إما الترسيم وتطبيق الـ 1701 أو الحرب: أي خيار سيسبق الآخر وماذا عن رفض الحزب؟


خاص 26 كانون الأول, 2023

المساعي الدبلوماسية لتحقيق “الترسيم والتطبيق” تلقى رفضاً إيرانياً بانتظار جلاء الوضع في غزة، فيما يقول اللبنانيون لا للحرب، لأن الثمن سيكون موجعاً.

كتب جوني فتوحي لـ “هنا لبنان”:

حركت عملية طوفان الأقصى والحرب التي تلتها، ملفي استكمال ترسيم الخط الأزرق بين لبنان وإسرائيل، وتطبيق القرار 1701. هذا التحريك لم يكن ليتم، إلا على وقع صوت المدافع في غزة، وعلى وقع الخشية من اشتعال جبهة لبنان، لكن السؤال أي خيار سيسبق الآخر؟ هل هي الترتيبات المتعلقة بالترسيم وتطبيق الـ 1701، أم الحرب شبه الحتمية في حال أخفقت المساعي الدبلوماسية؟

في العام 2000 انسحبت إسرائيل من جنوب لبنان، وبدأت الأمم المتحدة ورشة تحديد الخط الأزرق، وقد حسم الشكل النهائي لهذا الخط، لكن بعد أن تم تسجيل 13 تحفظاً عليه، وهي التحفظات التي تنتظر استكمال بتها، والأبرز منها النقطة بي 1 الاستراتيجية في رأس الناقورة، و12 نقطة خلافية على طول الحدود بين لبنان وإسرائيل، البالغ طولها 120 كلم، بالإضافة إلى مزارع شبعا، وأراضي بلدة الماري التي بني عليها القسم الشمالي من قرية الغجر.

هذا الخط الأزرق، بالتعريف الأممي، أو خط الانسحاب، والذي تم وضعه من قبل الأمم المتحدة عام 2000، لتأكيد انسحاب القوات الإسرائيلية من لبنان، وخلال أحد الاجتماعات الثلاثية عام 2007، اتفق لبنان وإسرائيل على وضع علامات مرئية على الخط الأزرق لتعريفه، لكن العلامات غير المرئية التي تنتظر البت النهائي به، لا تبدو خاضعة لمعايير تقنية، فالترسيم النهائي للحدود، ينزع عن سلاح حزب الله صفة المقاومة، ويعيد الوضع إلى معادلة اتفاقية الهدنة، وهو ما يفقد إيران ورقة ثمينة.

تجهد الدبلوماسية الأميركية والفرنسية في مسعى مشترك، لتحقيق “الترسيم والتطبيق”، ضمن سلة متكاملة، لكن إيران عبر حزب الله، وفي مصادرة لوجود الدولة اللبنانية، تقول: لن نبحث ولن نفاوض بانتظار جلاء الوضع في غزة، أما إسرائيل، فتشهر سيف الدبلوماسية والحرب في وقت واحد، فيما يقول اللبنانيون لا للحرب، لأن الثمن سيكون موجعاً.

حمادة: القرار في يد طهران

وفي هذا السياق، أشار العميد خالد حمادة لـ “هنا لبنان” إلى أن ترسيم الحدود البحرية الذي استند إلى نقطة مرجع موجودة في البحر وتبعد مسافة 6 كلم عن البر، هو سابقة لم تحصل في أي عملية ترسيم، وهي مخالفة للقواعد القانونية التي تفترض أن يبدأ الترسيم من نقطة التقاء خط الحدود بين أي دولتين متجاورتين مع البحر، وهي في حالة لبنان رأس الناقورة المعروف بالنقطة بي 1 والمبينة في اتفاقية الهدنة الموقعة بين لبنان وإسرائيل عام 1949،

وهذا التهاون في سيادة لبنان سيحاول العدو الاسرائيلي استثماره عند إجراء الترسيم البري مما سيجعل تثبيت سيادة لبنان على النقطة بي 1 مسألة قابلة للنقاش، وربما خاضعة لشروط سيمليها الوسيط الأميركي على لبنان. وقد تتحول لبنانية رأس الناقورة إلى مسألة مشابهة للخط 29 الذي تم تجاهله لصالح الخط 23 الذي لا يستند لأي معايير قانونية والذي منح إسرائيل 1340 كلم مربع هي من حق لبنان.

