ما بعد بعد… غزّة


أخبار بارزة, خاص 30 تشرين الأول, 2023

انطلاقاً من هذه القراءة لموازين القوى، يصبح الحديث عن “ما بعد بعد غزّة” وكأنّه حديث صورتُه قاتمة، فما بعد بعد غزة ليس لمصلحة حماس، فهل ستستطيع تحمّله؟

كتب جان الفغالي لـ “هنا لبنان”:

بعد أربعة وعشرين يومًا على حرب غزة أو ما بات يُعرف بـ “طوفان الأقصى“، يبدو، وللأسف، أنّ هذا الطوفان أغرق غزَّة، قبل أن يُغرق إسرائيل، وهذا الكلام لا يحاكي المزايدة التي تنطلق من هنا وهناك والتي تصف كل شيء يحصل بأنه “انتصار”، إلى درجة أنه لم يعد هناك من تعريف واضح للانتصار ومن تعريف واضح للهزيمة.
لفهم الأمور، لا بد من العودة إلى البدايات، إلى السابع من هذا الشهر، بدء عملية “طوفان الأقصى”. أمطرت حركة حماس اسرائيل بآلاف الصواريخ، حُكي عن خمسة آلاف صاروخ، واخترقت الشريط الذي يفصل بين غزة وما يسمَّى “غلاف غزة”، وضجَّت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بشارات النصر من غزة إلى جنوب لبنان إلى العراق إلى سوريا إلى اليمن.
لم تمضِ ثمانٌ وأربعون ساعة، حتى بدأ المشهد ينقلب، “انسحبت” حماس من غلاف غزة، بدا شيئًا فشيئًا أنّ إسرائيل استردت المبادرة، من محاولة حماس فك الحصار، عبر خرق الشريط، إلى وقوع غزة في الحصار مجددًا، معبر رفح الذي هو المتنفس الوحيد للغزوايين، تمّ ضربه ولم يعد صالحًا، ثم أعيد إصلاحه لأدخال المساعدات التي لا يدخل منها إلّا النذر اليسير، بدأ الحديث عن مقايضة “أسرى في مقابل مساعدات” لكن هذه المقايضة لم تبلغ خواتيمها الإيجابية، ثبُت أنّ هناك قرارًا اسرائيليًا بإنهاء الحالة العسكرية والبنية الأرضية لحركة حماس، واستغلت إسرائيل صور الأيام الأولى للعملية وللقتلى المدنيين، ونجحت في تصوير ما حدث، لدى الغرب، على أنّه محاكاة لعملية 11 أيلول، فكان بمثابة 11 أيلول ثانية، ومعروف كم تشكل عملية 11 أيلول من ذكرى مؤلمة لدى الغرب، وكيف أنّ الولايات المتحدة الأميركية لاحقت زعيم القاعدة أسامة بن لادن إلى أن اغتالته بعد عدة سنوات على العملية.
السؤال الكبير اليوم: ماذا بعد غزة؟ أو “ما بعد بعد غزة”؟ يمكن الحديث عن ثلاثة أنواع من الموازين:
موازين القوى الديبلوماسية، وهي شبه متكافئة، وهناك سباق بين إسرائيل وحركة حماس على استمالة، العواصم المؤثرة .
موازين قوى “الرأي العام” تبدو راجحة لمصلحة الفلسطينيين وليس حصرًا لمصلحة حماس، ويجدر التذكير بأنّ رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس كان أول، وأبرز، من اعتبر أنّ حماس لا تمثِّل الفلسطينيين.
موازين القوى العسكرية هي لمصلحة اسرائيل سواء لجهة كثافة النيران أو لجهة السيطرة على الأجواء، فوق غزة أو فوق جنوب لبنان.
انطلاقًا من هذه القراءة لموازين القوى، يصبح الحديث عن “ما بعد بعد غزة” وكأنه حديث صورتُه قاتمة، فما بعد بعد غزة ليس لمصلحة حماس التي يبدو أنّ ثمن البقاء في القطاع سيكون مكلفًا جدًا، فهل ستستطيع تحمله؟
كل المعطيات تشير إلى أنّ الطرفين، إسرائيل وحركة حماس، لا يستطيعان العودة إلى الوراء، إسرائيل تريد مكسبًا وإلّا لن توقف الحرب، وحماس تريد بدورها مكسبًا وإلّا لن توقف الحرب. وبين التمسك بالمكاسب تحت طائلة استمرار الحرب، يبدو أنّ خط النهاية لم يقترب بعد.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us