ماذا لو أنصتنا لإيهود أولمرت؟

ترجمة هنا لبنان 2 آذار, 2024
أولمرت

كتب يوسف معوض لـ”Ici Beyrouth“:

أي طرح هو ذلك الذي يتناول موضوع إيهود أولمرت؟! ذلك المتخصص بالحقوق ورئيس الحكومة الإسرائيلية (كانون الثاني 2006- آذار 2009)، الذي قصف لبنان بوحشية في العام 2006، والذي لم تحصنه شراسته من السجن بتهمة الفساد.. ولكن من قد يفهم أكثر منه ما يستطيع المتحكمون بمستقبل السلام في تل أبيب، القيام به؟

بن غفير وسموتريتش، عصابة مجرمين
أولمرت هاجم مؤخراً الوزيرين إيتامار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، عضوي الائتلاف الذي أوصل نتنياهو إلى السلطة واعتبر أنهما يمثلان عصابة مجرمين لأن هدفهما المعلن، على حد قوله، هو “تطهير” الضفة الغربية من سكانها الفلسطينيين والقضاء على أي وجود إسلامي في جبل الهيكل. وذلك بهدف ضم الأراضي المذكورة إلى دولة إسرائيل. ويذهب بن غفير وسموتريتش إلى حد الزعم بأن الحرب الدائرة حالياً هي حرب بقاء لتشريع كل الممارسات والوسائل المباحة لهزيمة العدو. وهذا يعني باختصار، حرباً شاملة لا تتوقف على أي اتفاقية دولية.
والأسوأ بعد، أن هذا الثنائي يصنف الرهائن لدى حماس في حسابات الماضي؛ وبهذا يوفر الحافز للثمن الذي ستدفعه رفح، بغض النظر عما قد يعنيه ذلك من تشكيك في اتفاقيات السلام المبرمة بين الدولة العبرية ومصر. ويبدو أن المطلوب المزيد من العنف لتوسيع حدود الصراع، حتى لو كان ذلك يعني اضطراب المشهد السياسي في الشرق الأوسط! الأمر مؤسف للغاية بالنسبة للزعماء العرب الراغبين سراً بتصفية حماس، والذين لن يتمكنوا من الانسحاب من اتفاقيات السلام “الإبراهيمية” تحت ضغط الشارع.

“الدمار المتبادل المؤكد”
فهل ينطبق ما يحصل في غزة والضفة الغربية على لبنان أيضاً؟ حسب أولمرت لا يريد الثنائي المذكور التهدئة على الحدود الشمالية، بل مواصلة الأعمال العدائية، حيث أن “الحرب تعزز فكرة تدمير جميع الأعداء كخيار لا بديل له، على جميع الجبهات وفي جميع القطاعات، بغض النظر عن الثمن”.
ومن جانبه، يدق يوسي ميلمان، الصحافي المتمرس في الاستراتيجية العسكرية، ناقوس الخطر لافتاً للمخاطرة التي تعنيها مهاجمة لبنان. ومن المؤكد، على حد قوله، أنّ الدمار الهائل الذي قد تلحقه إسرائيل بلبنان ينطبق من الجهة المعاكسة أيضاً، فحزب الله يمتلك الوسائل اللازمة لتنفيذ عمليات انتقامية مماثلة: وفي جعبة هذه الميليشيا الموالية لإيران “ما بين 120.000 إلى 150.000 قذيفة أو صاروخ من جميع العيارات، بعضها قادر على ضرب أي هدف في إسرائيل، وصولا إلى ميناء إيلات”.
يضعنا ذلك أمام سيناريو الدمار المتبادل المؤكد وهو مبدأ يعود إلى حقبة الحرب الباردة والذي أنشأ توازن الإرهاب النووي بين دول حلف شمال الأطلسي ودول حلف وارسو. حينها، الردع وحده هو الذي ضمن السلام المسلح على حافة الهاوية.
من هذا المنطلق، ماذا عن لبنان؟ هل يمكننا استنباط الإجابات من الواقع المشابه بشكل أو بآخر منذ عام 2006 على حدودنا الجنوبية؟ يصعب الاعتقاد بأنّ التصعيد العسكري لن يخل بالتوازن غير المستقر، بعد استهداف بعلبك والنبطية. ففي نهاية المطاف، لا تخاض الحروب في هذه المنطقة إلا بشكل تقليدي وبحجم يسمح لها بأن تؤدي إلى فرض السلام. لكن الغزو الإسرائيلي قد يسلخ أكثر من مليون لبناني من منازلهم، كما أن انتصارات حسن نصر الله الإلهية قد تأتي بأثمان باهظة للغاية. ومع ذلك، يبقى هذا السيناريو هو الأكثر احتمالاً لأن الرأي العام الإسرائيلي يبدو مؤيداً له، ويطالب المتطرفون بالتوصل إلى حل نهائي.

يأجوج ومأجوج ضد شعب الله
“غزة مجرد فصل تمهيدي”.. كما يواصل إيهود أولمرت القول في خطابه اللاذع، وهو ينبه الرأي العام الإسرائيلي من النزعة المغامرة لليمين القومي المتطرف. وهو يتبنى في سياق انتقاده نتنياهو موقفاً مسرحياً، لهجة نبي العهد القديم أو كاساندرا التي ترى المستقبل دون أن يرغب أحد بتصديقها.
لقد أعذر من أنذر، يضيف في تحذيره لنتنياهو، ضد هؤلاء المهووسين الذين استولوا على السلطة في إسرائيل. الطريق لتحقيق هذا الهدف مملوء بالدماء. ولن يتحقق الهدف المعلن دون صراع عنيف واسع النطاق أي الكارثة وهي حرب شاملة.
في السياقات التي تستحضر فيها الكتب المقدسة والأفكار الساحرة، تقرع طبول الحرب ويوضع العقل جانباً بينما تطغى العاطفة والمزايدة: كل التجاوزات تصبح مباحة ويُطلق العنان لغرائز القطيع. كما أن فكرة انقضاء الأزمنة لطالما فتنت أبناء الألفية الذين يدعون إلى الخلاص الجماعي بالحديد والنار!

وجهة نظر عجيبة بالفعل ولكن لا بد وأن يجد أولمرت العزاء في موقف حزب الله الذي ينتهج الفكر نفسه والمصطلحات الأخروية عينها. فبالنسبة إليه أيضاً، دقت الساعة الحتمية وسيأتي أوان الإعلان عن عودة المهدي الذي سيخوض المعركة الأخيرة ويحرر القدس من المغتصبين.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us

Skip to toolbar