النبيذ اللبناني: كنز وكفاءة وريادة


خاص 19 شباط, 2024

يشغل قطاع النبيذ اللبناني مئات وآلاف العمال والخبراء، ولذلك على الدولة أن تضع كل الإمكانات بتصرف من ينمون هذا القطاع الحيوي، كي يضعوا لبنان في صدارة هذه الصناعة المميزة


كتب جوني فتوحي لـ”هنا لبنان”:

نرحب بكم في عالم النبيذ اللبناني، حيث يجتمع التاريخ والثقافة والعناية العميقة بالتفاصيل ليخلقوا تجربة لا تُنسى خصوصاً عندما يقول الذواقة كلمتهم. تعكس زجاجة النبيذ اللبناني الأصالة والتنوع الثقافي لهذا البلد الجميل، حيث يتمتع بمواصفات فريدة تأخذك في رحلة نوعية إلى عالم الريادة. إنه نبيذ يحكي قصة الأرض اللبنانية الخصبة، مع لمسات فريدة تنبض بروح لبنان، وهو حكاية نجاح تحمل عبق التاريخ والثقافة والجمال الطبيعي.
هل يعلم اللبناني أن بلده ينتج بمعدل 18 مليون زجاجة نبيذ سنوياً؟ هل يعلم ان قيمة التصدير في الاقتصاد اللبناني تبلغ 30 مليون دولار سنوياً كمدل وسطي؟
هل يعلم أن قطاعاً كهذا يشغل مئات وآلاف العمال والخبراء من مزارعين وصانعي نبيذ وتجار ومصدرين؟
إنه النبيذ اللبناني الذي على الدولة أن تضع كل الإمكانات بتصرف من ينمون هذا القطاع الحيوي، كي يستمروا ويضعوا لبنان في صدارة هذه الصناعة المميزة.

بالج: لدينا توجه نحو إنتاج النبيذ العضوي في غضون بضع سنوات
في هذا السياق، قال عالم الخمور في معمل كسارا للنبيذ، جايمز بالج: “في الحقيقة، هناك عدة أنواع من العقود، أولاً لدينا كرومنا الخاصة، ثم لدينا عقود لتأجير الأراضي على المدى الطويل، حيث نقوم بزراعتها وتنفيذ كل شيء من الألف إلى الياء”.
وأضاف: “ثم، لدينا عقود مع أشخاص يمتلكون أراضيَ يقومون بالعمل فيها بأنفسهم وفقاً لنصائحنا: نحن نوفر النباتات، ونوجههم حول كيفية العمل. هذه فرقنا التي تم تدريبها بواسطة مهندسي الزراعة لدينا الذين يتابعون الكروم المختلفة، ويقررون الأسمدة العضوية، والأسمدة المعدنية، ومنتجات المعالجة، وتواريخ المعالجة، وهكذا”.
لافتاً إلى أنّ “جميع العنب الذي يصل إلى شاتو كسارة مغطى بعقود ويتابعه مهندسو الزراعة في الكروم وأنا وفريقي بأكمله”.
وتابع: “في كرومنا، نمارس، بالطبع، أقل قدر ممكن من المعالجة. ولكن حالياً، ليس لدينا أي من النبيذ المعلن عنه عضوياً، على الرغم من أنه يمكننا فعل ذلك لأننا نستخدم كمية قليلة جداً من المبيدات الفطرية، باستثناء المعالجة ضد العفن الدقيقي باستخدام الكبريت”.
مشيراً إلى أنّ “الكبريت يُعتبر معالجة عضوية، لذا يمكننا التنويه بأننا عضويون تماماً. ومع ذلك، نحن نعمل على إنشاء كروم جديدة، حيث سنقوم فعلاً بالقتال العضوي. لدينا توجه نحو إنتاج النبيذ العضوي في غضون بضع سنوات، ولكن على أرضية محددة جيداً حيث لا توجد كروم حولها. لأنه يجب أن نعلم أنه عندما ندعي العضوية، فمن المفترض أن لا تكون هناك كروم حولنا تزرع بالطريقة التقليدية مع المعالجات”.
وأكمل بالج: “لا أريد ذكر أسماء، ولكن القليل جداً من الكروم يمكن أن تدعي العضوية في لبنان، لأنه لا ينبغي أن يكون هناك أحد حولنا، ولكننا نعرف كيفية التنظيم ولا يوجد أي رقابة.
وقد تم وضع سياسة منذ سنوات عديدة بالفعل لمواجهة التغير المناخي”. وأشار إلى أنّ الكروم المروية ستعطي منتجًا أفضل من الكروم غير المروية. بالطبع، يجب أن تكون هذه المياه مراقبة جيداً. ولهذا، قمنا بتركيب أجهزة استشعار هيدروبونية في كرومنا الخاصة منذ حوالي عشرين عاماً الآن تسمح لنا بقياس توفر المياه في التربة. هذه الأجهزة مزروعة على أعماق مختلفة، مما يسمح لنا بتحديد تواريخ الري بدقة وكمية الماء التي يجب إضافتها”.
وقال: “في جميع كروم العالم، وحتى في فرنسا، حيث كان الري ممنوعاً في بعض المناطق، أصبحنا الآن نسمح بالري. لأننا نعلم تماماً أن الكروم لن تتمكن من الصمود على المدى الطويل إذا لم نروِها”.
وأضاف: “شيء آخر نحن بصدد تغييره حيث أن لدينا القدرة على القيام بذلك، لأن لدينا تنظيم ليس صارماً جداً، هو اختبار أصناف جديدة، أصناف أكثر مقاومة للجفاف، إسبانية، إيطالية أو يونانية، لأنها في الأساس أكثر تكيفاً مع الجفاف والمناخ الحار. من أجل الحصول على نبيذ له توازن أفضل، من حيث الكحول ومن حيث النشاط”.
أما من ناحية عمل التربة، فشدد على “إننا نعتمد على أسلوب تقليدي، نستخدم أقصى قدر من المواد العضوية، والآن نقوم بزراعة النباتات الغطائية في الأراضي التي تسمح بتحسين هيكل التربة، في محاولة لتثبيت أقصى قدر من النيتروجين لإعادة الحيوية إلى التربة لأنه مع ممارسة الحراثة، كلما تعرضنا التربة لأشعة الشمس كلما دمرنا المواد العضوية أكثر. لذلك، في الواقع، كما يفعل كثيرون، يجب أن نعود تقريبًا إلى عدم الحراثة لتكون هناك نباتات غطائية، لإعادة الحيوية إلى التربة وتحسين الهيكل. وختم بالقول: “بالطبع، هذا يؤدي إلى عقبات في السنوات الأولى من حيث الإنتاجية للكروم، لأنه في البداية يكون هناك منافسة، ولكن بعد ذلك، على المدى الطويل، يكون لدينا تبادل أفضل وتوازن أفضل وانتظام أفضل من حيث الإنتاجية وجودة المحصول”.

