أجوبة مجهولة لأسئلة معروفة


خاص 1 كانون الأول, 2023

عملياً، كانت زيارة لودريان تحذيراً مكرّراً للبنانيين من الإساءة إلى وطنهم ودولتهم العليلة بأنفسهم، لأنّ عماد السلطة هو تماسك بنيانها، فكيف يستوي ذلك وعمدته في غياهب جدال يقوّض الديموقراطية؟


كتب راشد فايد لـ “هنا لبنان”:

حرّكت محادثات الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، في بيروت، المشهد الداخلي على خطين، أوّلهما ملفّ الرئاسة الأولى، والثاني مصير القرار 1701 ومسيرته.
وإذا كان لدى المراقبين انطباع بأنّها لم تثمر إيجابياً، فالردّ من باريس أنها، أي الجولة، فضحت عدم جدية بعض المراجع السياسية اللبنانية في ادّعائها التمسك بأولوية انتخاب رئيس الجمهورية، وكأنّ تعطيل جلسة الإنتخاب، في مجلس النواب، يتأتى من الناس أو من موظفي الإدارة العامة، والقطاع الخاص، وعموماً كل الذين سقطوا طبقياً إلى رتب اجتماعية أدنى بكثير مما كانوا عليه قبل أزمة “كورونا”، وبرزت في مواجهتهم طبقة الأثرياء الجدد، من ناهبي المال العام ومسرّبي الصفقات على حساب الدولة، وفارضي “الخوات” أحياناً كثيرة، من جماعة “السارق من السارق كالوارث من أبيه”.
عملياً، كانت زيارة لودريان تحذيراً، مكرّراً، للبنانيين من الإساءة إلى وطنهم ودولتهم العليلة بأنفسهم، لأنّ عماد السلطة هو تماسك بنيانها، فكيف يستوي ذلك وعمدته في غياهب جدال يقوض الديموقراطية، على طريقة الدجاجة قبل البيضة أم العكس، أي الجدل البيزنطي التاريخي المعروف، ونموذجه القول بحيادية المرشح سليمان فرنجية خلافاً للواقع الذي يجهر بانطوائه تحت مظلة الحزب المسلح، الذي لم يتراجع يوماً عن الخنوع للمرشد وجمهورية إيران الإسلامية، وعزمه على رمي لبنان تحت قيادتها في يومٍ آتٍ.
هذا الشق من المهمة الفرنسية، أي ملفّ الرئاسة الأولى، ليس بعيداً عن جزئها الثاني الذي يتناول القرار 1701، فالعنوانان يرتبطان بسيادة الدولة وقوانينها على أراضيها، وقد وفّر الدستور لرئيس الجمهورية السلطة المعنوية، وغير المعنوية، لاتخاذ القرار المناسب لحماية الوطن ومصالحه، وما الواقع الراهن وتمييع الحلول إلّا معبر لاستمرار الميوعة السياسية التي تغطي إبقاء لبنان رهينة أطراف خارجية تستخدمه، في الوقت المؤاتي لها، في المساومات الإقليمية والدولية، وهو ما دعا المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان أمام مجلس الامن الدولي يوانا فرونتسكا إلى التشديد على ضرورة تطبيق القرار “وكيفية حماية لبنان من الحرب”، مذكرة بذلك بحقيقة الواقع.
توضح الوقائع انسجام الرؤيتين الأممية والفرنسية تجاه لبنان، فالطرفان أثارا البندين نفسيهما، انتخاب رئيس للبلاد، والإسراع في تطبيق القرار 1701، والطرفان مقتنعان بأنّ الحل لدى لبنان قبل أيّ جهة أخرى، ولا يغيب عن هذا الانسجام المملكة العربية السعودية، ومصر وقطر، لكن دون ذلك أجوبة مفتقدة عن كيفية تطبيق القرار 1701، وما يتردد عن منطقة منزوعة السلاح جنوب لبنان وشمال فلسطين المحتلة، الذي ترفض تل أبيب الإلتزام بتطبيقه في الشق الذي يخصها، فيما يرفض الحزب نزع سلاحه، وسحب مقاتليه.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us