قصّة العقار 4116 في منطقة المزرعة.. ملك عاصم قانصو أم حزب البعث؟

يبدو أنّ الصراع حول شرعية “حزب البعث العربي الإشتراكي” في لبنان انتقل ليُصبح صراعاً حول ما يملك الحزب من مال وعقارات في البلد. وقد ظهر ذلك من خلال بيان مفاجئ صدر عن حزب البعث خلاف على ملكية العقار 4116 الكائن في منطقة المزرعة العقارية، والذي استُهدف بغارة إسرائيلية قُتل فيها محمد عفيف. فهل هناك من يريد “اللعب” بأملاك “البعث” أم أنّ “حزب البعث” يريد الإستيلاء على العقار؟
كتبت نوال نصر لـ”هنا لبنان”:
في منزلٍ قريب من “البوريفاج” يجلس عاصم قانصو، وبيده مستند العقار رقم 4116 الكائن في منطقة المزرعة العقارية. “أنا المالك” يقول. هو صاحب الحقّ ولا سواه. ويبتسم كثيراً وهو يقرأ في بيان “حزب البعث”. فما القصة وما فيها؟ يجيب “لا أملاك للحزب سوى عقار واحد- فقط لا غير- في طرابلس. فليتفضل علي حجازي (أمين عام الحزب حالياً) ويخبرنا عن الأملاك التي تحدث عنها”.
قانصو- الذي فوجئ يوم أغارت إسرائيل على عقاره وتبين وجود محمد عفيف فيه- تحدث عن شرائه العقار العام 1968 من مالكي دار الراية للطباعة. إشتراه، مع سبعة أصدقاء له ينتمون جميعاً إلى “حزب البعث” وهم: هو (عاصم قانصو) وسهيل سكرية ومحمود بيضون وعلي يوسف وعلي نعمة ودرويش شام ومحمد عواضة. مات الستة وآلت إليه الملكية التي كانت قد سُجلت بموجب نظام الشركة في لبنان ويقول: “إشترينا دار الراية بمبلغ 500 ألف ليرة، بموجب قرض حصلنا عليه من البنك التجاري المصري. طوني فرنجيه، رحمه الله، هو من ساعدنا على الحصول عليه مع والد نوار الساحلي واسمه محمد نايف الساحلي- الذي كان عضو قيادة في حزب البعث”.
لكن، ألم تشتروا يومها العقار “للحزب”؟ يجيب “لا، سددنا كامل المبلغ من أرباح دار الراية ومن أعمالنا الخاصة. نحن من سددنا القرض ولا علاقة لـ “حزب البعث” مطلقاً به. نظامنا الداخلي شركة ولا توريث في نظام الشركة الداخلي. مات شركائي جميعاً بعدما كانوا قد توافقوا- في اجتماع- على تكليفي، بموجب وكالة عامة شاملة، بالبيع والشراء والتصرف بدار الراية للطباعة”.
لكن، يوم أغارت إسرائيل على العقار ومن فيه لماذا لم نسمع صوت عاصم قانصو؟ يجيب “صدقاً، فوجئت بحصول الغارة، ووجود محمد عفيف، فكيف يعقل أن يجتمع شخص مستهدف في مقرٍ واضح مثل الشمس. لكنني يومها، لم أرد “تفجير” الموضوع لأنني أعرف أنّ “حزب الله” كان قد تبنى سياسياً علي حجازي، لذا تصرفت وكأنّ شيئاً لم يكن. ما اقترفه علي حجازي يومها خطأ كبير. سكتتُ عنه. لكن، هو اليوم من فتح على نفسه الأبواب بعد أن أصدر بيانه التحذيري بخصوص بيع أملاك الحزب لا سيما العقار 4116. علي حجازي فقد صوابه لأنني رفعتُ أخيراً دعوى عليه أمام قاضي الأمور المستعجلة بسبب إبقاء ثلاثة من مرافقيه في الطبقة السفلية من المبنى. إستدعوه إلى مخفر طريق الشام وحققوا معه. طار عقله. هنا بدأت القصة”.
طار صواب علي حجازي أكثر يوم علم أنّ عاصم قانصو عرض العقار للبيع وهناك شارٍ.
كم أصبحت قيمة العقار اليوم؟ يجيب قانصو “قدرت قيمة العقار اليوم، ومساحته 480 متراً، بمليوني دولار أميركي. واتفقت مع الشاري على أن يكون المبنى من تسع طبقات، آخذ منه ثلاثة، وأحتفظ لدار الراية بطبقتين سفليتين”.
لكن علي حجازي حذر من أن تتصرفوا بالعقار؟ يجيب قانصو “تحذيره بلا قيمة، كما لو أنّ أحداً منع- بلا وجه حقّ- الطيران الروسي من المرور فوق الأراضي اللبنانية. هكذا تعميم أشبه بفقاعة”.
يملك عاصم قانصو معلومات عن محاولة سابقة من علي حجازي للحصول على تعويض عن الدمار الذي لحق بالمبنى جراء الغارة الإسرائيلية “زار السفير الإيراني وطلب تعويضاً عن ما ليس له. هذا ليس ملكك يا علي”.
هناك عقار واحد في طرابلس كان باسم “حزب البعث”، ويخبر قانصو “إشترى مدير الداخلية السوري عدنان دباغ عقار طرابلس الذي كان مستأجراً من عضو القيادة القومية عبدالله الشهال. سدد ثمنه دباغ وسجله باسم الشهال. ويوم مات الأخير العام الماضي إشتراه علي حجازي من إبن عبدالله بخمسين ألف دولار وسجله باسمه على ما سمعت. وهو لم يذكره في البيان الصادر أخيراً”.
هذه قصة العقار 4116 في منطقة المزرعة. بعثيون يقولون: هذا لنا. وبعثيون يقولون: هذا ليس لكم. عاصم قانصو يقلب بين المستندات والصحيفة العقارية و”الطابو” أمامه معلناً المواجهة. أمامه أيضاً “إتفاقية مشاركة عقارية” الموقعة من قبله باسم “شركة الراية للصحافة والطباعة والنشر ش.م.م. ومن قبل الفريق الثاني المؤلف من شخصين متكافلين متضامنين في كل ما يتعلق بتنفيذ هذه الإتفاقية وهما: محمد زهير ملص ومازن حسن كسبار. الإتفاقية أنجزت. ومالك العقار المفترض عاصم قانصو أعلنها لنا بوضوح: “العقار لي ولي وحدي”.
هل انتهت القصة هنا؟ ثمة بلاغ عُمم على الدوائر العقارية وكتاب العدل بالتنبه من بيع وشراء أي عقار يملكه “حزب البعث” وتحديداً العقار4116. فهل تنتفي قيمة البلاغ- كأنه لم يكن- طالما أنّ قانصو يملك “طابو” به؟ عاصم قانصو حسمها لصالحه بقوله: “شغل المخابرات انتهى”. فلننتظر ونرَ.