“اليوم العالمي للسكري”: بين الوقاية وأزمة أدوية التنحيف!


خاص 14 تشرين الثانى, 2025

لا تنتظروا حدوث المشكلة لتتصرّفوا، الغذاء المتوازن والنشاط البدني والمتابعة الطبية هي الركائز الأساسية للوقاية من السكري. اليوم العالمي للسكري ليس مجرّد مناسبة رمزية، بل دعوة للتغيير الحقيقي نحو حياة صحية، حيث كل خطوة صغيرة في حياتنا اليومية يمكن أن تحدث فرقًا كبيرًا.

كتبت هانية رمضان لـ”هنا لبنان”:

“اليوم العالمي للسكري” ليس مجرّد مناسبة رمزية أو يوم على التقويم، بل هو صرخة توعية عالمية تذكّر الجميع بخطورة مرض السكري، خصوصًا النوع الثاني المرتبط بالوزن ونمط الحياة.

الهدف منه هو رفع الوعي، تشجيع الفحص المُبكّر، وتسليط الضوء على الوقاية والعلاج المتاحَيْن قبل أن تتفاقم المضاعفات.

وفي لبنان، حيث تزداد معدّلات البدانة والسكري بشكلٍ ملحوظٍ، يمثّل هذا اليوم فرصةً لتسليط الضوء على الوقاية الفردية والمجتمعيّة، مثل التغذية السليمة، والنشاط البدني المنتظم، والفحص الدوري للسكر. كما يشكّل منصةً لعرض أحدث التطوّرات الطبية، بما في ذلك أدوية السكري وأدوية التنحيف، مع التأكيد على ضرورة استخدامها تحت إشراف طبي.

ففي كلّ عام، يُشير العالم إلى اليوم العالمي للسكري كتذكيرٍ بمدى انتشار هذا المرض الذي أصبح جزءًا من حياتنا اليومية، هذا المرض الذي يعكس واقع حياة الناس وقراراتهم اليومية المتعلّقة بالغذاء والحركة.

خلال السنوات الأخيرة، لاحظ الاختصاصيّون أنّ زيادة الوزن تلعب دورًا أساسيًا في تفاقم السكري من النوع الثاني، فالدهون الزائدة تؤثر في حساسيّة الجسم للإنسولين وتُضاعف خطر المضاعفات الصحية.

ومن هذا المنطلق، أصبح من الواضح أنّ أيّ خفض في الوزن، حتى بنسبة بسيطة، يمكن أن يُحْدِثَ فارقًا كبيرًا في الوقاية وتحسين حالة المصابين. فالحياة الصحية ليست قرارًا مفاجئًا بل رحلة من التغييرات الصغيرة المستمرّة، بدءًا من الغذاء المتوازن إلى النشاط اليومي المنتظم.

في هذا السياق، برزت في لبنان ظاهرة استخدام أدوية التنحيف مثل “Ozempic” و”Wegovy”، والتي تمّ تطويرها في الأصل لعلاج السكري، لكنّها صارت تستخدم أحيانًا خارج نطاق الإشراف الطبي بهدف خسارة الوزن بسرعة. هذا التوجّه أثار جدلًا واسعًا بين الأطباء واختصاصيّي التغذية، حيث يمكن أن يتحوّل الدواء من وسيلة مفيدة إلى خطر يهدّد الصحة، إذا ما تمّ استعماله من دون مراقبة دقيقة لمستويات السكر وجرعات الدواء.

من هنا، تَواصَل موقع “هنا لبنان” مع اختصاصيّة التغذية كيندا صنديد التي اعتبرت أَنَّ البدانة وزيادة الوزن تُعدّان من أهمّ العوامل التي تؤثر في الإصابة بالسكري من النوع الثاني، مؤكدةً أن “انخفاض الوزن بنسبة خمسة إلى عشرة بالمئة يمكن أن يساعد كثيرًا على الوقاية وتحسين الحالة الصحية للمصابين، إذ إنّ الوزن الزائد يقلّل من حساسيّة الجسم للإنسولين ويزيد مقاومته، وهو أحد أكثر العوامل التي تتسبّب في مُضاعفات السكري. ومع مرور الوقت، تظهر آثار هذه المضاعفات بوضوح، وقد أثبتت الدراسات أن بعض الأدوية المعتمدة من إدارة الغذاء والدواء الأميركية تساعد على فقدان الوزن، لكن يجب استخدامها دائمًا تحت إشراف طبي ومراقبة دقيقة”.

