كارثة الكهرباء: off off


خاص 26 كانون الثاني, 2024

واجه لبنان مشكلات مستمرة في تأمين إمدادات الكهرباء بشكل مستدام وفعّال بسبب نقص التمويل والفساد والإهمال في البنية التحتية، حتى وصلت انقطاعات الكهرباء في بعض الأحيان إلى مرحلة صفر كهرباء في الأربع وعشرين ساعة


كتب جوني فتوحي لـ”هنا لبنان” :

كان يتأمل اللبنانيون أن يعمل ملف الكهرباء off_on دون انقطاع حسب الدعاية الشهيرة التي عممتها وزارة الطاقة منذ عقدين من الزمن، لكنه تحول إلى off_off، فالتصقت بلبنان صفة الدولة الأسوأ في إدارة ملف الكهرباء، لا بل الدولة ذات السمعة السوداء، نظراً لحجم الهدر والفساد والفشل الذي سجل على مدى عشرات السنوات ولا يزال.
في لبنان، يعد الوضع الكهربائي أحد التحديات الرئيسية التي تواجه البلاد. فعلى مدى سنوات عديدة، واجه لبنان مشكلات مستمرة في تأمين إمدادات الكهرباء بشكل مستدام وفعّال، وتعود أسباب هذه الأزمة إلى نقص التمويل، والفساد، والإهمال في البنية التحتية، مما أدى إلى تدهور الشبكة الكهربائية وانقطاعات متكررة في التيار الكهربائي، وصلت في بعض الأحيان إلى مرحلة صفر_كهرباء في الأربع وعشرين ساعة.
من جهة أخرى، يعتمد لبنان بشكل كبير على المولدات الخاصة لتلبية احتياجات الكهرباء، مما يجعل النظام عرضة للتقلبات والاضطرابات. وتكبدت الحكومة تكاليف باهظة لتوريد الطاقة الكهربائية، ولكن تظل التحديات الهيكلية والإدارية والسياسية تحول دون تحقيق تقدم يذكر في هذا المجال، بسبب الفساد وغياب الحوكمة والصراعات السياسية حول هذا الملف.
تبدو التحسينات في ملف الكهرباء غير واقعية إلى حدٍ ما، ويظل هناك حاجة ملحة إلى استثمارات كبيرة في تحديث البنية التحتية وتعزيز القدرة على توليد الكهرباء. ولذلك بات اللبنانيون يشعرون بالإحباط إزاء استمرار انقطاعات التيار الكهربائي والأثر السلبي الذي يترتب على حياتهم اليومية وأعمالهم، كما تؤثر أزمة الكهرباء في العمق على جميع القطاعات السياحية والصناعية وقطاع الخدمات، وتغرق لبنان في فوضى عارمة، وتلحق بهذه القطاعات خسائر باهظة.

حواط: لتعيين الهيئة الناظمة
في هذا السياق، قال عضو تكتل الجمهورية القوية النائب زياد حواط لـ”هنا لبنان”: إن خطة إصلاح قطاع الكهرباء تعود إلى العام ٢٠١٠ وضعها الوزير جبران باسيل وتعاقب على وزارة الطاقة والمياه مجموعة وزراء جميعهم من الفريق السياسي نفسه، والمأخذ على هذا الموضوع أنّ كل مشاريع الكهرباء التي رأيناها لم تلحظ موضوعاً أساسياً وهو رفع التعرفة، فالتعرفة كانت دائماً دون سعر الكلفة أي كان يتم بيع الكيلوات إلى الناس بأقل من سعر الكلفة، وهذا الأمر لا يجوز، وقد أدى إلى هذا الخراب وأوصلنا إلى ٤٠ مليار دولار خسائر في قطاع الكهرباء.
نحن نقول أنّ المسؤولية الأساسية تقع على عاتق وزير الطاقة وكل وزراء الطاقة المتعاقبين لأن المرسوم ٤٥١٧ الصادر في 13/12/1972 (نظام المؤسسات العامة) ينص على أن موضوع التعرفة هو من بين المواضيع الخاضعة لتصديق سلطة الوصاية.
أضاف: لم يلفت أيّ وزير نظر إدارة الكهرباء أو طلب منها رفع التعرفة حتى تستقيم الأمور، كان دائماً يتم رفع الموضوع إلى مجلس الوزراء والوزير يعرف أنّ مجلس الوزراء لن يبت هذا الموضوع لأنه موضوع غير شعبي وبالتالي لم يكن يتخذ أي قرار بشأنه، وهذا ما أدى إلى هذه الكارثة الاقتصادية، وبالتالي تقييم أداء الحكومة ينطلق من تقييم أداء وزراء الطاقة.

