زارع الريح يحصد العاصفة


خاص 20 كانون الأول, 2023

زرع باسيل الريح فحصد العاصفة، أما من زرع في المؤسسة العسكرية سلوك رجل الدولة، فهو يحصد تراكماً في الدور والموقع والمصداقية سيؤهله لتسلم مسؤوليات إضافية


كتب أسعد بشارة لـ”هنا لبنان”:

شكل التمديد لقائد الجيش العماد جوزيف عون، مقدمة لتغيير نسبي في المعادلة الداخلية، يصلح لأن يعتمد في الاستحقاقات القادمة، والأبرز منها ملف الجنوب، وملف انتخابات رئاسة الجمهورية.
فهذا التمديد الذي أمنت له أكثرية نيابية النصاب، والذي دعمته مرجعية بكركي، والذي غطته عباءة عربية ودولية، والذي لم يواجه بفيتو من حزب الله، دلّ على أنّ لبنان يتحضر لمرحلة انتقالية دقيقة، سوف يتم فيها حسم التوجه العام للملفات العالقة.
وفق هذا السياق، سيكون لقيادة الجيش ،وللقائد الممدّد له، دور محوري في أي تفاهمات وترتيبات قد تنشأ في الجنوب، في حال أثمرت المبادرة الفرنسية، إلى ترجمة التوجه الدولي الهادف لتطبيق القرار 1701، وحماية لبنان من خطر الحرب.
أما في الملف الرئاسي، فيمكن القول أنّ العماد جوزيف عون، حجز الموقع المتقدم في السباق إلى بعبدا، ذلك على الرغم من ثبات ثنائي حزب الله وأمل، على ترشيح سليمان فرنجية، وهذا الأخير برهن عن حنكة وذكاء، عندما امتنع عن مجاراة جبران باسيل في رفضه للتمديد، وأعاد إصلاح ما خربته زيارة باسيل لبنشعي، ورمم علاقته بقائد الجيش، تاركاً كلّ الخيارات مفتوحة، بما فيها الانسحاب من معركة الرئاسة.
يصلح نموذج التمديد للعماد جوزيف عون، لأن يطبق في الملف الرئاسي، وهذا النموذج هو الوحيد القابل للترجمة العملية جنوباً، أما توقيت البت في الملفين، فمرتبط إلى حد بعيد بالتفاهمات الأميركية الإيرانية، التي من المستبعد أن تتأخر لبنانياً، فالعامل الإسرائيلي الضاغط لتطبيق القرار 1701، لن ينتظر نضوج هذه التفاهمات على نار هادئة، ولن يحصل بالتأكيد على وقع توقيت الانتخابات الرئاسية الأميركية بعد عام من الآن.
في الخلاصات الأولى للتمديد، انتصار لمعادلة الاستقرار، التي أرساها الجيش بحرفية، وانتصار لمعادلة بقاء المؤسسة العسكرية في الوسط، من دون أن تقاد إلى أجندات داخلية مصلحية، وإلى أجندة تريد تحويله إلى حرس حدود للمشروع الإقليمي، وكل ذلك تم الوصول إليه بميزان الجوهرجي، إذ شاركت قوى سياسية في الداخل، بالتحضير للتمديد وهي تدرك أنّ الفراغ في الجيش، سيكون المدخل السريع إلى الفوضى، كما إلى إضعاف المرجعية العسكرية التي سيناط بها، ضمان تطبيق القرار الدولي، متى تم الوصول إلى الترتيب المناسب.
زرع باسيل الريح فحصد العاصفة، أما من زرع في المؤسسة العسكرية، سلوك رجل الدولة، فهو يحصد تراكماً في الدور والموقع والمصداقية سيؤهله، لتسلم مسؤوليات إضافية، وسيضعه أمام اختبارات جديدة، لا تتصل بالشبق الدائم إلى الصفقات والسمسرة، وسياسة المنافع.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us