رسمياً: نصرالله يدير المعركة


أخبار بارزة, خاص 23 تشرين الأول, 2023

يبقى الأهم دوماً هو مصير لبنان الذي لا يختزله “الحزب”، إذ لا يستطيع مهما قدم من مسوّغات، أن يقول أنّه يمتلك الحق في الذهاب إلى حرب يرفضها اللبنانيون بأغلبيتهم الساحقة.

كتب أحمد عياش لـ “هنا لبنان”:

أيًّا تكن الأسباب التي جعلت الأمين العام لـ “حزب الله” حسن نصرالله لا يطلّ مباشرة ليحدد موقف حزب من الحرب التي تدور على الحدود الجنوبية، إلّا أنه رسمياً بدءاً من يوم أمس هو “في قلب المعركة”. ما يعطي هذه الواقعة بعدها “الرسمي” أن من تولى إعلانها هو النائب حسن فضل الله عضو كتلة نواب “الحزب” في البرلمان. ويأتي ما صرّح به النائب فضل الله بعد دخول حرب غزة أسبوعها الثالث. وكان مثيراً للتساؤل، أنه لم يبق أحد في العالم تقريباً لم يتحدث مباشرة عن الحرب، بينما بقيَ نصرالله صامتاً. لكن وبعد تصريح النائب فضل الله، صارت المعادلة واضحة: هناك معركة تدور في جنوب لبنان، ونصرالله من يقودها.

من الأسئلة التي لا يمكن وضعها جانباً الآن، هو: هل من فارق بين “المعركة” وبين “الحرب”؟

على ما يبدو أن الجواب على هذا السؤال يتوقف على الكثير من التطورات راهناً ومستقبلاً. فمن المعلوم، أنّ “المعركة” هي جزء من “الحرب”. ما يعني أنّ “معركة” واحدة لا تعني “حرباً”. وبالتالي، فإنّ ما يجري في الجنوب لم يصل بعد إلى مرتبة الحرب كالتي تدور في غزة حالياً، أو كتلك الحرب التي دارت عام 2006 في لبنان بين إسرائيل و”حزب الله”.

أما متى يتطور الموقف الحالي في الجنوب إلى حرب تشمل كل لبنان، فهو مرتبط بما يراه “الحزب” شرطاً يتصل بما سيحصل في غزة. وهذا ما صرّح به نائب الأمين العام لـ ” الحزب” الشيخ نعيم قاسم، ثم صرّح بعده النائب فضل الله. وفي كلا التصريحين، يعتبر “الحزب” أن دخوله الحرب كما هي في غزة، مرتبط بعدم بلوغ الموقف في القطاع الفلسطيني مرحلة تؤدي إلى زوال حركة “حماس”. أما إذا ما بلغ الهجوم الإسرائيلي مرحلة إنهاء “الحركة” ة، معنى ذلك، أنّ “الحزب” صار في حلّ من إبقاء المواجهات في جنوب لبنان في إطارها الحالي.

ربما من السابق لأوانه الذهاب إلى تقديم الأجوبة النهائية، أقله في ما يتعلق بالصراع الناشب بين “حماس” وإسرائيل. لكن يمكن القول بلا تردد، أنّ الهدف النهائي لإسرائيل هو تصفية “حماس”، أيًّا يكن طول المدة التي سيستغرقها هذا الصراع أو كلفته. ولا بدّ من الأخذ بالاعتبار أنّ التغطية الغربية عموماً والأميركية خصوصاً، أصبحت ناجزة لمصلحة إسرائيل في صراعها مع “حماس”.

من الاحتمالات التي يجب عدم إغفالها في لبنان، واحد يسأل: ماذا سيفعل “حزب الله” لو انتهت “حماس”؟ الجواب حتى هذه اللحظة، كما سيقول “الحزب” هو الذهاب إلى الحرب التي تلوح منذ الآن أهوالها على هذا البلد. وفي عددها الأخير، ذكرت مجلة “الايكونوميست” البريطانية، أنّ حاملتي الطائرات الأمريكيتين اللتيّن أصبحتا قرب شواطئنا، لن تبقيا متفرجتين إذا ما انخرط “الحزب” في الحرب. ولم تتردد المجلة في الدعوة إلى أن تشارك هاتين المدينتين العسكريتين العائمتين في ضرب “الحزب” وإيران على حدٍّ سواء.

لا أحد يقلّل من إمكانات “الحزب” ومن امكانات “حماس” على السواء. فهذان التنظيمان، ولا سيما “الحزب” امتلكا قدرات قتالية مشهوداً لها بعد عقود من التحضير. وهذا ما تدلّ عليه عملية “طوفان الأقصى” التي تمّت في السابع من الشهر الجاري. وفي انتظار مآل الأمور في غزة، يجب الاستعداد الآن لمرحلة تعيد ما جرى بعد 11 أيلول 2001 في الولايات المتحدة الأميركية والتي اندفعت إلى تغيير ساحق في الشرق: أوّلاً في أفغانستان ثم في العراق.

ويبقى الأهم دوماً هو مصير لبنان الذي لا يختزله “حزب الله”، سواء أنطق بلسان أمينه العام النائب فضل الله أو الشيخ قاسم. لا يستطيع “الحزب” مهما قدم من مسوّغات، أن يقول أنّه يمتلك الحق في الذهاب إلى حرب يرفضها اللبنانيون بأغلبيتهم الساحقة. ومن هنا، كما تبدو غريبة حالة “الاطمئنان” التي يعيشها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، من أن لبنان لن ينزلق إلى الحرب. فعلى ماذا يستند ميقاتي في اطمئنانه؟

من المفارقات التي تثير الاستغراب من السلوك الرسمي ما حصل مع الاتصال الذي أجراه وزير خارجية الولايات المتحدة الأميركية أنتوني بلينكن بالرئيس ميقاتي. وبحسب الإعلام الرسمي يخيل لوهلة أنّ “قلب بلينكن” على لبنان الصامت على انفراد “حزب الله” في قرار الحرب والسلم. ففي النبأ الرسمي حول هذا الاتصال جاء: “أعلنت وزارة الخارجية الأميركية إن الوزير أنتوني بلينكن اتصل  برئيس الحكومة نجيب ميقاتي. وأشار (بلينكن) إلى القلق المتزايد بشأن التوترات المتصاعدة على الحدود الجنوبية للبنان. وأكد بلينكن أيضاً دعم الولايات المتحدة للشعب اللبناني”.

في المقابل، وفي البيان الذي أصدرته وزارة الخارجية الأميركية ورد الاتي: “أكد الوزير مجدّداً على أهمية احترام مصالح الشعب اللبناني، الذي سيتأثّر بانجرار لبنان إلى الصراع. وأعرب بلينكن عن تعازيه لعائلات المدنيين اللبنانيين الذين فقدوا أرواحهم بشكل مأساوي نتيجة للنزاع، وشدد على استمرار دعم الولايات المتحدة للقوات المسلحة اللبنانية وقوى الأمن الداخلي، الضامنين الشرعيين الوحيدين لاستقرار لبنان وسلامة أراضيه” .

عجباً من سلطة لبنانية تريد أن تخفي كلاماً من هذا النوع، ورد على لسان وزير خارجية الدولة الأولى في العالم!

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us