وتُشير صنديد إلى أنّ التوعية حول السكري في لبنان تحظى بأهميةٍ خاصةٍ، خصوصًا مع ارتفاع معدّلات النوع الثاني من المرض. فتحتفل الجمعيّة اللبنانية للسكري في هذا اليوم من كل عام بهدف رفع مستوى الوعي بين الجمهور، وتوضيح تأثير عوامل مثل مقاومة الإنسولين ومشاكل تكاثر المبيض التي قد تزيد خطر الإصابة. وتضيف: “هذا اليوم فرصة لتوحيد الجهود والتذكير بأهمية التغذية الصحية والنشاط البدني، اللذين يلعبان دورًا محوريًا في الوقاية من المرض، وفي الحدّ من المضاعفات التي قد تنشأ عنه”.

وحول التدابير العملية للوقاية، تؤكّد صنديد أنّ تقسيم الوجبات بشكلٍ متوازنٍ طوال اليوم والمُداومة على النشاط البدني، حتى لو كان المشي لمدة عشرين إلى ثلاثين دقيقة، يساعدان على الحفاظ على حساسيّة الجسم للإنسولين وتقليل خطر مقاومته. وتقول: “تنظيم الوجبات والمشي اليومي ليسا مجرّد توصيات، بل أدوات فعالة لتقليل خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني، لأنها تساعد على تنظيم مستويات السكر في الدم والمحافظة على التوازن الداخلي للجسم”.

أمّا بالنسبة لأدوية التنحيف مثل “Ozempic” و”Wegovy”، فتُشير صنديد إلى أنّ فعاليتها تظهر فقط عند الأشخاص الذين وصف لهم الطبيب الدواء، محذرةً من الاستخدام العشوائي من دون متابعة طبية: “الأدوية نفسها ليست المشكلة، بل الاستعمال الخاطئ. عندما يحصل الشخص على الدواء من دون استشارة الطبيب، أو من دون مراقبة مستويات السكر في الدم، أو من دون معرفة الجرعات الصحيحة، يصبح هناك خطرًا كبيرًا على صحته. بينما الأشخاص الذين يصف لهم الطبيب هذه الأدوية ويحتاجونها يستفيدون منها بشكل كبير، لأنّها تُحسّن حساسية الجسم للإنسولين وتساعد على الوقاية من النوع الثاني من السكري”.

وتختم صنديد حديثها برسالةٍ واضحةٍ لكل فرد: “لا تنتظروا حدوث المشكلة لتتصرّفوا، الغذاء المتوازن والنشاط البدني والمتابعة الطبية هي الركائز الأساسية للوقاية من السكري. اليوم العالمي للسكري ليس مجرّد مناسبة رمزية، بل دعوة للتغيير الحقيقي نحو حياة صحية، حيث كل خطوة صغيرة في حياتنا اليومية يمكن أن تحدث فرقًا كبيرًا”.

في لبنان، كما في كل مكان، الوقاية من السكري تبدأ بخطوات يومية بسيطة. ربّما تكون البداية مجرّد تعديل بسيط في الوجبات، أو إضافة دقائق من المشي إلى روتين اليوم، لكنها قد تُحْدِثُ فرقًا كبيرًا في حياة الأشخاص الذين يسعون للحفاظ على صحتهم.

فالتغيير ليس شعارًا، بل رحلة تتطلّب التزامًا ووعيًا، واليوم العالمي للسكري هو تذكير بأنّ كل خطوة صغيرة لها أثر كبير.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us