ما الجدوى من عودة لودريان بعد؟


أخبار بارزة, خاص 16 تموز, 2023
لودريان

قام رئيس التيار العوني جبران باسيل بشن هجوم عنيف على قائد الجيش مستبقاً احتمال عودة لودريان حاملاً معه خيار جوزف عون كمرشح تسوية بين الفريقين بغطاء اللجنة الخماسية. فما الجدوى إذاً من عودته إذا كان الفريق الممانع يقطع عليه الطرق كافة؟

كتب سعد كيوان لـ “هنا لبنان”:

لا شك أن مناسبة 14 تموز تشكل تاريخاً مهماً لفرنسا وللعالم الحر، ومحطة مفصلية في أساس وجود ومعنى الجمهورية الفرنسية القائمة على قيم الحرية والمساواة والأخوة. ومن حق الرئيس الفرنسي أن يحتفل بهذا العيد بفخر واعتزاز، وأن يكون ضيف شرف الاحتفال هذا العام رئيس حكومة الهند، الدولة الصاعدة سكانياً واقتصادياً والمتقدمة لمنافسة الصين. ولكن “عظمة” فرنسا كدولة كبرى منذ نحو قرن ونفوذها وهيبتها وباعها الطويل في لبنان (في ما مضى!) لن يسعفها في فكفكة الأحجية اللبنانية، التي يبدو أن مهمة جان إيف لودريان لن تقوى عليها هذه المرة أيضاً. والمفارقة تكمن في أن الدور الفرنسي بدأ يتراجع منذ عام 2006 بالتزامن مع صعود دور “حزب الله” وتنامي نفوذه منذ ما بعد اغتيال رفيق الحريري واضطرار الجيش السوري للانسحاب من لبنان.

وأول اختبار كان انتخاب رئيس للجمهورية خلفاً لإميل لحود الذي كانت قد مُدّدت ولايته بقرار من بشار الأسد خلافاً للدستور، وانتهت في خريف 2007. وتقدم حسن نصرالله لملء “الفراغ السوري” بدعمه ترشيح ميشال عون الذي كان قد عقد معه تحالف مار مخايل من أجل الوصول إلى الرئاسة. غادر لحود إلى منزله وطال الفراغ، فتقدمت فرنسا نيكولا ساركوزي الذي خلف جاك شيراك في الرئاسة، وراحت تحاول لعب دور الوسيط عبر وزير خارجيتها يومذاك برنار كوشنير الذي زار بيروت أكثر من مرة ومكث فترات مستفيداً من صداقاته، ومحاولاً إيجاد تسوية بين الأطراف لدرجة أنه تمكن من جمعهم على طاول حوار في سان كلو في تموز 2007 تمهيداً (أو استباقاً) للفراغ الرئاسي من دون نتيجة تذكر. وعند حدوث الفراغ الرئاسي في تشرين الثاني، تابع كوشنير مهمته لدرجة أنه تمكن من إقناع البطريرك الماروني نصرالله صفير بتقديم لائحة من خمسة اسماء لاختيار واحد منها للرئاسة – وهذه سابقة لم تحصل من قبل والأرجح أن صفير ندم عليها – ومع ذلك لم يتم أخذها بعين الاعتبار بدليل أن الاغتيالات استمرت وأنّ الامور راوحت مكانها إلى أن قام “حزب الله” بانقلاب 7 أيار وغزو بيروت. وكانت النتيجة مؤتمر الدوحة و”الثلث المعطل”…

أما الاختبار الثاني ففي نهاية 2014 عند انتهاء ولاية ميشال سليمان، يتكرر السيناريو بإصرار “حزب الله” على فرض عون ولجوئهما إلى تطيير النصاب، ويستمر الفراغ الرئاسي سنتين ونصف السنة رغم قيام فرنسا مجدداً بالتوسط بين الفريقين، مرجحة سليمان فرنجية على عون ضمن الفريق الممانع، بعد أن دعم ترشيحه سعد الحريري لدرجة أن الرئيس الفرنسي يومها فرنسوا هولاند ذهب إلى حد الاتصال شخصياً بفرنجيه لتزكية ترشيحه. غير أن “حزب الله” أكد مرة أخرى أنه هو صاحب القرار وليس باريس مصراً على عون.

واليوم نحن أمام الاختبار الثالث، الذي يترنح على ضوء كلام نصرالله الأخير بأن مرشحه وضمانته هو فرنجية، وأنه مستعد للحوار انطلاقاً من هذا الترشيح حول المواصفات والضمانات. علماً أن باريس كانت تدعم بقوة خيار ترشيح فرنجية واضطرت إلى تعديل موقفها بعد المهمة الاستطلاعية التي قام بها الموفد الرئاسي، على أمل أن يعود ساعياً إلى جمع كل الأطراف مجدداً حول طاولة حوار لإخراج تسوية لن تكون بطبيعة الحال على اسم فرنجية. وقد حرص زعيم “حزب الله” أن يكون واضحاً وصريحاً في تمسكه بترشيح فرنجية، نافياً أي استعداد أو نية لدى حزبه لتعديل “اتفاق الطائف” أو تغيير النظام أو طرح المثالثة لدرجة القول أنه لا يريد شيئاً من السلطة سوى رئيس يثق به ويحمي ظهره. ولكن إذا كان نصر الله هو من يقرر من يكون الرئيس، وإذا كانت أي حكومة لا يمكنها اتخاذ أي قرار أو حتى مجرد الاجتماع إذا لم يوافق “حزب الله” كما هو حاصل الآن، فلماذا يسعى نصرالله لتغيير النظام أو تعديله؟

في المقابل، قام رئيس التيار العوني جبران باسيل بشن هجوم عنيف على قائد الجيش مستبقاً احتمال عودة لودريان حاملاً معه خيار جوزف عون كمرشح تسوية بين الفريقين بغطاء اللجنة الخماسية. فما الجدوى إذاً من عودته إذا كان الفريق الممانع يقطع عليه الطرق كافة؟

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us