مرحلة جديدة من المواجهات الإسرائيلية – الإيرانية… والأيام المقبلة تحسم التوازن العسكري


خاص 23 حزيران, 2025

 

الأرجح أن يتغلغل التخوّف من هذا التورّط إلى الانزلاق إلى مواجهةٍ غير محسوبة، وهنا يبرز دور رئيس مجلس النواب نبيه برّي في تقديم النصيحة الحارّة لـ “الحزب”، كي لا يُقدِم على تنفيذ الرغبة الإيرانية، في حال صدر عن طهران ما يُعرف بالتكليف الشرعي لـ “الحزب” للدخول في هذه الحرب.

كتبت كارول سلّوم لـ”هنا لبنان”:

تتسارع التطوّرات المتصلة بالمواجهة الإسرائيلية – الإيرانية، ويومًا بعد يوم تشهد تصعيدًا، إنّما ما سُجّل في الساعات الماضية لجهة دخول الولايات المتحدة الأميركية على الخط، يُؤشّر بشكلٍ مباشر إلى دخول هذه المواجهة في فصلٍ جديدٍ، لا بدّ من ترقّبه، إذ إنّه يفتح باب التوقّعات بشأن مصير الصراع الحاصل والتوازن العسكري.

وللإضاءة على هذه التطوّرات الجديدة، يقول الكاتب والمحلّل السياسي إلياس الزغبي لموقع “هنا لبنان”: “لا شكّ أنّ الضربة الأميركية على المواقع النووية الإيرانية أدخلت المواجهة بين إيران وإسرائيل في مرحلةٍ جديدةٍ تختلف عمّا حصل حتى اليوم على مدى حوالي عشرة أيام، فأميركا لا تدخل إلى أيّ حربٍ إلّا في مراحلها ما قبل الأخيرة، بعد أن تكون التطوّرات قد حقّقت تغييراتٍ ما ميدانية على الأرض. وهذا ما أقدمت عليه إسرائيل خلال الأيام الماضية، وكان لا بدّ لواشنطن أن تدخل مرحلة الحسم العسكري النهائي. بالطبع، هذه المرحلة ليست وليدة ساعاتٍ أو بضعة أيام، فهي تتطلّب جهودًا عسكرية وعملياتٍ مخطّطًا لها بشكلٍ مدروسٍ جدًّا وجيّد، وربما هذا ما سيحصل في الأيام الطالعة”.
ويوضح: “إيران الآن باتت بين فكّيْ كماشة، فهي من جهةٍ عاجزةٌ عن مواجهة هذا الحلف الخطير جوًّا وبحرًا، على الأقلّ بين الولايات المتحدة وإسرائيل، ومن جهةٍ ثانية، تجد نفسها شبه وحيدةٍ في هذه الحرب، فلا موسكو ولا بكين جاهزتان لدعم إيران عسكريًّا والتورّط في حربٍ لن تكون نتائجها في مصلحتهما، وجلّ ما تستطيع أن تفعله هاتان العاصمتان، أي موسكو وبكين، هو تقديم اقتراحٍ إلى مجلس الأمن الدولي لتنفيذ وقفٍ فوريٍّ للأعمال الحربية. وهذا، في تقديري كمراقب، صعبُ الحصول، لأنّ الخطوات التي تمّ تنفيذها خلال الساعات الماضية غير قابلةٍ للارتداد، بمعنى أنّها تمهّد لإجراءاتٍ وعملياتٍ إضافيّة لا تقلّ خطورةً واتساعًا عمّا حصل حتى الآن. وإذا أقدمت إيران فعلًا، كما تهدّد، على ضرب المواقع أو البوارج أو المصالح الأميركية في منطقة الشرق الأوسط، وخصوصًا في منطقة البحر الأحمر وخليج عدن ومضيق هرمز، أي إغلاقه، فإنّ هذه المسألة ستُعرّض إيران لضرباتٍ عنيفةٍ جدًّا تُغيّر المعطى الميداني بشكلٍ ساحق”.

