لماذا “فيروز”؟!
فيروز البعيدة عن الاستهلاك. هي فيروز التي نقدّسها، فإن خرجت وشرّعت أبوابها تحوّلت لرقم، وفيروز لا تنخرط ولغة الأرقام.
كتبت نسرين مرعب لـ”هنا لبنان”:
في كلّ مناسبة، يتجدّد السجال حول فيروز، بين فريق يرى بها “أيقونة” وبين من يرى في تقديسها مبالغة، وفي تخفيها خلف ستار لا تصل إليه عدسات وسائل الإعلام، فوقية وبروباغندا.
غير أنّ فيروز، بغموضها، برقيها، بعدم انغماسها بعالم السوشيل ميديا، بغيابها اللطيف، ترسّخ في أذهان محبيها صورة الأيقونة.
هي ليست فقط صوتاً يطرب عشاقها، فيثملون بأرشيفها حتى يرتقون إلى عالم آخر، مليء بالمشاعر، بالأحلام، بالجمال، وإنّما هي النقيض لكل ما يريد البعض أن نطبع معه.
فيروز بوجهها البعيد عن مساحيق التجميل، وعن مباضع الأطباء، وإبر البوتوكس والفيلر، بشعرها الهادئ المنسدل بصمت، بأزيائها المتّسمة بتصاميم تشبهها وتشبه ذاكرتنا، تمثّل الحنين.
في صوت فيروز، كما في ملامحها، ذكريات حقيقية، وجه من ماضي لبنان لم تعصف به الأزمات، ولم تبدلّه “الموضة”، ولم ينجرف بموجة نجوم “الترند”.
فيروز التي سكنت صباحاتنا منذ الطفولة، لا تحتاج لأن تخلق الحدث.. ببساطة هي خلقت كي تكون هي الحدث.
محبّو فيروز، حاولوا مراراً اختراق “الهالة”، فاجتمعوا في أكثر من مناسبة أمام منزلها، علّ جارة القمر تخرج إليهم، تصافحهم، ترسل إليهم قبلاتها.
ولكن هذا لم يحصل، فباب المنزل لم يفتح، والستائر لم ترفع، وبعد فشل المحاولات كانت تتعرّض لهجوم، وانتقادات، واتهامات بالفوقية.
غير أنّ الواقع مختلف، فهذه هي فيروز دون “فوتوشوب”، هكذا رسمت شخصيتها ونضجت، وفي العزلة وجدت ذاتها.
ربما لا تجيد الأيقونة، الغرق في المجاملات، ربما ينهكها توزيع الابتسامات، ولكن هذا لا يعني أنّها لا تقدّر جمهورها، أو أنّ الواقفين خلف أبوابها لا يتخذون مكانة في قلبها، غير أنّ بابها هو هويتها، إن فتحته.. لن تكون فيروز التي نعرفها!
وهنا لا بد أن نسأل، ألا يحق لفيروز أن تستكين كما تشاء؟ ألا يحق لها أن تفرض هدوءها وتنعم به بسلام؟ ألا يحق لخصوصيتها أن تبقى ذات قدسية بعيداً عن الضوضاء..
طبعاً يحق..
يحق لـ”جارة القمر”، أن تبقى مخفية بين الأضواء، وأن تتسرّب إلينا بصوتها، وأن تتراءى لنا بأشرطة مسرحياتها القديمة.
يحق لها، أن تكرّس 12 عاماً من الاختفاء، طالما ليس بجعبتها ما يليق ومسيرتها، وتاريخها.
فيروز البعيدة عن الاستهلاك. هي فيروز التي نقدّسها، فإن خرجت وشرّعت أبوابها تحوّلت لرقم، وفيروز لا تنخرط ولغة الأرقام.
مواضيع مماثلة للكاتب:
 بعد جريصاتي.. حكومة “المستشارين” تقامر بمصير المودعين! |  التخوين والشيطنة.. أدوات تسبق الاغتيال! |  الأجهزة الأمنية انتصرت في “رأس السنة”.. “رصاص الموت” تراجع |
