بين لاريجاني وباراك… خطابان متناقضان إمّا السيادة أو التبعية

قرار مجلس الوزراء بحصر السلاح بيد الدولة ترك ارتياحًا أميركيًا وخليجيًا ودوليًا، وبناءً عليه أكدت الإدارة الأميركية ضرورة “مكافأة” لبنان من خلال إعادة باراك، الذي سيحمل معه مفاجآتٍ كبيرةً وفق ما يُنقل عن أوساط مقرّبة من الإدارة الأميركية.
كتبت إليونور أسطفان لـ”هنا لبنان”:
يحلّ ممثل المرشد الأعلى الإيراني، الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني اليوم ضيفًا ثقيلًا على بيروت، لا سيما عقب التصريحات الإيرانية الداعمة لبقاء سلاح حزب الله إثر القرار الصادر عن الحكومة بضرورة حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية. في وقتٍ يستعد فيه لبنان لإعادة استقبال الموفد الأميركي توم باراك الذي يحمل معه مفاجآتٍ جديدةً للبنان تزامنًا مع القرار الحكومي. فماذا في جعبة الموفدَيْن وكيف سيتصرّف القادة مع هذَيْن الخطابَيْن؟
إذًا، بخطابٍ “مقاومٍ”، يحطّ اليوم لاريجاني في بيروت، في زيارةٍ تحمل الكثير من علامات الاستفهام حول توقيتها ورسائلها، خصوصًا أنّها تأتي بعد أيامٍ من قرار الحكومة حصر السلاح بيد الجيش، والتصريحات الإيرانية لا سيما على لسان وزير الخارجية عباس عراقجي حول رفض إيران تسليم سلاح حزب الله.
وفي هذا الإطار، تعتبر مصادر سياسية متابعة عبر “هنا لبنان” أن زيارة لاريجاني لا يمكن قراءتها إلّا كمحاولةٍ واضحةٍ لبعث رسائل إيرانية بأنّ نفوذ طهران في لبنان لم ينكسر، وأنّها قادرة على التحرّك في مواجهة أي قرار يعزّز سيادة الدولة، خصوصًا أنها تأتي عقب زيارته العراق حيث أعاد استنهاض الحشد الشعبي بعدما فقدت إيران أذرعها في المنطقة وتحديدًا بعد سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد والخسارة الكبيرة في الحرب التي مُني بها حزب الله والضربة العسكرية الموجعة التي وجّهتها إسرائيل إلى إيران.
ولفتت المصادر إلى أنّ زيارة لاريجاني تأتي في ضوء التدخّل السافر للدولة الإيرانية في الشؤون اللبنانية، لا سيما في موضوع سلاح حزب الله من خلال المواقف التي أطلقها وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي والذي شكّل تصريحه موضع إدانةٍ داخليةٍ وخارجيةٍ.
وفي هذا الإطار، تشير المصادر إلى أن كلًّا من رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ورئيس الحكومة نوّاف سلام سيكون لهما موقف واضح أمام لاريجاني بضرورة عدم التدخّل الإيراني في الشؤون اللبنانية الداخلية، ما يشير إلى أن هذا التدخّل ترك استياءً لبنانيًا خصوصًا أنّ إيران تفاجأت بقرار حصرية السلاح بيد الجيش اللبناني ما سيُفقدها حتمًا ورقة حزب الله.
وأكدت المصادر أن اللقاء الأبرز للاريجاني سيكون مع حزب الله، وتحديدًا مع أمينه العام الشيخ نعيم قاسم، والذي سيكون هدفه إعادة شحن معنويات حزب الله على اعتباره ورقة ضغطٍ على طاولة المفاوضات بين طهران وواشنطن.
في المقابل، تتزامن زيارة لاريجاني مع الحديث عن عودة الموفد الأميركي إلى لبنان توم باراك بعد الحديث عن طلبه ترك المهمة أو إعفائه منها، على أن تعود الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس لتسلّم الملف، إلّا أنّ قرار الحكومة أعاد خلط الأوراق، ودفع الإدارة الأميركية إلى إعادة فتح الملف وتحديد موعد لزيارة باراك ترافقه أورتاغوس إلى بيروت.
واعتبرت المصادر أنّ قرار مجلس الوزراء بحصر السلاح بيد الدولة ترك ارتياحًا أميركيًا وخليجيًا ودوليًا، وبناءً عليه أكدت الإدارة الأميركية ضرورة “مكافأة” لبنان من خلال إعادة باراك، الذي سيحمل معه مفاجآتٍ كبيرةً وفق ما يُنقل عن أوساط مقرّبة من الإدارة الأميركية.
وأشارت المصادر إلى أن باراك سيجدّد تأكيد الإدارة الأميركية على دعم الجيش، وبالتالي سيتحدّث عن ضمانات الانسحاب الإسرائيلي من النقاط الخمس، إضافةً إلى إعلان بدء التحضير لمؤتمر إعادة الإعمار والدعم للبنان على كل المستويات.
وتؤكّد المصادر أنّ هذا الأمر سينسحب بدورِه على مؤتمر الدول المانحة ومشاركة دول الخليج فيه، بعدما سبق لباراك أن قال إنّ هناك تحفظًا خليجيًا على ما يجري في لبنان بفلسٍ واحدٍ إلّا بعد تسليم السلاح.
إذًا، لبنان اليوم أمام مفترق طرق: إمّا أن يلتزم بقراره السيادي ويجدّد شراكته مع المجتمع الدولي، أو يرضخ مجدّدًا لمحاولات تطويعه ضمن محورٍ يختزل الدولة في سلاحٍ خارج القانون. زيارة باراك وزيارة لاريجاني ليستا مجرّد تحركاتٍ دبلوماسيةٍ، بل هما اختبار حقيقي لإرادة اللبنانيين في تقرير مصيرهم.