حامات مطار للشمال وجبل لبنان؟
باتت لامركزية المطارات مطلباً ملحاً، لا بل مطلباً لا عودة عنه، فمطار بيروت واقع تحت النفوذ المعروف وطريقه غالباً ما يتم إقفالها لأهداف سياسية، واحتمالات الحرب على لبنان ستهدد عمله كما حصل في حرب العام 2006
كتب جوني فتوحي لـ”هنا لبنان”:
النقل الجوي المدني لا يجب أن يخضع لمعادلة وجود مطار واحد في لبنان، هي خلاصة يخرج بها جميع المراقبين المهتمين بالشأن الاقتصادي، كما المواطنين المضطرين للقدوم من كل المناطق للسفر عبر مطار الرئيس رفيق الحريري، فيما كان بوسعهم أن يسافروا من مطارات المناطق، التي كان بإمكان الدولة استحداثها، وتلزيم إنشائها وصيانتها وإدارتها، لو توفرت الإرادة السياسية.
فهناك عدة مطارات ومدارج جاهزة للاستعمال، لكن الفيتو السياسي والأمني، يمنع فتح مطارات جديدة. كمطار الرئيس رينيه معوض في القليعات، الذي يعتبر مرفقاً نموذجياً يتفوق جغرافياً وتقنياً على مطار بيروت، ويمكن أن يكون رئة حيوية لعكار والشمال، كما تصلح قاعدة رياق لأن تكون مطاراً للبقاع بكل مناطقه، ومطار حامات يصلح لجبل لبنان، والجنوب يمكن أن يكون له مطاره الخاص، لتوفر الأمكنة الجغرافية الصالحة لإنشاء المدارج.
لامركزية المطارات باتت مطلباً ملحاً، لا بل مطلباً لا عودة عنه، فمطار بيروت واقع تحت النفوذ المعروف، وطريقه غالباً ما يتم إقفالها لأهداف سياسية، واحتمالات الحرب على لبنان، ستهدد عمله، كما حصل في حرب العام 2006.
حامات: جهوزية المطار تستلزم القرار
يستعرض “هنا لبنان” هذه القضية، ونبدأ من قاعدة حامات. ففي قلب جبال لبنان، وعلى ارتفاع مئات الأمتار فوق سطح البحر، تقع قاعدة حامات الجوية، والتي باتت قاعدة جوية عسكرية تابعة للجيش اللبناني. تأسست القاعدة في عام 1976 بمسعى من حزب الكتائب اللبنانية، إبان الحرب الأهلية اللبنانية، ولكن لم يكتمل بناؤها ولم توضع موضع التنفيذ. وقد تعرّض المدرج الوحيد فيها لأضرار بالغة، نتيجة القصف الذي تعرّض له.
بعد انتهاء الحرب في العام 1990، تحوّل المطار المذكور بعد ترميمه إلى حلبة لسباقات السيارات، وفي ما بعد، تحوّلت هذه المنشآت إلى مركز للجيش اللبناني، حيث كانت بعض الأفواج تمارس التدريبات من وقت إلى آخر. ومع بداية العام 2010، انتقَلَت مدرسة القوات الخاصة في الجيش إلى نقطة مجاورة للمطار، وبتاريخ 25/11/2010 صدر القرار بإنشاء قاعدة حامات الجويّة، حيث بدأت قيادتها وعناصرها العمل فعليًا مع بداية العام 2011 وأصبحت تُستخدم لأغراض التدريب والمناورات العسكرية للجيش اللبناني. كما أنها تضمّ مدرسةً للقوات الخاصة. ويسعى الجيش إلى تطوير القاعدة لتصبح قاعدة جوية عسكرية متطورة، قادرة على استيعاب مختلف أنواع الطائرات العسكرية.
تقع قاعدة حامات في منطقة استراتيجية مهمة، حيث تقع على بعد نحو 20 كيلومترًا من الحدود اللبنانية مع سوريا، و 50 كيلومترًا من العاصمة بيروت. وتتمتع القاعدة بموقع مرتفع يسمح لها بمراقبة الحدود اللبنانية والمنطقة المحيطة بها.
ولكن، هل من الممكن أن تتحول هذه القاعدة العسكرية إلى مطار مدني؟ سؤال يطرح نفسه بقوة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها لبنان، والتي أدت إلى انخفاض عدد الرحلات الجوية في مطار بيروت الدولي.
فالقاعدة تتمتع بموقع مميز، إذ تقع على بعد أقل من ساعة بالسيارة من العاصمة بيروت، كما أنها تتميز بمساحة كبيرة يمكن استخدامها لإنشاء مدرج جديد ومرافق مطار مدني.
وبحسب بعض الدراسات، فإن تكلفة إنشاء مطار مدني في قاعدة حامات الجوية، ستكون أقل بكثير من تكلفة توسيع مطار بيروت الدولي. كما أن مطار حامات الجوي يتمتع بموقع استراتيجي مهم، فقربه من سوريا، يجعله موقعًا مثاليًا لاستقبال الرحلات الجوية القادمة من دول الشرق الأوسط، وإذا تم تحويل قاعدة حامات الجوية إلى مطار مدني، فستكون هذه الخطوة بمثابة دفعة قوية للاقتصاد اللبناني، حيث ستساهم في خلق فرص عمل جديدة، وزيادة حركة السياحة في البلاد، فضلاً عن إنماء المنطقة المحيطة بالمطار، ورفع نسبة الاستثمار العقاري والسياحي، كل ذلك بعد تلبية الشروط التقنية التي تستلزم الكثير من التحسينات والجهد، على صعيد توسعة المدرج وتأهيله.
