الوزير والمرشد خطّان متوازيان


خاص 7 كانون الثاني, 2024

مقولة القول، أيّ حوار بين “الحزب” ومن يعارض “حروبه” هو حوار بين خطين متوازيين: خط عز وخط ذلّ


كتب عمر موراني لـ “هنا لبنان”:

“إن قرار توسيع قاعدة الحرب هو قرار حزب الله بالنهاية وليس بيد الحكومة”، هذا ما قاله وزير خارجية لبنان الدكتور عبدالله بو حبيب في مقابلة مع محطة الـ “سي أن أن” أجرتها الزميلة كريستيان أمانبور البريطانية الجنسية الإيرانية الأصل. ولمزيد من الدقة، فإنّ القرار الذي أشار إليه وزيرنا بيد شخص واحد، إلّا إذا كان للشيخ قاووق ولمن يماثله حق استعمال النقض، الفيتو في وجه المرشد لا سمح الله!
جاءت مقابلة الوزير، زمنياً، بين مطوّلتين للمرشد الأعلى للساحة اللبنانية. مع هيمنة “الحزب” شبه الكاملة على البلد منذ انسحاب الجيش السوري غير الشقيق، لا وجود لكيان اسمه الجمهورية اللبنانية. تقرأ الإسم على الطوابع البريدية وجواز السفر وبعض المعاملات الرسمية. إسم بلا فعل. بو حبيب أكّد المؤكد.
لو اُجريت المقابلة مع رئيس السلطة التنفيذية نجيب ميقاتي لعمد إلى التذاكي على محاورته المخضرمة، ولجاء جوابه على هذا النحو: “إنّ قرار توسيع الحرب في لبنان،أو وقف عدوانها على لبنان بيد إسرائيل”. قال وزير خارجيته الحقيقة كما هي، عارية ومن دون ماكياج. وخلت مقابلته القصيرة من ابتسامته المعهودة. بدا واجماً وصادقاً حين عبر عن خوفه من الحرب “لأن الحكومة اللبنانية والشعب اللبناني لا يريدان أيّ حرب، نرغب في تحقيق السلام على حدودنا الجنوبية”.
الحكومة والشعب (أو أكثريته) شيء. والساحة شيء مختلف تماماً. تُرى ألم يسمع بو حبيب ما قاله المرشد الأعلى في خطاب الأربعاء؟
“إذا فكر العدو أن يشن حرباً على لبنان فسيكون قتالنا بلا سقوف وبلا قواعد وبلا حدود وبلا ضوابط”. إستعمل تعبير “إذا فكّر العدو” لا “إذا شنّ نتنياهو حرباً على لبنان”. ليس في قاموس المرشد الأعلى كلمة “سلام”. لا سلام ولا كلام مع إسرائيل بل توق كبير إلى الموت “إنّ الجهاد يجلب العز والقعود عنه يجلب الذل… من يتخلف عن الجهاد ألبسه الله ثوب الذل” موت مشرّف من الجهة اللبنانية. وموت زؤام في الجهة المقابلة. موت جميل يقابله موت جهنمي.
ضع أخ بو حبيب سطرين بالأحمر تحت عبارة المرشد وانسَ تماماً القرارات الدولية، وانسَ مسألة الحوار الحكومي مع “الحزب”. الحوار مع الله بذاته قد يؤتي ثماراً. الحوار مع “الحزب” مضيعة للوقت.
ظنت كريستيان أمانبور، أنّ في لبنان حكومة لبنانية. تأمر وتنهى وتتّخذ قرارات. فصحح رئيس الديبلوماسية اللبنانية “الظنّ” بالحقائق. “لا نستطيع أن نعطي أوامر للحزب. نحن لا ندعي ذلك ولكن يمكن إقناعهم”.
كيف لرئيس الحكومة المتصدّعة أن يقنع الحاكم بأمره والمتحكم بمصير اللبنانيين جميعهم أنّ “الفرصة غير مؤاتية لحرب تحرير” فيما فرص الإنسحاب من أراضينا المحتلة بالتفاوض ممكنة؟
كيف تقنع “إله الحرب والتخطيط” أنّ مشاغلة الجيش الإسرائيلي على مدى ثلاثة أشهر، لم تشغله عن تدمير غزة؟ وأن تهجير المستوطنين والإصابات المحققة في صفوفه لم يزده إلّا شراسة؟
كيف تقنع الحكومة اللبنانية، المرشد الأعلى، أن خسائر الجيش الإسرائيلي على الجبهة المفتوحة منذ الثامن من أكتوبر الماضي، مهما كانت موجعة لا تُقاس بخسائر بلد مفلس، البشرية والمادية، وأنّ الإنخراط في الطوفان لم ولن يجلب الأمان للجنوبيين واللبنانيين؟
قبل أن يقنع رئيس الحكومة المرشد الأعلى للساحة اللبنانية هل يمكنه الوصول إليه؟
مقولة القول، أي حوار بين “الحزب” ومن يعارض “حروبه” هو حوار بين خطين متوازيين: خط عز وخط ذلّ.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us