فؤاد شهاب: عندما يستشرف الماضي المستقبل..

ترجمة هنا لبنان 30 أيلول, 2023

ترجمة “هنا لبنان”

كتب Paul Guillot لـ “Ici Beyrouth“:

انقضى عام على الشغور الرئاسي على الرغم من كل الجهود التي بذلتها المجموعة الخماسية (G5)، وبقيت فيه المحادثات البرلمانية أمام طريق مسدود. فالأزمة باتت تهدد الإصلاحات الحاسمة للاقتصاد والرفاهية الاجتماعية على حد سواء، ويفرض السياق هذا تسليط الضوء على عهد الرئيس اللبناني الثالث (1958-1964)، فؤاد شهاب وعلى إرثه السياسي الشهابي. ولهذا الغرض يشاركنا عادل حمية، الوزير السابق والرئيس الحالي لمؤسسة فؤاد شهاب، قراءته لتلك المرحلة.


عادل حمية – وزير سابق ورئيس مؤسسة فؤاد شهاب

ذكرى الرئيس فؤاد شهاب، الذي تسلم مقاليد الحكم من عام 1958 إلى عام 1964 لا تزال نابضة ولا تغيب بفضل المؤسسة التي تحمل اسمه. ومن لا يعرف الرئيس شهاب الذي حاول على مدى ست سنوات، بناء أسس دولة قوية وحديثة ومؤسسات تهدف لرأب الصدع بين مختلف الطوائف. ولا يزال هذا القائد الملقب بـ “الأب المؤسس للجيش الوطني”، صاحب الرؤية الذي طبع بنزاهته وتفانيه، وجه لبنان. وعاش شهاب على أمل أن تتجاوز الانتماءات الوطنية تلك المجتمعية، فـ”لم تزعزعه الأحكام الطائفية المسبقة أبداً!”، على حد تعبير حمية.

وفي حين أن معاصريه لم يلتفتوا إلا قليلاً للفساد ولم يقلقوا من آثاره، نظر إليه شهاب على أنه عقبة حقيقية أمام التنمية وخطر على التماسك الاجتماعي. وعلى الرغم من أن لبنان كان لا يزال فتياً على مستوى السيادة، قام شهاب بإصلاحات كبيرة. وأطلق على مستوى المؤسسات من جملة أمور أخرى، التفتيش المركزي والضمان الاجتماعي والمصرف المركزي. واستطاع خلال عام واحد من استلامه منصبه، إصدار 162 مرسوماً بقانون، الأمر الذي سمح بتحديث الجهاز الإداري اللبناني بشكل جذري.

وعرف شهاب بشكل خاص بتمسكه العميق بالدستور اللبناني، الذي كان يلقبه تحبباً وإجلالاً بـ “الكتاب”. يسترجع عادل حمية هذه القصة مؤكداً على أن هذه التسمية تكشف عن التقدير الكبير الذي يكنه رجل مؤمن مثل شهاب، واحترامه للوثيقة التأسيسية التي تعود لعام 1926.

وفي الوقت الذي رضخ فيه العديد من القادة لإغراء السلطة لفترة طويلة، رفض فؤاد شهاب اقتراح النواب تعديل الدستور في العام 1964، لتأمين ولاية ثانية له. ومن الحكايات الأخرى التي تكشف عن شخصية شهاب، تقديمه الاستقالة عام 1960، حيث أعلن أنه وضع القطار على السكة… واكتفى من هذه المناورات السياسية الأنانية. ولكن في اليوم ذاته، تجمع حشد هائل اللبنانيين من جميع أنحاء البلاد أمام منزله في جونيه، يتوسلون إليه البقاء. فما كان منه إلا أن تراجع عن قرار الإستقالة ذلك المساء، وقد امتلأ قلبه تأثراً بمحبة الحشود.

تعكس مثل هذه الحادثة الكثير من الإهتمام الذي يوليه شهاب للمواطنين والإعجاب الذي يكنه له الشعب اللبناني. وتقدم نزاهته وإيثاره ورؤيته للبنان الموحد مثالاً ودرساً قيماً لأجيال اليوم.

اليوم وقد وقع لبنان فريسة الأزمات المتتابعة والمرعبة، تبرز رؤية شهاب ونزاهته كبوصلة ضرورية للإستمرار. ويستدعي الوضع الحالي لجوء القادة لنموذجه الفلسفي البعيد عن كل الخلافات الطائفية.. الشهابية، كما تتجلى في لوحة مروان حرب أعلاه، قد تحمل كل الإجابات وقد تشكل المرشد الذي تحتاج إليه البلاد في أحلك الظروف.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us