تصعيد إيران وإسرائيل يهدد أمن الطاقة في لبنان ويضرب الاقتصاد

لبنان 17 حزيران, 2025

في ظل التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران، بدأت تداعيات الحرب تفرض نفسها بقوة على لبنان، لا سيما على القطاع الاقتصادي الحيوي. فيواجه لبنان خطر انقطاع شامل في التيار الكهربائي، وسط اضطرابات متزايدة في سوق الطاقة العالمية وتأثر واضح في واردات المحروقات.

تراجع مبيعات المحروقات في الجنوب

كما شهدت عمليات بيع المحروقات تراجعاً ملحوظاً نتيجة المخاوف من امتداد النزاع إلى الأراضي اللبنانية، ما يزيد من هشاشة الوضع الاقتصادي ويعمّق أزمات البلاد المتعددة.

فسجلت محطات المحروقات في منطقة النبطية تراجعاً في المبيعات بنسبة تراوحت بين 15 و20 في المئة، وهي سابقة، إذ لطالما استفادت المحطات من الأزمات، لكن هذه المرة مختلفة، فالجميع يتخوّف من الأسوأ.

وعلى غير العادة، لم تبادر المحطات إلى تخزين المحروقات مع توقع ارتفاع الأسعار، بل تراجع الإقبال، كما يقول صاحب إحدى المحطات لـ”نداء الوطن”: “نتهرب من التخزين، لأنه إذا وقعت الحرب، سنخسر كل شيء”. ويضيف: “الحركة الليلية شبه متوقفة، الناس بطّلت تطلع كزدورة أو تسهر، وهيدا كله مأثر علينا”.

مضيق هرمز: نقطة توتر حاسمة

من جهة أخرى، وفي عمق الخلافات المتصاعدة بين إيران وإسرائيل، يتأرجح مضيق هرمز على حافة الاشتعال، كمسرح جيوسياسي يعيد تشكيل خريطة الطاقة العالمية.

ويُعد مضيق هرمز شرياناً حيوياً للاقتصاد العالمي، حيث تمرّ عبره أيضاً 80 مليون طن من الغاز المسال سنوياً، أي ما يمثل قرابة 19 بالمئة من تجارة الغاز الطبيعي المنقولة بحراً، بالإضافة إلى تمركز نحو 10 بالمئة من أسطول ناقلات النفط العملاقة (VLCC) فيه بشكل دائم.

هذا التمركز الكثيف للإمدادات، يجعل من المضيق “صمام أمان الطاقة العالمية”، لكنّه يقف اليوم على صفيح ساخن في ظل التصعيد العسكري والاقتصادي المتبادل بين تل أبيب وطهران.

لبنان يواجه أزمة طاقة خانقة

ويُعد مضيق هرمز في لبنان من المناطق التي تتأثر بشكل مباشر بالتوترات الإقليمية القائمة بين إيران وإسرائيل، وتبقى التساؤلات حول مدى جاهزية البلاد للتعامل مع أزمة طاقة محتملة، وقدرتها على الصمود أمام أي تعطيل كامل لشبكة الإمداد، مسألة حاسمة تشغل بال المسؤولين والشارع على حد سواء.

من جهتها، حذّرت خبيرة النفط والطاقة كريستينا أبي حيدر من إغلاق مضيق هرمز، وقالت لـ “نداء الوطن”، إذا نُفّذ التهديد بإغلاق المضيق، لن يصيب فقط الأسواق العالمية، بل سينعكس مباشرة على إيران نفسها، إذ إنّ جزءاً كبيراً من صادراتها النفطية إلى الصين والهند يمرّ عبر هذا الممر. هذا النوع من التصعيد، وإن استُخدم سابقاً كأداة ضغط، إلا أنه في حال تنفيذه سيحمل تكلفة اقتصادية باهظة على طهران قبل غيرها.

وتُحذّر أبي حيدر من قفزة في أسعار النفط قد تتجاوز 150، وربما 200 دولار للبرميل، ما سيؤثر ليس فقط على المحروقات، بل على الاقتصاد العالمي، الغذاء، النقل، وسلاسل التوريد.

وفي لبنان، تبدو الصورة أكثر قتامة. لا بدائل حقيقية للفيول العراقي، ولا بنية تخزين قادرة على امتصاص أي تأخير. العقود الحالية لا تمر جميعها عبر الأطر الدستورية، وبعضها لا يتمتع بحماية قانونية كافية. في حال تعثّرت أي شحنة، يعود لبنان مباشرة إلى العتمة، كما حصل عام 2024.

وبحسب أبي حيدر، فمؤسسة كهرباء لبنان تُدير الوضع بأسلوب يومي ارتجالي. لا خطة بديلة، لا جدول واضح للاستيراد، والتمويل يتم من خلال حسابات دولارية تُستنزف تباعاً من دون رؤية مستدامة. التهديد لم يعد نظرياً. أزمة الطاقة في لبنان باتت مرهونة بتوازنات إقليمية تفوق قدرته على التأثير فيها، لكنه سيكون من أوائل الدول المتضرّرة إذا تعطّل أي جزء من منظومة الإمداد.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us