إشكالية الإستيلاء على صلاحيات رئيس الجمهورية متواصلة .. والدستور يفصل


خاص 19 كانون الثاني, 2024

صلاحية إعادة النظر بالقوانين هي صلاحية لصيقة برئيس الجمهورية ولا تنتقل إلى مجلس الوزراء على الإطلاق خاصة وأنّ الرئيس هو حامي الدستور


كتبت كارول سلوم لـ”هنا لبنان”:

ما تزال مسألة إقرار حكومة تصريف الأعمال لملفات تقع حصراً من صلاحيات رئيس الجمهورية محور جدل لم يقفل، فالحكومة التي وفق الدستور تقع عليها مهمة تصريف الأعمال بالمعنى الضيق تدافع عن قراراتها متسلحة أيضاً بالنص الدستوري القائل أنه في ظل الفراغ الرئاسي تنتقل صلاحيات رئيس الجمهورية إلى الحكومة مجتمعة. لم يلقَ هذا الأمر استحساناً لدى القوى المسيحية التي انبرت إلى انتقاد الحكومة التي تصادر الصلاحيات الممنوحة حصراً لرئيس البلاد ولا سيما تلك التي تعد لصيقة بالرئيس، وهذا ما دفع عدداً من النواب إلى رفع الصوت والقول أنّ رد الحكومة لقوانين إلى مجلس النواب لإعادة النظر فيها ليست من صلاحية رئيس مجلس الوزراء ولا مجلس الوزراء وإن الدستور أعطى الصلاحية لرئيس البلاد، انطلاقاً من قسم اليمين في السهر على احترام الدستور .
وفي جلستها الأخيرة ردت الحكومة ٣ قوانين إلى البرلمان، تتعلق بالإيجارات ومطالب الهيئة التعليمية والمدارس الخاصة والمساعدة المالية لصندوق التعويضات..
لم تمر هذه الإحالة مرور الكرام لدى القوى المعترضة على أخذ الحكومة مكان رئيس البلاد، كما أنّ البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة الراعي رفض تغييب دور رئيس الجمهورية وليست هي المرة الأولى التي يتوقف فيها البطريرك الراعي عند هذه المسألة، داعياً إلى احترام الميثاق والدستور.

وفي هذا السياق ، تقول مصادر معارضة لموقع “هنا لبنان” أن مسألة التعدي على صلاحيات رئاسة الجمهورية باتت عادية وأي دراسة تقدم داخل اجتماعات الحكومة عن دستورية عملها لاسيما لجهة الإناطة بصلاحيات الرئيس في فترة الشغور ، ليست منطقية. وتقول أن هناك من يريد الاستيلاء على دور الرئيس ومن واجب الحكومة وقف لعب هذا الدور تحت ذريعة “الواجبات”، مشيرة إلى أنّ إتمام الاستحقاق الرئاسي هو المدخل لهذه الإشكالية ولا يمكن أيضاً بفعل الشغور القائم الدفع في اتجاه الاستمرار في النهج نفسه. وتبدي خشية من وجود مخطط لإبقاء الشغور قائماً بهدف تغيير النظام، مشيرة إلى أنّ السلاح الأمثل للوقوف بوجه أي قرار غير دستوري هو اللجوء إلى الطعن أمام الجهات المعنية.

ووفق ما هو متعارف عليه فإنه بعد رد الحكومة القوانين، تصبح الكرة في ملعب مجلس النواب. ولكن ماذا يقول الدستور عن خطوة الحكومة في هذا المجال؟
يقول الخبير الدستوري الأستاذ سعيد مالك لموقع “هنا لبنان” أنه من الثابت والأكيد أن الحكومة الحالية تصرف الأعمال بالمعنى الضيق إضافة إلى كونها تعمل ضمن إطار شغور رئاسي امتد إلى أكثر من عام، وصحيح أنّ الحكومة الحالية يعترضها الكثير من المواضيع التي تتطلب اتخاذ قرارات مصيرية بشأنها، لا سيما مع الشغور الرئاسي وغياب رئيس الجمهورية، ولكن يفترض على رئيس الحكومة أن يزين الأمور بطريقة دقيقة دون أن يستولي على صلاحيات رئيس الجمهورية، فهناك صلاحيات تنتقل إلى مجلس الوزراء عملاً بأحكام المادة ٦٢ من الدستور وهناك صلاحيات لصيقة لا يمكن أن تنتقل إلى مجلس الوزراء على الإطلاق، لا سيما المنصوص عنها في المادة ٥٣ وغيرها من الدستور اللبناني، أما صلاحية إعادة النظر بالقوانين فهي صلاحية لصيقة برئيس الجمهورية، ولا تنتقل إلى مجلس الوزراء على الإطلاق خاصة وأنّ الرئيس هو حامي الدستور عملاً بقسمه المنصوص عنه في المادة ٥٠ من الدستور.
ويضيف مالك: اليوم هل يقدم الرئيس ميقاتي على ذلك قصداً؟ نأمل ألا يكون ذلك صحيحاً، لأن لكل موقع وسلطة صلاحياتها ولا يفترض على أي سلطة أن تعتدي على صلاحيات سلطة أخرى، فكيف إذا كان موقع رئاسة الجمهورية الذي يعد رأس الهرم ورمز وحدة البلاد، والحل يكمن في انتخابات رئاسية مستعجلة، إذ لا يمكن إبقاء الحال على ما هي عليه، كما أن الامور ستتطور نحو الأسوأ ضمن إطار الصلاحيات وضمن نطاق مصادرة الأدوار، وهذا أمر لا يمكن أن يفيد، لا الدولة ولا البلاد والعباد.

كلما خيم الفراغ الرئاسي، كلما دخلت البلاد ومؤسساتها في مد وجزر بشأن صلاحياتها، ومن هنا تتكرر الدعوة إلى الحل الكامن في انتخاب رئيس البلاد من دون أي تلكؤ أو تعطيل.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us