وعن اتهام التيار للقوات بعرقلة تنفيذ خطط الكهرباء، أشار الحواط إلى أنه لم تكن هناك عرقلة لتنفيذ الخطط الموضوعة، بقدر ما كانت هناك محاولة لتصحيح الخلل الذي كان يحصل، وهذا الخلل كان واضحاً، نحن طالبنا أكثر من مرة بأن يتم تعيين الهيئة الناظمة من أجل أن تدير هذا القطاع بكفاءة ومهنية ولغاية هذه اللحظة لم تعيّن هذه الهيئة وما زال قطاع الكهرباء بالوضع الذي هو فيه.
وأضاف: عندما تم إقرار موضوع البواخر التركية لإنتاج الكهرباء في لبنان اعترضنا على هذا الموضوع واعتبرنا حينها أنه موضوع سيكلف الخزينة، ولن يؤمن حلاً لمشكلة الكهرباء والدليل أن العقود انتهت مع شركات البواخر التركية وغادرت لبنان وبقي وضع الكهرباء على حاله. إذاً نحن بالمطلق كنا نحاول أن نصحح وأن نطرح أفكاراً بديلة لمعالجة الخلل وليس لعرقلة المشاريع المطروحة التي كانت تضم ثغرات وأخطاء كثيرة.
أما في ما يتعلق بمطلب القوات في ملف الكهرباء قال: تصورنا واضح للخروج من الأزمة الكهربائية، نحن نريد خطة كاملة متكاملة تنطلق من تعيين الهيئة الناظمة بشكل سريع، والخطة الثانية هي الاستثمار بموضوع الطاقة المتجددة بعدما صدر عن مجلس النواب مؤخراً قانون الطاقة المتجددة، ومعلوم أن اللبنانيين أمّنوا ألف ميغاواط من خلال الطاقة الشمسية وهنا ينبغي تشجيع الاستثمارات من قبل الهيئات المحلية والمواطنين بهذا القطاع، الذي يوفر على خزينة الدولة الكثير إذا شجعنا الإستثمار فيه ولنذهب إلى تعزيز الطاقة البديلة التي يمكن أن تكون حلاً بديلاً عن إنشاء معامل للكهرباء..
ومن الحلول الأساسية أيضاً تعيين وزير إختصاصي في مجال الطاقة يكون بعيداً كل البعد عن التدخلات والتجاذبات السياسية لأن المشكلة واضحة اليوم وهي إنتماء الوزير إلى فريق معين يجبره بأن يعمل لمصلحة فريقه السياسي لا للمصلحة العامة

أبي نادر: متمسكون بوزارة الطاقة
من جهة أخرى، قال القيادي في التيار الوطني الحر مالك أبي نادر :”إذا عدنا إلى الدستور والقانون، فقد قمنا بواجبنا كاملاً. نحن وضعنا الخطط ونفذنا كل المراسيم التنفيذية، ومشاريع مثل هذه بحاجة إلى موافقة مجلس الوزراء. للأسف، لم نستطع أن نحقق كل هذه الأمور بسبب الاعتراض علينا في مجلس الوزراء. ولكن، كل الوزراء الذين تعاقبوا على الوزارة وضعوا خطة للكهرباء، وأقرها مجلس الوزراء ودخلت حيز التنفيذ. ومع ذلك، جاهر وزراء المالية بالقول أنّ لهم الشرف لعرقلة خطة الكهرباء. في حين يمكن محاسبة الوزير إذا كان أمر الدفع بيده، إلا أنّ كل هذه الأمور تتعلق بمجلس الوزراء مجتمعًا، وليست محصورة في الوزارة فقط، وهذا ما قمنا به.
أضاف: لذلك، لا نشعر بذنب في ما يتعلق بهذا الموضوع لسبب بسيط، وهو أننا قمنا بواجبنا، ولكن مجلس الوزراء خذلنا ولم يصوت معنا. بالنسبة لنا، نتمسك بوزارة الطاقة لأن لدينا خطة واضحة للكهرباء ولمشروع النفط، والجميع يعلم ما قدمناه في مشروع النفط.
وقال: في موضوع الكهرباء، هناك مافيا تتألف من أصحاب المولدات وتجار المازوت والفيول في لبنان، وتكبد الدولة خسائر تقدر بـ 3 مليارات دولار سنوياً. وإذا تم تنفيذ خطة الكهرباء، فلن تستفيد هذه المافيا وأصحابها الذين يتواجدون داخل المجلس، ولذلك بالطبع لن يسمحوا بتنفيذ الخطة. تتجه أصابع الاتهامات صوب التيار دومًا بشأن استئجار البواخر، بينما الرئيس ميقاتي هو الذي لزم البواخر، وعندما حان موعد تجديد عقد البواخر، رفض ذلك.
وتابع: لنكن واقعيين، لا يمكن لأي شخص أن يضع خطة للكهرباء في ظل وجود مافيا تتبع الزعماء وتستفيد من تجارة المازوت والفيول.