أبو خاطر: نبيذ لبنان فريد من نوعه
ومن جهته أشار رولان أبو خاطر، صاحب مصنع Coteaux du Liban إلى أن النبيذ اللبناني من أجود أنواع النبيذ في العالم، “لدينا مزيج جميل جداً بين تربة خصبة وطقس مناسب للغاية، حيث يتمتع لبنان بـ300 يوم مشمس في السنة، بالإضافة إلى الثلوج التي تتساقط في بعض الأيام والجبال العالية. ولذلك يعتبر المناخ الذي ينمو فيه العنب في لبنان فريداً من نوعه”.
وأضاف: “شروط التصدير تختلف حسب كل دولة، على سبيل المثال، الاتحاد الأوروبي لديه شروط معينة، ودول أخرى مثل الصين والولايات المتحدة لديها شروط معينة. وفي لبنان، يلتزم معظم المنتجين بهذه المعايير ولا يواجهون صعوبة في التصدير. طبعاً، إذا كانت المصانع مرخصة ومسجلة في وزارة الزراعة وتخضع للفحوصات من الوزارات المختصة، ستكون مطابقة للمعايير وستصدر المنتجات بسهولة”.
وأكد أبو خاطر أنّ الوزارات المعنية وخصوصاً الاتحاد الوطني لمنتجي النبيذ بالإضافة إلى معهد الكرمة والنبيذ، هم على علم دوماً بالقوانين الجديدة التي تصدر، وينظم المعهد دورات لجميع منتجي النبيذ لتطبيقها. وبالتالي، تقوم الوزارات بجهود كاملة لمتابعة المنتجين لضمان توافقهم مع القوانين الدولية وتسهيل عمليات التصدير.
أما في ما يتعلق باللوجستيات، فأشار إلى أنه هناك دائمًا تفهم من الوزارات وجهود مستمرة من معهد الكرمة والنبيذ لإيجاد حلول في حال حدوث إضرابات إدارية، ولكن بشكل عام، تسهل الوزارات المختصة الأمور بسبب جودة المنتج العالية.

فخري:النبيذ اللبناني ماركة عالمية
ومن جهته، قال بيار فخري مؤسس معمل إنتاج نبيذ قنوبين لـ “هنا لبنان”: “بناء على المبادرة التي قمنا بها لإنتاج نبيذ لبناني فاخر، للأسواق اللبنانية وللتصدير للخارج، فهناك ثقة بأنّ صناعة النبيذ اللبناني، يمكن أن تكون أحد القطاعات الأساسية لدعم الاقتصاد في لبنان، ولتأمين موارد للكثير من العائلات في لبنان. وهذه الصناعة تتميز بالتقنية العالية والرهافة والذوق الرفي، بدءاً من المرحلة الأولى مروراً بالتخمير والتخزين والتوزيع”.
وأضاف: “تحول النبيذ اللبناني إلى ماركة عالمية، هو مطلوب في الكثير من الدول، باعتباره يمثل الجودة والنوعية، وهذا القطاع يحتاج من الدولة إلى الكثير من الدعم، فنحن نقوم بصناعة أجود أنواع النبيذ الطبيعي، الذي يتم تصنيعه بطريقة بعيدة عن الأهداف التجارية، كي نؤسس لترسيخ صورة النبيذ اللبناني، كمنتج قادر على المنافسة. نقوم بالتصنيع والتخزين ثم التوزيع في السوق اللبنانية، وهنا كميات يتم تصديرها إلى الخارج”.
وختم بالقول: “يشكل البقاع اللبناني مصدر العنب الذي بدأت تنتشر زراعته بشكل واسع، لا سيما منه النوع المخصص لصناعة النبيذ، ويأتي المزارع اللبناني بخبرات من فرنسا وغيرها من الدول، ويتم استعمال الإنتاج للتصنيع، فهي دورة اقتصادية زراعية وصناعية كاملة”.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us