بلينكن يخفق في إقناع إسرائيل بالحل.. وهوكشتاين يستطلع أفق المرحلة لبنانياً


خاص 24 كانون الثاني, 2024

تمحورت محادثات هوكشتاين حول مرحلة ما بعد حرب غزة بعدما تبين أنّ حزب الله يرفض أي تفاوض قبل وقف النار هناك. وتبعاً لذلك، دارت أسئلة الموفد الأميركي مع المسؤولين حول مصير القرار 1701


كتب فيليب أبي عقل لـ”هنا لبنان”:

في سوق اقتراحات الحلول المفتوح على غاربه منذ اندلاع حرب غزة بعملية طوفان الأقصى الحمساوية، طروحات أكثر من أن تحصى، لمحاولة فرملة آلة القتل التي تفتك بالمدنيين وقد حصدت منهم حتى الساعة ما يناهز 23 ألفاً، كان آخرها قطري الهوية تردد أنه يقضي بتبادل الأسرى والمعتقلين بين إسرائيل وحماس وإعلان وقف النار لمدة ثلاثة أشهر وعودة النازحين إلى منازلهم في شمال القطاع وإنشاء إدارة بتمويل دولي لإعادة إعمار غزة، وخروج قادة حماس من القطاع وانسحاب الجيش الإسرائيلي.
هذا الطرح أعجب واشنطن التي أوفدت وزير خارجيتها أنتوني بلينكن، في جولة هي الرابعة في المنطقة منذ بدء الحرب لتسويقه لدى تل أبيب علّه يفتح باب الحل “نصف فتحة” معها وكذلك مع الفلسطينيين فهل حقق المبتغى؟
تقضي المرحلة الثالثة من الحرب في غزة “حصر العمليات العسكرية وتخفيف وتيرتها وجعلها أكثر دقة لتجنب إصابة المدنيين”. إسرائيل أبلغت بلينكن بشروطها لدخول المرحلة هذه، أي وقف العمليات العدائية قبل الانسحاب من غزة، لذلك ترفض بقاء حماس وآلتها العسكرية في القطاع، وتسليم الأمن إلى قوة عربية برعاية أممية تعمل بإشراف سلطة فلسطينية جديدة يتولى الرئيس محمود عباس تشكيلها وفق المبادرة المصرية.
لم ينجح وزير خارجية الدولة الحليفة بإقناع إسرائيل بضرورة وقف النار واستعجال الحل بعدما تبين أنّ نتائج العملية العسكرية جاءت متواضعة وليست كما كان يرغب فيها بنيامين نتنياهو، وفق ما قال مسؤول إسرائيلي. لذلك لم يتمكن بلينكن من انتزاع موقف من حكومة نتنياهو بإعلان وقف النار والاعتراف بحل الدولتين المعبر للحل. إنّ “الصراع” السياسي داخل إسرائيل ومطالبة المعارضة نتنياهو بالاستقالة يحملانه على المزيد من التشدد في موقفه، إلا أنه في النهاية، بحسب أوساط دبلوماسية “مهما عاند وكابر لا يمكنه الوقوف في وجه من يمده بالسلاح والمال”.

