باسكال سليمان شهيدًا .. تدخلات ليلية أحبطت الفتنة.. ماذا بعد؟


خاص 9 نيسان, 2024

بمعزل عن دوافع الاختطاف وأيًا تكن الأسباب، لا يمكن السكوت أو تمرير مثل هذه الجريمة.. وإنّ مبادرة رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع بالنزول إلى مستيتا بالرغم من ظروفه الأمنية تدلّ على حرصه على منع الفتنة وامتصاص غضب الشارع المبرر بفعل حالة الاستقواء الخاطفة للبلاد قبل العباد


كتب بشارة خيرالله لـ”هنا لبنان”:

انشغلت البلاد بطولها وعرضها بخبر اختطاف مسؤول منطقة جبيل في القوات اللبنانية باسكال سليمان الذي كان يقود سيارته وحيدًا في منطقة يُفترض أن تكون حضنًا آمنًا، لأنّ بلاد جبيل متميزة منذ الفينيقيين وتصدير الحرف مرورًا بالحرب الأهلية وصولًا إلى يومنا هذا بكونها أكثر المناطق البعيدة عن المشاكل اليومية والإشكالات السياسية أو الطائفية والمذهبية.

من يعرف أهالي بلاد جبيل عمومًا وعائلة سليمان وعائلة زوجته في بلدة ميفوق – القطّارة الجميلة، يعلم تمامًا أنّ البيئة الحاضنة، حاضنة للحضارة والتعايش في آن، حاضنة للتنوع والتعددية على قاعدة الاختلاف من دون خلاف. منذ زمن الانقسام الوطني على قاعدة “الكتلوي والدستوري”، مرورًا بـ”ميثاق عنّايا” وصولًا إلى التنوع السياسي والحزبي الحاضر، والذي أثبت بالملموس أنّ بلاد جبيل لا تزال “حارسة الصيغة والعيش الواحد”.

بمعزل عن دوافع الاختطاف وأيًا تكن الأسباب، لا يمكن السكوت أو تمرير مثل هذه الجريمة الشنيعة مرور الكرام.. وإن دلّت مبادرة رئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع بالنزول إلى مستيتا بالرغم من ظروفه الأمنية على شيء، فهي تدل على حرصه على منع الفتنة وامتصاص غضب الشارع المبرر بفعل حالة الاستقواء غير المبررة والخاطفة للبلاد قبل العباد..

بدأت القصة بعد ظهر يوم الأحد في اتصال أجراه رئيس بلدية ميفوق السابق يوسف أديب وهبة (والد زوجة باسكال سليمان) بالرئيس ميشال سليمان لإطلاعه عن فقدان الاتصال بـ”باسكال”، الذي بدأ بدوره بمخابرة الأجهزة الأمنية والوزارات المعنية كون العائلة مقربة جدًا من الرئيس سليمان، بالتزامن مع وصول الخبر إلى قيادة حزب القوات اللبنانية كون باسكال رئيس منطقة جبيل في القوات.

فلولا نزول سمير جعجع (الحكيم) شخصيًا، ولولا متابعة ومواكبة الرئيس ميشال سليمان للملف بأدق تفاصيله، ولولا تضامن “الكتائب اللبنانية” عبر موقف رئيس الحزب النائب سامي الجميل وإيفاده النائب الياس حنكش إلى مركز القوات، ولولا تكتل كل القوى السياسية بمعزل عن الخلاف أو الاختلاف السياسي ونزول نائب التيار الوطني الحر سيمون أبي رميا وتضامن الدكتور فارس سعيد وحزب الأحرار والنائب ميشال معوض وغيرهم، لكنا أمام سيناريو آخر، قد تكون الفتنة أحد نتائجه.

ولولا استنكار واستهجان العائلات الشيعية الكريمة في بلاد جبيل عبر بيانات عدة، كُتبت بحبر الحكمة والتمسك بالتاريخ المجيد، لرأينا مشهدًا مختلفًا.

أما الأجهزة الأمنية (مخابرات الجيش والأمن العام وقوى الأمن الداخلي) مع تسجيل غياب لافت لجهاز “أمن الرشيد”، فهي بدورها كانت ولا تزال الملجأ الوحيد للمعلومة الأكيدة والمتابعة الدقيقة.

وفي المعلومات، تمكنت الأجهزة عبر متابعة دقيقة تحديد مسار الخاطفين وحاصرتهم واعتقلت عددًا من الذين شاركوا بالتخطيط والتنفيذ، كما حاولت تشكيل ضمانة عبر اتصالات منها داخلي ومنها خارج الحدود لضمان سلامة المخطوف جسديًا وعدم تعريضه لأي سوء، قبل الحصول على المعلومة الصاعقة، باسكال فارق الحياة في طرابلس من جرّاء الضرب المبرح وتم أخذ الجثة إلى منطقة “أبو حورية”، منطقة حدودية بين لبنان وسوريا.

وتؤكد المصادر لـ”هنا لبنان” أنّ “حزب الله” يبذل جهدًا كبيرًا من خلال اتصالات عدة يجريها، لتبرئة نفسه من عملية الخطف ولاحقًا من عملية القتل.. ولكن، كيف يُمكن إقناع الرأي العام أنّ من اتهمته المحكمة الدولية باغتيال رفيق الحريري ومن بعده عشرات الجرائم من دون أي تبرير مرورًا باتهامه من قبل جهاز أمني رسمي بخطف جوزف صادر على طريق المطار وعدم الوصول في جريمة قتل المصور جو بجاني لأي دليل وقبل ذلك عند مقتل هاشم السلمان بدم بارد أمام السفارة الإيرانية ومن ثم اغتيال لقمان سليم في معقل “الحزب” من دون الوصول إلى القاتل..

كل هذه الجرائم السابقة، لو أضفنا إليها جريمة اغتيال المسؤول في القوات الياس الحصروني “الحنتوش” الذي قُتل بجريمة تشبه أفلام هوليوود، تُصعِّب إقناع الناس بأنّ قَتَلة باسكال سليمان هدفهم “السرقة” لا غير، ولا تحميهم “قوة عظمى” تتحكم بالشاردة والواردة وتُغلِّب سياسة “التفلت من الجريمة” ثم “التفلت من العقاب” على سياسة إطلاق يد الأجهزة الأمنية لضبط الأمن، وإطلاق يد السلك القضائي لتحقيق العدالة، بدلًا من تهديد القاضي طارق البيطار بـ”قبعه”.. وهنا كلمة “قبع” تحمل ألف معنى..

رحم الله الشهيد المغدور باسكال سليمان الذي دفع حياته ثمن عدم وجود دولة قادرة على حماية شعبها..

أما آن أوان مواجهة مشروع تدمير لبنان وقتل شعبه بكل الطرق؟ تفاصيل كثيرة ستتكشف في الساعات القليلة المقبلة.. ترقبوها.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us