ويضيف الزغبي لموقعنا: “إغلاق مضيق هرمز، إذا أقدمت طهران عليه، سيأتي بالضرر عليها في الدرجة الأولى، من حيث عدم قدرتها على تصدير نفطها، وهي بحاجةٍ ماسّةٍ جدًّا الآن إلى تمويل عملياتها الحربية على الأقل، الصواريخ الباليستية التي تُطلقها على إسرائيل. ومن جهةٍ ثانية، المتضرّر الثاني الأكبر سيكون الصّين وبعض الحلفاء الآخرين لإيران. وهذا الأمر، بالطبع، سيجعل إيران في عيْن العاصفة أكثر، لأنّ حركة التجارة الدولية، وخصوصًا حركة انتقال النفط العالمي، مسألةٌ حيويةٌ جدًّا لكافّة أنحاء العالم. ومن هنا، فإنّ الأمور ذاهبةٌ إلى تصعيدٍ آخر، ربما سيؤدّي إلى تغيير المعطى السياسي والعسكري بشكلٍ جذريّ، بمعنى أن يكون النظام الإيراني مطروحًا على حالٍ من التراجع الخطير إلى درجة السقوط. وربّما ستكون واشنطن مضطرّةً إلى استخدام المزيد من القوّة العسكرية لتحقيق الأهداف التي كانت تحاول تحقيقها عبر المفاوضات، وتحديدًا عبر جلساتٍ خمسٍ بينها وبين إيران. الأهداف هي نفسها، أي في الدرجة الأولى تحطيم وكسر المحاولة الإيرانية لإنتاج قنبلة نووية، وثانيًا إضعاف النفوذ الإيراني المُتغلغل في المنطقة العربية بما يُسمّى أذرعًا إيرانية، سواء في لبنان أو اليمن أو العراق، بعدما قُطِعت ذراعُها في سوريا”.

ويُشير إلى أنّ “المسألة ستكون شديدة الوضوح في الأيام المقبلة لجهة حسم التوازن العسكري لمصلحة الحلف الغربي بشكلٍ عام، وتحديدًا الأميركي وراء إسرائيل. ولبنان سيكون، طبعًا، في عين العاصفة، إذا تَهَوَّرَ حزب الله ونفّذ الرغبة الإيرانية في الانخراط في المواجهة، وبما تبقّى لديه من قدرةٍ عسكريةٍ مُتهاويةٍ ومُتراجعة، ستضطرّ إسرائيل إلى استخدام الحدّ الأقصى من العنف بالغارات العسكرية طبعًا، وربما بالاجتياحات البرّية أو عمليات إنزالٍ عسكريةٍ في مناطق محدّدة من لبنان، وتحديدًا في بعض مناطق الجنوب والضاحية الجنوبية، وربما في البقاع. وهذا الأمر الآن هو برسم كبار المسؤولين اللبنانيين، إذ لا يكفي فقط الإعراب عن رغبة لبنان في عدم التورّط في هذه الحرب، ولكن يجب أن يقترن هذا الموقف بضغطٍ ميدانيّ، بمعنى أن يتمّ منع حزب الله من الإقدام على هذه الورطة الجديدة، إنقاذًا لما تبقّى من لبنان، ولبيئة حزب الله نفسها”.

ويتابع: “في الحقيقة، الأرجح أن يتغلغل التخوّف من هذا التورّط إلى الانزلاق إلى مواجهةٍ غير محسوبة، وهنا يبرز دور رئيس مجلس النواب نبيه برّي في تقديم النصيحة الحارّة لحزب الله، كي لا يُقدِم على تنفيذ الرغبة الإيرانية، في حال صدر عن طهران ما يُعرف بالتكليف الشرعي لحزب الله للدخول في هذه الحرب. وحتّى الآن، نجد أنّ طهران، ومعها هذه الأذرع، سواء في اليمن أو العراق أو لبنان، تتريّث كثيرًا وتحسب حساباتٍ دقيقة قبل الإقدام على هذه الورطة الخطيرة. لذلك، فإنّ الأيام الطالعة ستحسم الاتجاه اللبناني إلى البقاء على الحياد في هذه المعركة، التي بدأت تظهر نتائجها بوضوحٍ منذ الآن، وهذه النتائج هي حُكمًا لمصلحة التحالف الأميركي – الإسرائيلي الغربي بشكلٍ عام”.

ويختم الزغبي: “قد يكون التفجير الإرهابي الذي حصل في كنيسةٍ قريبةٍ من دمشق، ليس من عمل النظام السوري الجديد، بالطبع، ولا من أعمال قوى مناوئةٍ لإيران، بل ربّما ستلجأ إيران إلى هذا النوع من العمليات، كي تحاول ترميم علاقاتها مع بعض الفصائل والاتجاهات المتطرّفة في العالم العربي، وفي تقديرها أنّ مثل هذه العمليات الإرهابية تُخفّف الوطأة عن وضعها العسكري الميداني، وقد لا يكون حزب الله بالتحديد بعيدًا عن هذه العمليات الشبيهة، التي ربما ستحصل أو تتكرّر في مناطق أخرى”.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us