بالتزامن مع التطورات الإقليمية المنعكسة تداعياتها مباشرة على لبنان وصل إلى بيروت في زيارة خاطفة، كبير مستشاري البيت الأبيض لشؤون الطاقة آموس هوكشتاين، مكلفاً من الرئيس جو بايدن، بمنع اندلاع الحرب الشاملة من جنوب لبنان، وخفض التوتر على هذه الجبهة لقطع الطريق على حكومة نتنياهو استغلال التصعيد لتوسيع رقعة المعارك. من إسرائيل وصل الموفد الأميركي إلى بيروت، بعدما اجتمع في باريس مع مسؤولين معنيين بالملف اللبناني، وفي روما مع نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب الذي نقل إلى الرئيس نبيه بري رسالة حول مهمة الموفد وما دار بينه وبين المسؤولين الإسرائيليين.
وفي لبنان حمل هوكشتاين لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي عقد معه خلوة لمدة نصف ساعة “أسئلة من إسرائيل تتعلق بجبهة الجنوب وتطبيق القرار 1701، تطالب بأجوبة واضحة حولها”.
هدفت زيارة هوكشتاين للبنان إلى “الحصول على وقف للعمليات العدائية”، وفق مسؤول إسرائيلي، إلا أن الجواب جاء واضحاً على لسان ميقاتي في مستهل جلسة مجلس الوزراء يوم الجمعة الماضي وفيه “أنّ الوضع الحالي هو أفضل مما كان عليه قبل شهرين لناحية بدء التفهم لوجهة النظر اللبنانية التي أبلغتها أيضاً إلى الموفد الأميركي آموس هوكشتاين، ومفادها أن هناك قرارات دولية صادرة منذ العام 1949 وصولاً إلى القرار 1701. كل هذه القرارات الدولية لم تنفذها إسرائيل في حين نؤكد باستمرار أننا تحت الشرعية الدولية وبياننا الوزاري أكد احترام كل القرارات الدولية. ومن أجل تحقيق الاستقرار في الجنوب، فلتطبق كل القرارات الدولية، بدءاً من اتفاق الهدنة الصادر عام 1949، وكل النقاط الواردة فيه من دون أي تغيير”. في جعبته وضع “ساعي البريد” الأميركي جواب رئيس حكومة لبنان على أسئلة تل أبيب، وطرح مع المسؤولين أفكاراً ومقترحات في إطار جمع الأوراق تحضيراً للتسوية، على غرار “ماذا سيفعل لبنان بعد وقف النار؟”، مشدداً على أن إسرائيل تريد حلاً دبلوماسياً وليس عسكرياً، كما يقول مسؤول إسرائيلي. ويضيف “إنّ الوقت ينفذ أمام الحل الدبلوماسي”.
في السياق، لم تستبعد أوساط مراقبة أن تشنّ إسرائيل حربًا لأيام في الجنوب لقطع الطريق على أي قرار مفاجئ للحزب ولعزل جبهة الجنوب عن جبهة غزة.
وقد تضمنت اقتراحات وأفكار هوكشتاين أيضاً ما يتصل بطمأنة إسرائيل مستوطنيها. فجاء رد مسؤول لبناني عليها بالقول “إنّ أيّ حل في لبنان سيكون جزءاً من الحل في غزة وأي حل في غزة سيكون لبنان جزءاً منه”. انطلاقاً من هذه الوقائع تمحورت محادثات هوكشتاين حول مرحلة ما بعد حرب غزة بعدما تبين أن حزب الله يرفض أي تفاوض قبل وقف النار هناك. وتبعاً لذلك، دارت أسئلة الموفد الأميركي مع المسؤولين حول مصير القرار 1701 بعدما أبلغه الرئيس نبيه بري “أن على إسرائيل أن تطبق القرار وتوقف عمليات الخرق جواً وبراً وبحراً”. وفي إطلالته ما قبل الأخيرة قال الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، “يثبت الإسرائيلي اليوم معادلات الردع التي أسست لها المقاومة منذ سنوات طويلة، وهذا يفتح للبنان فرصة أن يتمكن بعد توقف العدوان على غزة من تحرير بقية أرضه من منقطة الـB1 إلى مزارع شبعا وكل شبر من أرضنا، ونحن أمام فرصة حقيقية لتثبيت معادلة تمنع العدو من اختراق سيادة بلدنا. لكن أي كلام أو تفاوض أو حوار لن يوصل إلى نتيجة إلا بعد وقف العدوان على غزة”.
كلام نصرالله اعتبرته أوساط مراقبة مثابة رسالة إلى الجهات المعارضة في الداخل، يعيد عبرها الفضل في انسحاب إسرائيل الكامل من الأراضي المحتلة ومن النقاط الـ13 المتنازع عليها إلى شبعا وكفرشوبا، إلى المقاومة بعدما اعترفت إسرائيل بمعادلة الردع. ويرفض الحزب الدخول في المفاوضات حول تطبيق 1701، لئلا يتهم من المعارضة، بأنه استغل الحرب في غزة ووجع الغزاويين لتحقيق مكاسب، في حين اتهمت أوساط سيادية الحزب بأنّ مجرد قبوله بالتفاوض قبل إعلان إسرائيل وقف النار في غزة وحل الدولتين هو تجاوز لمبدأ “لا تفاوض قبل وقف النار”.
إزاء المشهد المعقد في الداخل والتعنت الإسرائيلي في ما يتصل بوقف النار في غزة تمهيداً لبدء التسوية، ستبقى المبادرات العربية قائمة والمساعي الأميركية لفرض حل مستمرة وجولات بلينكن المكوكية للمنطقة متواصلة إلا أن موعد الحل في عالم الغيب.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us