العلية: تقارير موثقة عن مخالفات أثناء تولي أبو خليل وبستاني وزارة الطاقة
في سياق آخر، قال رئيس هيئة الشراء العام جان العلية: “ضمانات الشفافية في قانون الشراء العام تتعلق بجميع عمليات الشراء وتنطبق على قطاع الكهرباء، وتمتد إلى قطاع الأشغال وقطاع اللوازم وقطاع التوريدات. يُختصر الأمر أولاً بتحديد الاحتياجات بشكل واضح ودقيق وفي الوقت المناسب. ثانيًا، يتضمن وضع دفاتر الشروط التي تعكس الاحتياجات الحقيقية وتخضع لمبدأ التناسب بين الاحتياجات المطلوبة وواقع العارضين، مما يعني أنه يجب أن تكون هذه الدفاتر عادلة وتجنب الشروط الحصرية أو التمييزية.
وقال: في المرحلة الثالثة، بعد تحديد الاحتياجات ووضع دفاتر الشروط، يتم الإعلان عن المناقصة بمهلة كافية للعارضين لتقديم عروضهم. في المرحلة التالية، أي مرحلة تقييم العروض، يتم التعامل مع العارضين باستناد إلى مبدأ المساواة.
وعن كيفية تعامل الهيئة مع تحديات تلزيمات الكهرباء أشار إلى أن هذا الأمر يجب أن يكون مخططاً له من قبل الجهة المعنية وهي وزارة الطاقة. نحن نعلم أنّ كل عمل إداري تعتريه مخاطر وفي علم الإدارة يجب أن تكون هناك دراسة للمخاطر، وأن تكون لدى وزارة الطاقة إجراءات لمواجهة هذه المخاطر، ويجب إدارة الوزارة بحكمة ودراية وإطلاق المناقصة بوقت كافٍ، ويبقى ما يسمى مخزون الأمان لتفادي انقطاع التيار الكهربائي وهذا شيء بديهي جداً.
وأضاف: عبارة “مكافحة الفساد” ستبقى شعاراً وستبقى كلاماً يردده الباحثون والمسؤولون إذا لم تكن هناك محاسبة. في قطاع الكهرباء، هناك على الأقل في هيئة المناقصات السابقة تقارير موثقة عن مخالفات حصلت من 2016 إلى 2019 أثناء فترة وجود الوزيرين سيزار أبي خليل وندى البستاني. وفي عام 2021، عقدت لجنة الأشغال والطاقة برئاسة النائب نزيه نجم اجتماعاً وقررت بناءً على تقرير قدمته إلى إدارة المناقصات تشكيل لجنة لتقصي الحقائق، في مخالفات مالية في مناقصات وزارة الطاقة، لكن هذه اللجنة لم تجتمع مرة واحدة. إذا أردنا أن نحارب الفساد بالحقيقة والواقع ونمنع حدوثه، يجب علينا أن نحاسب المخالفات التي ترتكب والمخالفين. في بيئة يسهل فيها خرق القوانين، إن كان في الكهرباء أو أي شيء آخر لم تتم محاربة الفاسدين. في لبنان الجميع يتحدث عن الفساد، ولا نجد فاسداً أو مفسداً، والمفسد أخطر من الفاسد، المفسد هو من يدفع شخصاً آخر إلى الفساد.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us