وأضاف أنّ كل النقاط المتنازع عليها قابلة للتفاوض، فالخلاف هو فقط على بضعة أمتار، لافتاً إلى أن التركيز سنيصب على مسألتين: الأولى هي مسألة رأس الناقورة بي 1 التي سيحاول العدو الإسرائيلي الإحتفاظ بها بشكل أو بآخر، بمعنى تقييد حرية لبنان في التصرف بها، والمسألة الثانية هي مسألة خراج قرية الماري التي تمدد إليها العمران من قرية الغجر السورية المحتلة تحت أنظار الدولة اللبنانية، والتي لم تعط الأهمية المطلوبة بعد الانسحاب الاسرائيلي في العام 2000، حتى حزب الله لم يتعامل معها كأرض محتلة، بالرغم من عدم وجود نزاع حدودي حولها، حيث درجت العادة على تسمية هذا القسم المحتل من بلدة الماري اللبنانية بالقسم الشمالي لقرية الغجر (السورية) لاعتبارات تتعلق بعلاقة حزب الله بالنظام السوري وبالضعف الموصوف للحكومات اللبنانية.

وعن مزارع شبعا، أشار حمادة إلى أنّ إنسحاب العدو الاسرائيلي منها تطبيقاً للقرار 425 يتطلب إعترافاً سورياً بلبنانيتها. فهذه المزارع لبنانية ومستندات ملكيتها العقارية موجودة في دوائر لبنان الجنوبي العقارية، وهي كانت موضع تفاوض بين لبنان وسوريا قبل أن يحتلها العدو الإسرائيلي في العام 1967، حيث كانت تنتشر فيها وحدات عسكرية سورية. وقد امتنعت سوريا عن تزويد لبنان بوثيقة خطية تثبت لبنانيتها بعد الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان، لأسباب واهية مما أبقاها تحت الاحتلال.

وأردف حمادة: يبدو أنّ ترسيم الحدود البرية لن يكون بمعزل عن عملية تسوية أمنية لحدود إسرائيل الشمالية، وبالتالي هنا تكمن ظروف نجاح عملية الترسيم، بما يعني الالتزام باتفاقية الهدنة، وعدم تقديم مكافآت لطهران على حساب لبنان وسيادته.

وعن جهوزية حزب الله لهكذا اتفاق، قال حمادة إنّ القرار ليس بيد حزب الله، بل في طهران، وبالتالي يجب النظر إلى خريطة النفوذ الإيرانية في ضوء ما يجري في غزة وسوريا والبحر الأحمر. لذلك لا تبدو عملية الترسيم ملحة قبل اتضاح الصورة في غزة.

وأضاف أنّ حزب الله لا يستطيع أن يرفض تطبيق القرار 1701، بل سيلجأ الى تطبيق القرار على طريقته، بمعنى محاولة الحفاظ على الوضع القائم وتطويع القرار الدولي تحت عنوان حماية لبنان في ظل تقاعس حكومي وانقسام سياسي لبناني. والسؤال المطروح هنا: هل تقضي المعادلة الأميركية الإيرانية بالإبقاء على ميليشيا إيرانية في جنوب لبنان؟

جابر: حزب الله لا يعارض تطبيق القرار 1701

وفي حديثٍ لـ “هنا لبنان”، رفض العميد هشام جابر استعمال تعبير”الترسيم”، واستبدله بعبارة “التثبيت”، مؤكداً أن الخرائط واضحة، وأن النقطة الواقعة في رأس الناقورة تم تحريكها 50 متراً من مكانها، في زمن الاجتياح الإسرائيلي، وذلك لعدة مرات، وهذا التحرك أدى إلى تسجيل فرق كبير في الحدود البحرية، والمطلوب إعادة النقطة “ب” في الناقورة إلى ما كانت عليه حسب الحدود الدولية.

