مأزق الثنائي والنفاق في ملف النازحين


أخبار بارزة, خاص 23 تموز, 2023

المؤسف والفاضح في آن أنهم يعرفون جيداً أن من يتنافسون على نيل ثقته، أي الأسد، لا يريد إعادة النازحين، أو يريدهم وسيلة ابتزاز لكل العرب من أجل التفاوض على كسر العقوبات والحصول على أموال لإعادة الإعمار!

كتب سعد كيوان لـ “هنا لبنان”:

أتى وقع بيان اللجنة الخماسية العربية- الدولية في اجتماعها الأخير في الدوحة بشأن لبنان، بمثابة صب المياه الباردة على الدعوات الصاخبة إلى الحوار التي يتلطى وراءها الثنائي الشيعي منذ أشهر هرباً من تطبيق الدستور والاحتكام إلى المؤسسات الديموقراطية.

فلم تأتِ الدول الخمس (فرنسا وأميركا والسعودية ومصر وقطر) على ذكر الحوار لا في لبنان ولا في الخارج، ودعت إلى انتخاب الرئيس تحت قبة البرلمان مهدِّدة بفرض عقوبات على من يعرقل العملية الانتخابية.

وكان رئيس مجلس النواب وأحد ركني الثنائي نبيه بري، قد تهرب في جلسة 14 حزيران الماضي من عقد دورة ثانية لانتخاب الرئيس بحسب ما يقتضيه الدستور بحجة فقدان النصاب بعد أن حصل مرشح الفريق الآخر جهاد أزعور على أصوات أكثر من مرشح الثنائي سليمان فرنجية. كما أكد البيان على ضرورة الالتزام بوثيقة الوفاق الوطني (“الطائف”) وتنفيد قرارات مجلس الأمن الدولي، وكذلك تنفيد الإصلاحات الاقتصادية “التي لا مفرّ منها” والحاجة إلى إصلاح قضائي وتطبيق سيادة القانون لا سيما ما يتعلق بالتحقيق في انفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020.

وهذا البيان الذي شكّل نعياً للمبادرة الفرنسية وصعّب مهمة جان-لوي لودريان، تبنّى أيضاً كلّ ما لا يريده أو يسعى للالتفاف عليه فريق الثنائي الممانع. وهذا ما بدد أي أمل بانتخاب رئيس في المدى المنظور، إلا أنه عمق مأزق الثنائي الذي بات الأفق مسدوداً أمامه من الخارج والداخل.. وهنا انبرى بري ساعياً لفتح خطوط التواصل بإعلانه موقفاً منفتحاً على ترشيح قائد الجيش جوزف عون. أما أمين عام “حزب الله” حسن نصرالله فأظهر في خطابه الأخير انفتاحاً في الشكل مكرّراً دعوته إلى الحوار ومطمئناً بنفيه أي نية للخروج على “الطائف” أو أي تعديل في النظام، مقابل إعلان تمسكه وإصراره على “الشخص الضمانة” فرنجية!

فهل يراهن على النظام الإيراني إقليمياً وعلى عودة باسيل إلى بيت الطاعة داخلياً؟

أمام هذا المأزق مارس الفريق الممانع عملية هروب إلى الأمام بتبنيه فجأة قضية النازحين السوريين في لبنان، الذين تحولوا مع الأسف بعد اثنتي عشرة سنة من الأزمة السورية لثقل اقتصادي واجتماعي وأمني ولوجستي وباتوا يشكلون نحو ثلث سكان لبنان. وهبّ سياسيون ووزراء ومسؤولون وإعلاميون من الفريق الممانع هبة واحدة يطالبون بعودة النازحين إلى بلدهم وبأسرع وقت، ويلجأون إلى أكثر الخطابات والأساليب عنصرية وشعبوية وانتهازية من أجل شن حملة تحريض وتعبئة ضد النازحين، وتحميل المسؤولية للمجتمع الدولي والأوروبي تحديداً الذي يمول إقامتهم في لبنان وبلدان اللجوء الأخرى. علماً أنه خلال كل هذه السنين التي شهد لبنان فيها تدفقاً للنازحين بفعل قمع وبطش النظام السوري كانت السلطة في يد الفريق الممانع منذ بداية الثورة السورية عبر حكومة نجيب ميقاتي التي كانت تضم أحزاب 8 آذار والتيار العوني منذ 2011 لغاية 2014 ثم في السلطة مع الفريق الآخر في حكومة تمام سلام بين عامي 2014 و2016 ثم حكومتي “وحدة وطنية” بين 2017 و2020، ثم مجدداً حكومة ممانعة برئاسة حسان دياب بين عامي 2020 و2022، وأخيراً الحكومة الحالية برئاسة ميقاتي مجدداً. ما يعني عملياً أن فريق الثنائي كان يسيطر على القرار خلال تسع سنوات من أصل اثنتي عشرة سنة، وكان فيها رئيس التيار العوني وزيراً للخارجية على مدى ست سنوات، ومع ذلك لم تقم الحكومات المتعاقبة بأي معالجة جدية للظاهرة، ولم توضع أي خطة جدية وعلمية مدروسة لذلك، ولم يتم أي بحث جدي مع الاتحاد الأوروبي ولا حتى محاولة الضغط عليه لإيجاد حلول منطقية وإنسانية توفر ضمانات لعودة آمنة للنازحين. وقد انتظر الممانعون البيان الذي صدر مؤخراً عن البرلمان الأوروبي بخصوص أزمة لبنان، ويتناول في بند واحد من بنوده الخمسة عشر مسألة النزوح لكي يشنوا حملة عليه ويتهمونه بالعمل على توطينهم في لبنان.

ولكن المؤسف والفاضح في آن أنهم يعرفون جيداً أن من يتنافسون على نيل ثقته، أي الأسد، لا يريد إعادة النازحين، أو يريدهم وسيلة ابتزاز لكل العرب من أجل التفاوض على كسر العقوبات والحصول على أموال لإعادة الإعمار!

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us