مَن ساهم في توتير العلاقة بين برّي و”الحزب”؟

يتباهى الثنائي الشيعي بتحالفه الدائم فيما المصالح تجمعه، لكن في الكواليس يسود التوتر المستتر لأنّ ظهوره في العلن ممنوع، كي تبقى الصفحة بيضاء بين الطرفين أمام الخصوم ولأنّ مصلحة الطائفة تقتضي التعاون ولكن ليس في كل مرّة تسلم الجرّة
كتبت صونيا رزق لـ”هنا لبنان”:
ليس كل تحالف سياسي قادر على ضبط الأوضاع دائماً بين أطرافه، خصوصاً إذا كان الماضي الأليم بينهم لا يمكن أن يُنسى، وهذه هي حال الثنائي الشيعي الذي يتباهى بتحالفه الدائم فيما المصالح هي التي تجمعه، لكن في الكواليس يسود التوتر المستتر لأنّ ظهوره في العلن ممنوع، كي تبقى الصفحة بيضاء بين الطرفين أمام الخصوم بصورة خاصة.
من هنا لا بدّ من استذكار المرحلة القاتمة بين حركة أمل وحزب الله، والتي لا يمكن نسيانها خصوصاً من قبل عناصر أمل، الذين ذاقوا الأمرّين من الحزب في آذار من العام 1988، حين بدأ الصراع باشتباكات بين الطرفين، ثم تحوّل إلى مواجهات عسكرية عنيفة بعد شهر، احتل خلاله حزب الله مراكز الحركة في منطقة الضاحية الجنوبية، فسقط المئات من عناصر أمل بين قتلى وجرحى، ليمتد من ثم على مراحل مُتقطّعة، توقّف بعدها في تشرين الثاني 1990، إثر توقيع اتفاق بين الجانبين رعته سوريا وإيران، بصفتهما الدولتين الراعيتين لهما.
هذه المواجهات ذكّر بها بعض مؤيدي الحركة منذ أشهر قليلة على مواقع التواصل الاجتماعي، خلال الحرب الأخيرة بين إسرائيل وحزب الله، موجّهين “الشماتة” بهم بعد خسارتهم المدوية.
هذا الماضي الأليم اختلف عنه الحاضر، لأنّ مصلحة الطائفة تقتضي التعاون ولكن ليس في كل مرّة تسلم الجرّة، مع أنّ الرئيس برّي يستعين دائماً بالموقف الإيجابي، لأنه يعرف جيّداً كيف يسير بين الألغام السياسية، لذا يصرّح دائماً بأنّ المباحثات مع الرئيس المكلف نواف سلام، حول الضمانات والحقائب الوزارية تسير بشكل جيد، فيما يعتبر الحزب أنّ برّي يعمل على ترطيب الأجواء السياسية مع بدء العهد، لأنه لا يريد تحمّل نتيجة أي سقطة، وهذا قد يدفعه للقيام ببعض التنازلات أو المشاركة في الحكومة بمفرده، فيما الإصرار مطلوب بقوة من قبل الحزب لنيل كل مطالبه، ما دفع ببعض الوسطاء المقرّبين من الطرفين إلى التدخل، منعاً لتفاقم الأمور بينهما “لأنو مش وقتها” في هذه الظروف الدقيقة جداً، والتي تتطلب تعاوناً وتوافقاً على كل الأصعدة منعاً لمزيد من الهزائم، فإلى جانب الحرب التي خسرها حزب الله، هنالك خسارة رئاسة الجمهورية من خلال عدم استطاعته إيصال مرشحه، تبعتها رئاسة الحكومة التي كان الثنائي يتحكّم بإيصال مَن سيكلف بها، ومن ثم الهيمنة من خلال اختيار الحقائب الوزارية المفيدة له أي الدسمة والمهمة وإلى ما هنالك، ما يعني أنّ السقطات تتوالى وزمن الإستقواء قد ولّى، لذا لا يمكن للثنائي وخصوصاً لحزب الله أن يتعايش مع هذه المستجدات التي قلبت أوضاعه رأساً على عقب، ووضعته في خانة سياسية لن يستطيع التأقلم معها، لأنه اعتاد على التحكّم بالدولة، من خلال سطوة الدويلة التي كان يتزعّمها على مدى عقود من الزمن.
إلى ذلك ووفق معلومات “هنا لبنان” فالتوتر السياسي السائد حالياً بين برّي والحزب تصاعد حتى بات عالياً جداً، والسبب هو تدخّل المعاون السياسي لبرّي علي حسن خليل بكل شاردة وواردة قي المباحثات، أما الخطأ الأكبر الذي قام به وفق حزب الله، فهي مداخلته ليل الخميس الماضي خلال برنامج “صار الوقت” عبر محطة MTV لنفي وجود أي انقلاب على اتفاق تكليف نجيب ميقاتي برئاسة الحكومة من جديد، ما أدى إلى تكذيب ما أعلنه النائب محمد رعد من قصر بعبدا حول الكمين والإقصاء، مع تكرار خليل مرات عدة خلال المداخلة، بأن لا انقلاب ولا اتفاق بل سياسة دستورية أدّت إلى تسمية نواف سلام .
هذا الإحراج للنائب رعد رافقه أيضاً تباين كبير في مواقف نواب الحركة والحزب، فالكل يغني على ليلاه في ما يخص الضمانات التي أعطاها الرئيس المكلف، الأمر الذي طرح ضرورة مشاركة بعض نواب حزب الله في محادثات برّي- سلام، من ضمنهم حسن فضل الله وعلي فياض.
في غضون ذلك ثمة أسئلة تطرح حيال ما يجري، فكيف ستوزع الحقائب على الثنائي الشيعي في ظل الرقابة الدولية المشدّدة على الحزب؟ وكيف سيزول التوتر السائد بين الأخ الأكبر وحارة حريك؟ وهل سيعود الخلاف من جديد حول مضمون البيان الوزاري وحصر تطبيق القرار 1701 بجنوب نهر الليطاني؟ وماذا عن التناحر المرتقب حول ملف التعيينات في إدارات الدولة؟ فهل من ضمانات ستعطى أيضاً أم سيترافق كل هذا مع خلافات لعرقلة مسيرة العهد الجديد؟
في سياق آخر وإزاء التعكير الحاصل، ووفق معلومات “هنا لبنان” فقد فُتحت شهية الحزب منذ يومين على إعادة العلاقات السياسية مع التيار الوطني الحر، بعدما شعر أنه بات وحيداً في الساحة في ظل التخبّط السائد مع الحركة، لذا يعمل عبر وزير سابق لضبط العلاقة مع التيار البرتقالي، منعاً لخسارته النهائية لطرف مسيحي في هذه الظروف، لكن الوزير السابق وبالتزامن مع ما يعلنه جبران باسيل منذ فترة، من مواقف سلبية تجاه الحزب، تأكد أنّ مهمته ستكون صعبة جداً.
مواضيع مماثلة للكاتب:
![]() البيان الوزاري أول امتحان لحكومة سلام… ماذا عن موقع “ثلاثية الحزب”؟! | ![]() “بالعشرين عساحتنا راجعين”… التيار الأزرق عائد بقوة قريبًا | ![]() هل يُحَرَّرُ الجنوب باستباحة عين الرمانة والجميزة ومغدوشة وصيدا…؟! |