ولفت جابر إلى أن حزب الله لن يعارض تطبيق القرار 1701، موضحاً أن لبنان يطبق القرار منذ العام 2006 ولكن إسرائيل خرقته مراراً. واعتبر أن حزب الله طالب بتثبيت الحدود واسترجاع حقوق لبنان، (أي إعادة القسم الشمالي من الغجر) وبقي الخلاف على هوية مزارع شبعا، إذ يعتبر حزب الله أنها أراضٍ لبنانية، فيما يعتبر الإسرائيليون أنها أراضٍ سورية، وأنها تابعة للقرار 242 الصادر عام 1967 والذي لم يطبق حتى اليوم.

واعتبر أن الحل الأنسب هو إشراف قوات دولية على مزارع شبعا، إلى حين تثبيت حق لبنان بملكيتها، حينها لن يكون هناك عذر لحزب الله للقول إن مزارع شبعا أراضٍ محتلة، وبالتالي سيضطر للعودة قليلاً إلى الوراء.

وعن احتمال اندلاع حرب في حال لم يطبق القرار 1701، وعدم تثبيت الحدود، أكد جابر أن خطوة كهذه، ستجر لبنان إلى حرب مع إسرائيل.

الحلو: ستندلع الحرب اذا لم ينسحب حزب الله إلى شمال الليطاني

بدوره قال العميد خليل الحلو لـ “هنا لبنان”، إن كل المسائل التي تتعلق بالحدود ممكن حلّها باستثناء بعض النقاط وهي مسألة مزارع شبعا، مسألة الغجر، والمنطقة التي اختطف منها الجنديان الإسرائيليان، وأضاف: يبدو أن إسرائيل مستعدة لحل مشكلة الترسيم، مشيراً إلى أنّ العوائق أمام حلها بين لبنان وإسرائيل، ليست تقنية، فالسؤال إذا كان لدى حزب الله النية لحل هذه المشكلة، وأنا أعتقد أن ذلك صعب جداً.

ورأى الحلو أن ترسيم الحدود لا يحل المشكلة بين إسرائيل وحزب الله، ففي الوقت الحالي الحديث هو عن كيفية سحب حزب الله إلى شمال الليطاني. ولفت إلى أن الموفدين الفرنسيين أوصلوا رسالة للحزب مفادها ضرورة الإنسحاب وإلا فإن إسرائيل ستنفذ عملية عسكرية.

واعتبر الحلو أنّ وجود حزب الله يتناقض مع مصلحة لبنان، وذلك عندما قام بخرق القرار 1701 منذ اليوم الأول لانتهاء حرب العام 2006، مشيراً إلى أن الجيش المنتشر في الجنوب كان يوقف شاحنات تنقل عتاداً للحزب، ولكن سرعان ما يتدخل المعنيون للسماح الشاحنات بإكمال وجهتها، ما أدى إلى تساؤلات لدى الغرب، عن جدوى بقاء قوات اليونيفيل، وبالتالي أرادت الولايات المتحدة سحب قوات الطوارئ (اليونيفيل)، ولكن تدخل الجانب الفرنسي أبقى على وجودها في الجنوب، دون أن تتمكن من تنفيذ القرار 1701 بناء على المهمة التي أوكلت إليها. وأوضح أن مصلحة لبنان تقتضي بتطبيق القرارات الدولية كلها، وخصوصاً القرار 1559.

وأكد الحلو أنه إذا رفض الحزب الترسيم وتطبيق القرار 1701، فسيؤدي ذلك حتماً إلى اندلاع الحرب بين لبنان وإسرائيل.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us