الكتائب: نؤيد الاستعمال المدني للمطار
في هذا السياق أكد مصدر كتائبي لـ “هنا لبنان”، أن من المعروف أن حزب الكتائب هو من أسس مطار حامات، ولكن الحقيقة أن لا وضعية قانونية للمطار، بمعنى أنه ليس مسجلاً كمطار، بل يأتي من ضمن مجموعة عقارات يستصلحها الجيش اللبناني. أما بشأن ملكية الأراضي فإن حزب الكتائب يمتلك جزءاً من الأراضي التي شيد عليها المطار.
وفي الإطار نفسه، أكد المصدر أن الحزب مؤيد للإستعمال المدني للمطار، فتحقيق هذا الأمر من شأنه أن يفتح آفاقاً كبيرة للبنان، ولأبناء المنطقة على أكثر من صعيد لا سيما إقتصادياً، ويمكن أن يتم تحقيق هذا الأمر عبر مجموعة من الخطوات الضاغطة، منها السعي لدى المعنيين والمراجع المختصة، لما للأمر من فائدة كبيرة للبنان وأوضح المصدر، أنه من المهم جداً أن لا يكون لأي فريق سياسي، القدرة على السيطرة على مطار الدولة الوحيد، فهذا يعني القدرة على خطف لبنان، وأخذه رهينة وعزله عن العالم الخارجي.
ولفت إلى أنه من أهم أسباب إنشاء هذا المطار، إيمان حزب الكتائب، بأهمية اللامركزية، وتنمية المناطق البعيدة عن العاصمة، ويعتبر إنشاء مطار من أهم المشاريع الإستثمارية التي يمكن أن تغني المنطقة ومحيطها، وتوفر آلاف فرص العمل للشباب، الذي يهاجر في الظروف الصعبة التي يمر فيها لبنان.
أبو ناصيف: يجب أن يمتلك المسيحيين والسنة مطارهما الخاص
أما الأستاذ الجامعي الدكتور هشام أبو ناصيف فقد دعا في حديث لـ”هنا لبنان”، إلى الإضاءة على عوامل عدة أبرزها، ضرورة إنشاء مطار جديد، بما يؤمّن من فرص عمل وتطوير للإقتصاد المحلي.
وكمؤيد لتطبيق النظام الفيديرالي في لبنان، اعتبر أبو ناصيف أن وجود مطار واحد في البلاد، سببه الهيمنة و”السلبطة” التي يمارسها حزب الله، فالمطار جغرافياً يقع في منطقة خاضعة أمنياً وسياسياً لسيطرة الحزب، وبالتالي يتحكم من خلال هذه السيطرة على المطار، بمن يدخل ويخرج من لبنان، وهذا يضغط على اللبنانيين، لاسيما على المعارضين لسياسة الحزب، ومن هذا المنطلق يجب توخي الحذر على كافة الأصعدة.
وأشار إلى أن أحادية المطار، هي جزء لا يتجزأ من مشروع الهيمنة الطائفية على البلد، مردفاً أنه كما تمتلك الطائفة الشيعية مطاراً، فيجب أن تمتلك كل من الطائفتين السنية والمسيحية مطارهما الخاص.
جدايل: غير مؤهل
في قراءة علمية لوضع المطار، أشار الدكتور أسامة جدايل، مدير معهد الطيران المدني، في حديثه لـ “هنا لبنان”، إلى وجود عقبات خطيرة في مطار حامات، نتيجة لموقعه الجغرافي الواقع على تلة، مما يجعله غير مؤهل ليكون مطارًا مدنيًا بسبب صعوبة الوصول إليه. وأوضح أن مساحة مطار حامات صغيرة للغاية، بالمقارنة مع مطار القليعات، حيث يبلغ طول المدرج 2850 متر وعرضه 60 متر، بينما يبلغ طول مدرج حامات 1500 متر وعرضه 35 متر، مما يجعل تحويله إلى مطار مدني أمراً شبه مستحيل، وإذا تطلب الأمر تطويل المدرج، سيكون ذلك عبر ردم الوادي، وهذا أمر مكلف.
أبو جودة: يستقبل الطائرات الصغيرة
بدوره أكد المهندس شربل أبو جودة أن فرصة تحويل مطار حامات إلى جسر بين مطار بيروت ومطار القليعات تعتبر ضئيلة للغاية، نظرًا لصغر وتقييدات مدرجه، معتبراً أنه قد يكون مطارًا للطوارئ فقط. وبالنسبة للشروط التقنية لتحسين مطار حامات، أشار إلى ضرورة تعريض وتطويل المدرج، وهو أمر صعب بالنظر إلى القيود المحيطة به، لكنه قادر على استقبال الطائرات الصغيرة أي الأقل حجماً والأقل حاجة للمدرج الطويل والعريض.
وفي ما يتعلق بمطار رياق، أيد احتمال تحويله إلى مطار مدني نظرًا لمساحته الكبيرة وإمكانية تطويره، مشيرًا إلى أن طول مدرجه الحالي يبلغ 3000 متر، ويمكن توسيعه ليصل إلى 4000 أو 5000 متر في الاتجاهين، مما سيخدم منطقة البقاع بشكل كبير، ودعا إلى فتح أي مطار يمكن أن تتوفر فيه المواصفات لأن ذلك ينمي المناطق ويخفف الضغط عن مطار رفيق الحريري الدولي.
