انقلاب في العراق


خاص 22 تشرين الثانى, 2023

بدأت إيران المرحلة الثانية من التصفية، كل ما بناه رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي من دور وموقع يتم تصفيته، لكن اللعب هذه المرة، عاد ليطال تركيبة العراق الحساسة، وهذا ما تتقن إيران توظيفه، في كل مرة تحتاج إلى إشعال النيران، من العراق لتطال المنطقة

كتب أسعد بشارة لـ “هنا لبنان”:

في العراق تطورات سريعة توحي كأنَ هناك انقلاباً هادئاً يحصل، على وقع الحرب في غزة وبالتزامن مع قيام إيران بالتمدد في مفاصل الدولة، بطريقة تلغي كل أصحاب المواقع التي التبس دورها في المرحلة الماضية، بما يفسر على أنه محاولة لخلق دور متوازن للبلد الواقع تحت وصاية إيران والحشد الحليف. فقد حدثت إقالات لضباط أساسيين، تشك إيران بولائهم الكامل، يتم إقصاؤهم لمصلحة دولة الحشد.
أما في التركيبة الحاكمة، فيجدر الانتباه إلى حدث مر وله دلالاته. محمد الحلبوسي رئيس مجلس النواب العراقي، والشريك في تشكيل الحكومة، والذي يؤمن جزءاً كبيراً من الغطاء السني للنظام، عزلته المحكمة الاتحادية “بشخطة توقيع” قيل أنه زوره لأحد نواب كتلته.
هذا النائب، ادعى أمام المحكمة الاتحادية، وبسرعة البرق، وخلافاً لمهام المحكمة المناط بها حصراً، تفسير مواد الدستور، أصدرت المحكمة قرارها متجاوزة صلاحيات القضاء، الذي يفترض أن يقرر ويدقق بصحة التوقيع أو عدم صحته.
يقوم رؤساء الكتل والأحزاب في العراق، بإلزام النواب المنتخبين على قوائمهم، بالتوقيع “تحت الطلب” على استقالاتهم بمفعول مستقبلي، ويعود لرؤساء الأحزاب تبعاً لهذا التوقيع، أن يقيلوا من يشاؤون من نواب كتلهم، عندما يشعرون أنهم خرجوا عن الطاعة.
ما حصل أنّ نائباً في كتلة الحلبوسي، تسبب في إقالته، لكن بقرار المحكمة المشكوك بصلاحياتها للنظر بالتزوير، والتي لا استئناف ولا تمييز ولا مراجعة لقراراتها.
أقال قرار المحكمة الحلبوسي، ومنع عنه النشاط السياسي مدى الحياة، بما يشبه قرار الإعدام السياسي، فماذا في الخلفيات؟
على الرغم من علاقته الوثيقة بإيران، ناصبت قوى الحشد الشعبي الحلبوسي العداء، وكمنت له ونفذت إقصاءه، فهي تمتلك النفوذ والتأثير والترهيب والتهديد.
وبمعزل عن التقييم الموضوعي لأداء رئيس البرلمان، سواء السلبي أو الإيجابي، فإن رأس السلطة التنفيذية في العراق، الذي تتولاه شخصية تنتمي إلى السُّنّة، قد تلقى ضربة جديدة، ستترك آثارها على التركيبة المتعددة للعراق، التي لم تكد تخرج، بعد القضاء على داعش من الصراع الأهلي، الذي تغذيه أرجحية تحتكر الحكم باسم مجموعة من الشعب العراقي، وتأتمر بالنفوذ الإيراني، وتمعن في تخريب النسيج العراقي، بطريقة عصية على الإصلاح.
إنها بداية انقلاب، مرشح لأن يتحول إلى انقلاب كامل. لا بل إنه التجديد للاحتقان والافتئات، الذي طالما جربه العراق في تاريخه الحديث، فأنتج ما أنتج من فوضى وعنف.
تحضر إيران العراق للعب دور متلقي الصدمات، ولو على حساب أمنه وثرواته التي يتم تبديدها على ميزانيات الحشد، وعلى تقاسم ميزانية الدولة الغنية بالنفط، الفقيرة إلى الإصلاح.
بدأت إيران المرحلة الثانية من التصفية. كل ما بناه رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي من دور وموقع يتم تصفيته، لكن اللعب هذه المرة، عاد ليطال تركيبة العراق الحساسة، وهذا ما تتقن إيران توظيفه، في كل مرة تحتاج إلى إشعال النيران، من العراق لتطال المنطقة.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us