن القسم الأكبر من اللبنانيين توّحدوا بمختلف طوائفهم، لإنهاء حقبة مؤلمة لا تنتسى من تاريخ لبنان، كان البطريرك صفير قائدها الروحي بكل تعقل ووعي وإدراك إلى أبعد الحدود.

انطلاقاً من هنا، احتار أعداء لبنان من صلابته أمام الصعوبات، فلم يلِن، ولم يساوم، ولم يتراجع، ولم يستسلم، ولم ينكسر يوماً أمام التحدّيات والضغوط، تشبّث بإيمانه، ولطالما ردّد: “إثبتوا ولا تخافوا”، كلمات خطّها البطريرك السادس والسبعون، فتباهى دائماً بتاريخ المسيحيّين: “إلتجأنا إلى المغاور والكهوف طوال مئات السنين، لنحفظ الإيمان وعبادة الله على طريقتنا، في هذه الجبال وعلى هذه الشواطئ، ولنحافظ على حريتنا”.

“لقد قلنا ما قلناه ولسنا بنادمين”، قد تكون هذه العبارة من أشهر كلمات البطريرك صفير، العبارة المشبّعة بالعنفوان الذي أعاده لنا حين افتقدناه لفترات، من هنا سنبقى نردّد “مجد لبنان أُعطي لسيّد بكركي”، وسيبقى هذا المجد يرافق كل أسياد ذلك الصرح.

اليوم وكل يوم نستذكر خسارتنا للصخرة والقامة الوطنية الدينية والإنسانية، لكن صدى كلماتها الصلبة باقية وستردّدها القلوب والضمائر.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us

Skip to toolbar