التضخم في لبنان: هل يتكرر مشهد الانهيار؟


خاص 28 شباط, 2024
التضخم

اقتصاد لبنان أصبح معزولًا عن قيمة عملته الوطنية، فقد شهدت البلاد نسبة تضخم بلغت 77% خلال عام 2023 مما يعكس تدهورًا مستمرًا في الوضع الاقتصادي، والليرة فقدت قدرتها على مواكبة معدلات التضخم


كتبت يارا الهندي لـ”هنا لبنان”:

في مقدمة كل عام، يصدر البنك الدولي تقريرًا يكشف فيه عن نسب التضخم في العالم، ومن بين البلدان المدرجة في هذا التقرير يأتي لبنان، حيث بلغت نسبة تضخم أسعار الغذاء فيه 208% مقارنةً بالعام السابق، وهو رقم يثير القلق ويجسد حجم التحديات التي تواجه الاقتصاد اللبناني.
ومع ذلك، يجب أن نلقي الضوء على الجانب الأكثر أهمية في هذا السياق، وهو أنّ اقتصاد لبنان أصبح معزولًا عن قيمة عملته الوطنية. فوفقًا لأرقام مؤسسة البحوث والاستشارات، شهدت البلاد نسبة تضخم بلغت 77% خلال عام 2023، مما يعكس تدهورًا مستمرًا في الوضع الاقتصادي.
وعلى الرغم من أنّ هذه الأرقام تبدو مقلقة، إلا أنّ الوضع يتفاقم بشكل أكبر عند النظر إلى قطاع الغذاء، حيث بلغت نسبة تضخمه 61%، بينما لم يشهد سعر صرف الليرة في السوق السوداء تغيرات كبيرة، حيث بلغ ارتفاعه 21% فقط، مما يشير إلى أنّ الليرة فقدت قدرتها على مواكبة معدلات التضخم.
وفي ظل هذه الظروف الصعبة، تثار تساؤلات كبيرة حول مستقبل القدرة الشرائية للمواطنين اللبنانيين، إلا أنّ تطمينات أتت على لسان الخبير الاقتصادي الدكتور محمود جباعي الذي تحدث لـ”هنا لبنان” عن الأسباب الأساسية لهذا التضخم والتي باتت معظمها نتيجة عوامل خارجية.
إلا أن نسبة التضخم بعدما كانت في الأزمة 250% انخفضت إلى 208%، ولكن لا تزال الحسابات مبنية على انهيار سعر الصرف من ١٥٠٠ ليرة حتى تخطى الـ٩٠ ألف ليرة لبنانية، مما يعني أن أحد أسباب التضخم في الليرة هو سعر الصرف.
أما بالنسبة لموضوع الأسعار، فيشير جباعي إلى أنها تتأرجح بين ارتفاع واستقرار في بعض الأحيان ولكن في الفترة الأخيرة شهدنا ارتفاعًا في سعر الدولار الفعلي.
أما العوامل الخارجية، مثل أزمتي اليمن، وتوقف باب المندب، فأثرت على لبنان بشكل مهم لجهة ارتفاع كلفة الشحن والنقل والتأمين، مما أدى إلى ارتفاع 20% من السعر الفعلي للأسعار.

والأسعار ارتفعت بالمقارنة مع العام الماضي قرابة 25%، فعلى سبيل المثال السلعة التي كان سعرها 1$، أصبحت 1.25$. إذاً، الحل بحسب جباعي هو احتساب سعر التضخم على سعر الدولار الحقيقي والفعلي. فاستقرار سعر الصرف الحالي أعطى ثباتًا للأسعار حتى بالليرة اللبنانية التي تلحق الدولار.
وتابع جباعي أنّ موضوع التضخم في لبنان يلحق كل بلدان العالم والتضخم العالمي، ويمكن القول إنّ هذا “التضخم مستورد” بارتفاع الأسعار لأنّ كل الدول الصناعية تشهد أيضًا تضخمًا وبطبيعة الحال سيتأثر لبنان لكونه يستورد معظم سلعه من الخارج.
ما يحصل اليوم بأسعار السلع هو شبه طبيعي لأن التأثيرات هي خارجية بالدرجة الأولى، يطمئن جباعي عبر “هنا لبنان”، والأزمة يدفع ثمنها موظفو القطاع العام ذوو الرواتب المتدنية والبعيدة عن سعر الصرف الحقيقي وهذا الأمر بيد الحكومة اللبنانية.
إلا أنه وللأسف، يلفت جباعي إلى أن لبنان سيبقى يعاني من ارتفاع وانخفاض الأسعار نتيجة الأسعار العالمية والأحداث الدولية، سواء من ارتفاع أسعار النفط والمشتقات النفطية أو المحروقات أو المواد الغذائية العالمية.
وبالتالي، يبقى السؤال المحوري معلقًا: هل سيتكرر مشهد الانهيار الاقتصادي الذي عانى منه لبنان، أم ستتحرك الدولة بجدية لمعالجة الأوضاع المتردية؟

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us

Skip to toolbar