مصير “اليونيفيل” بين الضغوط والضمانات الدولية… رسائل متضاربة ومخاوف من التصعيد

لبنان 10 حزيران, 2025

في ظلّ احتدام التوتر في جنوب لبنان وتصاعد التهويل بإمكانية إنهاء مهمة قوات “اليونيفيل”، برز موقف لافت من الناطق باسم القوة الدولية أندريا تيننتي الذي جدّد تمسك الأمم المتحدة بمواصلة أداء مهامها، مؤكداً أن وجود “اليونيفيل” لا يزال يشكّل عاملاً أساسياً في الحفاظ على الاستقرار وضبط النزاعات بين لبنان وإسرائيل، وسط ما وصفه بـ”الظروف الدقيقة” الراهنة.

دعم للجيش اللبناني وتمسك بالتفويض الدولي

تيننتي شدّد على أن “بقاء اليونيفيل في جنوب لبنان يساعد في حلّ أي نزاع محتمل بين لبنان وإسرائيل”، مؤكداً أنّ “دعمنا للجيش اللبناني في انتشاره جنوباً هو حجر الأساس في مهمتنا”. وأضاف أنّ وجود القوات الإسرائيلية داخل الأراضي اللبنانية “يعرقل انتشار الجيش اللبناني ويمنع المجتمع الدولي من تنفيذ مهامه”، داعياً إلى احترام الخط الأزرق وخفض التوترات.

ولفت إلى أن “اليونيفيل” تحرص على تسليم مهامها إلى الجيش اللبناني على أرض الواقع، نافياً أن تكون هناك محادثات بشأن تقليص تمويل البعثة الدولية، ومؤكداً أنّ “التمويل شأن يقرّره مجلس الأمن الدولي”. كما أشار إلى أن أعداد القوات لم تتغير حتى الآن، وأنّ “48 دولة ما زالت تدعم اليونيفيل منذ 2006، ووجودنا يخلق نوعاً من الأمل لسكان الجنوب”.

نفي أميركي وتشكيك إسرائيلي

في المقابل، سعت الولايات المتحدة إلى احتواء الإشاعات بشأن نيتها وقف دعم قوات “اليونيفيل”، إذ نفى متحدث باسم الخارجية الأميركية صحة التقارير التي تحدثت عن اتفاق بين واشنطن وتل أبيب على إنهاء عمليات القوات الدولية، مشدداً على أنّ “الحديث عن إنهاء المهمة غير دقيق”، لكنه أقرّ بوجود محادثات جارية بشأن التجديد المتوقع لتفويض اليونيفيل في مجلس الأمن، في آب المقبل.

غير أن تقارير إعلامية إسرائيلية وأميركية بدت أقلّ تفاؤلاً. فقد أفادت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” أنّ واشنطن “تدرس إنهاء دعمها لليونيفيل إذا لم تُنفذ إصلاحات جوهرية في المهمة”، مشيرة إلى احتمال استخدام “الفيتو” في مجلس الأمن ضد التمديد. من جهتها، نقلت صحيفة “جيروزاليم بوست” عن مصادر أمنية أنّ “الولايات المتحدة اتخذت قرارها بعدم التصويت لصالح التمديد”، مدعية أن هناك اتفاقاً مع إسرائيل على وقف عمل البعثة الدولية.

تحذيرات لبنانية من الانزلاق إلى واقع أمني خطير

وفي سياق هذه الأجواء الملبدة، نُقل عن مرجع رسمي لبناني بارز عبر “الجمهورية” موقف حذر ومتشائم في آن، إذ قال: “لا أشارك القلقين من احتمال عدم التمديد لليونيفيل، لأن ما يحصل الآن هو ذاته الذي حصل قبل التمديد السابق، وهو يدخل في سياق الضغوط لتغيير قواعد الاشتباك والابتزاز في موضوع سلاح حزب الله”.

لكن المرجع حذر من أن “عدم التجديد إن حصل، سيكون بمثابة نسف للقرار 1701، وسيفتح المنطقة على احتمالات شديدة الخطورة، قد تصل إلى اشتباكات واسعة أو تصعيد غير محسوب”، مضيفًا أن “هذا الواقع سيفتح الباب أمام فوضى أمنية قد تخرج عن السيطرة، ويُشرّع الجنوب أمام الاعتداءات الإسرائيلية”.

وأكد المرجع أن الدول الكبرى، بما فيها الولايات المتحدة، تدرك خطورة الانسحاب من اليونيفيل، لأن القرار 1701 ليس فقط حاجة لبنانية بل دولية، ويشكل ضمانة للاستقرار في جنوب لبنان.

كما أثنى على الدور الفرنسي الذي وصفه بـ”الإيجابي والداعم”، مشيرًا إلى أن باريس تضغط باتجاه التجديد دون أي تعديل في التفويض أو المهام، ويشاركها في ذلك عدد من الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، مضيفًا: “حتى واشنطن، رغم ما يُقال، لن تخرج عن قرار التمديد، لكنها قد تستخدم الضغوط لتحصيل تنازلات في مواضيع أخرى، خصوصاً ما يتصل بسلاح حزب الله”.

تطورات أمنية

في موازاة التصعيد السياسي والدبلوماسي، شهدت الساحة الجنوبية تطورات ميدانية وأمنية. فقد كشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” أنّ الوحدة 127 في “حزب الله” التي استهدفها الطيران الإسرائيلي مؤخراً، تشرف على إنتاج المسيّرات محلّياً، وأنّ الحزب دشّن خطوط تصنيع داخلية للطائرات المسيّرة والصواريخ، في تطور اعتبرته الاستخبارات الإسرائيلية تهديداً متزايداً يتطلب تعاملاً مختلفاً.

مسيّرات وسقوط ضحايا

ميدانياً، أعلن الجيش اللبناني سقوط مسيّرتين إسرائيليتين في بلدتي حولا وبيت ليف في قضاءي مرجعيون وبنت جبيل، مشيراً إلى أن دورياته قامت بتأمين محيط سقوطهما وتحويلهما للوحدة المختصة. كما شهدت منطقتا رأس الناقورة ورامية قصفاً من مسيرات إسرائيلية، إضافة إلى عمليات تجريف تنفذها الجرافات الإسرائيلية في مفرق موقع العباد.

وفي تصعيد لافت، نفذت مسيّرة إسرائيلية غارة جوية على طريق وادي النميرية – زفتا، مستهدفة سيارة مدنية، ما أدى إلى اشتعال النيران وسقوط ضحية، وسط تحليق مكثف لطائرات الاستطلاع في أجواء المنطقة.

ووسط هذا المشهد المعقّد، يبقى مصير اليونيفيل مرهوناً بتوازنات دقيقة بين رغبة دولية في استمرار الاستقرار ومطالبات بإصلاح مهام البعثة، يقابلها تصعيد عسكري إسرائيلي وتطورات ميدانية جنوبية تُنذر بانفجار محتمل إذا لم تُضبط الأمور.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us