ماذا لو طالب النازحون السوريون بـ “الأمن الذاتي”؟


أخبار بارزة, خاص 7 تشرين الأول, 2023

من خلال أعمال الدهم لمخيمات النازحين، والتي يقوم بها الجيش اللبناني، تبيَّن أن هناك أسلحة خفيفة نوعية في حوزة النازحين السوريين، هنا يُطرَح السؤال: ماذا يفعل السلاح بين أيدي النازحين السوريين؟ ولأي وظيفة وهدف؟ وما هي الجدوى منه؟

كتب جان الفغالي لـ “هنا لبنان”:

لعل لبنان من أكثر الدول التي يعيد فيها التاريخ نفسه، مرة على شكل ملهاة، ومرة على شكل مأساة. فبين الأزمات التي عاشها لبنان منذ أكثر من نصف قرن بسبب الاحتكاكات بين الجيش اللبناني والفلسطينيين، وبين اللبنانيين والفلسطينيين، وبين الأزمات التي يعيشها اليوم، بسبب الاحتكاكات المتنقلة في أكثر من منطقة وبلدة، بين اللبنانيين والنازحين السوريين، يُخشى أن يكون لبنان قد بدأ يتدحرج نحو هوة سحيقة لا يكون بالإمكان الصعود منها بسهولة.
في أواخر ستينيات القرن الماضي، انتقل اللاجئون الفلسطينيون إلى مرحلة التسلح، كانت السلطة اللبنانية ضعيفة، قبلت بشروط الفلسطينيين فكان تشريع سلاحهم وخط تحركهم من بيروت إلى الجنوب، وتم تشريع هذا الواقع من خلال “اتفاق القاهرة” الذي أفقد الدولة اللبنانية جزءًا من سيادتها، ولما شعر اللبنانيون أنّ هناك “جيشًا فلسطينيًا” على أرضهم، بادروا إلى التسلّح، استمر الاحتقان من العام 1969 إلى العام 1975، مروراً بالعام 1973 إلى أن انفجر فكانت بداية “حرب السنتين” التي لم تنتهِ إلا بعد خمسة عشر عامًا بتوقيع اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب.
من خلال أعمال الدهم لمخيمات النازحين، والتي يقوم بها الجيش اللبناني، تبيَّن أن هناك أسلحة خفيفة نوعية في حوزة النازحين السوريين، هنا يُطرَح السؤال: ماذا يفعل السلاح بين أيدي النازحين السوريين؟ ولأي وظيفة وهدف؟ وما هي الجدوى منه؟
يُخشى أنه إذا استمر الوضع على ما هو عليه، أن يصل النازحون السوريون إلى المطالبة بـ “أمن ذاتي” لحماية أنفسهم ومصالحهم. قد يستغرب البعض هذا السيناريو المحتمل، لكن ألسنا في لبنان حيث من المحتمل أن يحصل أي شيء؟ وهنا يُطرَح السؤال: من أين جاؤوا بالأسلحة؟ مَن يموِّلهم؟ فإذا كان تمويلًا ذاتيًا، فمن أين لديهم المال، وهم ينتظرون آخر كل شهر ليقبض كل منهم من المنظمات الدولية، أما إذا كان على شكلِ هِبات أو مساعدات، فمَن يهبهم السلاح؟ ولأي غاية؟
إن الجيل اللبناني الذي عايش مرحلة السلاح الفلسطيني في سبعينيات القرن الماضي، بدأت تتفتح في ذاكرته كوابيس تلك الحقبة السوداء التي دفع فيها اللبناني أثمانًا باهظة والتي تشوهت فيها القضية الفلسطينية من جراء أداء بعض فصائلها، لكن في نهاية المطاف دفع الفلسطينيون الثمن، من دون تمييز بين هذا الفصيل أو ذاك، كما دفع كل اللبنانيين الثمن من دون تمييز بين هذا المكوِّن أو ذاك وبين هذا الحزب أو ذاك.
ما وصل إليه الوضع بين اللبنانيين والسوريين، شبيه بالوضع الذي كان سائدًا بين اللبنانيين والفلسطينيين، ولم تنتهِ الأزمة آنذاك إلا بتوقيع اتفاق القاهرة الذي كان المعول الأول الذي بدأ يهدم السيادة اللبنانية، فهل يصل البلد إلى هذه المرحلة، ولكن مع السوريين هذه المرة؟
لبنان بلد الاحتمالات المحققة.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us