استقلال لبنان.. مسيرة نضال وشعورٌ يتكرّس بمحطة تاريخيّة!


خاص 22 تشرين الثانى, 2023

بين العيش باستقلالٍ حقيقيّ والعيش باستقلالٍ وهميّ، هل يعيش لبنان اليوم نفس سيناريو ما قبل الإستقلال في ظلّ غياب رئيس للجمهوريّة وتفشّي المطامع الخارجيّة؟

كتب أنطوني الغبيرة لـ”هنا لبنان”:

لم يختلف العيد هذا العام عن العام الفائت، فقد أتى أيضاً منقوصاً. النقص ليس فقط بسبب الشغور الرئاسي المُترافق مع الأزمة السياسيّة والإقتصاديّة، بل أيضاً بسبب غياب الحلول العمليّة واللوجستيّة لدولةٍ تتغنّى بالديمقراطية وقد تناست أبسط حقوق شعبها!
وبين العيش باستقلالٍ حقيقيّ والعيش باستقلالٍ وهميّ، هل يعيش لبنان اليوم نفس سيناريو ما قبل الإستقلال في ظلّ غياب رئيس للجمهوريّة وتفشّي المطامع الخارجيّة؟

اعتبر الخبير في فنّ القيادة السياسية والسلوك البشري ميشال الدكاش في حديثه لـ “هنا لبنان” أنّ “الإستقلال شعور حرّيّة يُتَوَّج بحدث وليس العكس” وفكرة الإستقلال من الناحية السيكولوجية السياسية مرتبطة بحرّيّة الشعب الذي يسعى إلى الرفاهية والعيش الكريم، وهذا ما نفتقده في لبنان! فرغم زوال الإنتداب الفرنسي آنذاك ما زلنا نناضل لنعيش قناعاتنا ومبادئنا بحرية في هذا البلد المتعدد.
مُردفاً: “بعد ثمانين عاماً من الإستقلال، فإنّ المكوّنات المجتمعيّة للنسيج اللبناني اليوم أصبحت حاضرة على الساحة السياسية اللبنانيّة بكلّ قواها وتعدد ثقافاتها. وهذا ما افتقدته صيغة الـ 1943 الثنائية الإقصائية مع الرئيسين بشارة الخوري ورياض الصلح. نحن اليوم عرضة لأن يعيد التاريخ نفسه إن لم تتصارح المكوّنات اللبنانية كافّة مع بعضها البعض للإتفاق على أي لبنان تريد.
أمّا عن العوائق التي تشوب إنتخاب رئيس للجمهورية في العام 2023، أوضح الدكّاش أنها أكبر وأعمق ممّا كانت عليه قبل إنتخاب الرئيس بشارة الخوري؛ في ظلّ عدم إحترام الدستور ولا المهل الدستورية ناهيك عن أنّ القيادات الحاليّة بأغلبيتها ليست على قدر التحدّيات. فلبنان اليوم يفتقد لرجالات دولة يحتكمون للدستور والقيم اللبنانية وحريّة الضمير، وبرز فيه سياسيّو الفرص الآنيّة الذين يجرّون لبنان إلى الهاوية خدمةً لمصالحهم الخاصة؛ ضاربين عرض الحائط الظروف الصعبة والمفترق التاريخي الذي يمرّ به لبنان.
وعن دور المكونات السياسية الداخلية بالإستقلال، لاحظ الدكّاش خوف المكونات اللبنانية المتعددة من بعضها البعض وفشل إدارتهم لهذه التعدّدية ناهيك عن تفرُّد مكوّن واحد في قرار الحرب والسّلم تحت عناوين عابرة للحدود وخلافاً لمبدأ السيادة وهذا ما ينعكس في شكل نظامنا السياسي المركزي – المقتبس عن النظام الفرنسي – ولا يشبه شكل مكوّناتنا المتعدّدة الحاضنة للتنوّع. إضافةً إلى ذلك يأتي الحياد كضرورة لإدارة هذه التعددية إذ أنه يرفع “حيطنا الواطي” بين جيراننا ويجنّبنا الانخراط في أي “حفلة” خارج سورنا السيادي لأي سبب كان. لبنان التعددي الحاضن للتنوّع هو قضيّتنا أولاً وأخيراً.
بحسب الدكاش، الشعوب تُقاد ولا تُستفتى! فالشعب ينتفض مرّة واحدة إذا كان بلا قيادة كما جرى في العام 2019 بينما الشعوب مع قادة تنتفض عدّة مرّات كلما دعت الحاجة. في لبنان أسفرت النتيجة عن خيبات أملٍ متعددة لذلك لا نرى إنتفاضة شعبيّة اليوم مع غياب الرؤية والأفق خاصة عند الشباب الذين يشكلون عصب الثورات، فالقيادات بأغلبيتها لم تكن على قدر التحديات ولم تستطع استشراف المستقبل القريب في ظل انعدام عنصر القيادة على كافة المستويات.
أمّا اليوم، وبعد النكبات التي مرّ بها لبنان واضمحلال الدولة شيئاً فشيئاً وصلنا إلى نقطة اللّاعودة إذ على كافّة المكوّنات اللبنانية أن تبادر وتجد الظروف المناسبة للمصارحة التاريخيّة ووضع حد لهذا النزيف السياسي المزمن نهائياً. فلبنان بوضعه الحالي لا يقبل الترقيع ولا المسايرة، فلنتصارح بكل محبّة بعيداً عن التملُّق والعنتريات لبناء لبنان الحديث والمستدام الذي يشبه قيمنا اللبنانية.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us