الذكاء الاصطناعي.. كيف أصبحت الوجوه المزيفة سلاحاً خادعاً واسع النطاق؟

تكنولوجيا 3 كانون الثاني, 2021

يتزايد عدد الوجوه المزيفة التي يتم إنشاؤها باستخدام الذكاء الاصطناعي، لتعطي بعدًا جديدًا للمعلومات المضللة والهجمات الإلكترونية، علمًا بأنه لا يمكن كشفها بالعين المجردة على مواقع التواصل الاجتماعي.
ونجح فريق فيسبوك قبل عام في تفكيك شبكة تضم أكثر من 900 مجموعة وهمية وصفحات وحسابات على موقع إنستغرام وفيسبوك. وقد استخدمت هذه الحسابات الوهمية العشرات من الوجوه غير الموجودة في الواقع وأنشئت عبر خوارزميات الذكاء الاصطناعي.

وقالت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية، إنه على عكس “التزييف العميق” الذي يقوم على تركيب وجه شخص على وجه شخص آخر في صورة أو مقطع فيديو، فإن “الوجه المزيف” يكون وجهًا غير موجود في الحقيقة حيث تنشأ الملامح من الصفر بواسطة خوارزمية الذكاء الاصطناعي. وبفضل أحدث التطورات في التكنولوجيا، بات من الصعب كشف هذا النوع من الصور والتفاصيل بالعين المجردة.
إن هذه الأداة تصنف ضمن فئة خوارزميات التعلم، ويتم إنشاء الوجوه باعتماد نوعين من الخوارزميات.

حسب فينسون بارا، الأستاذ الباحث في جامعة كليرموند أوفيرني “لفهم كيفية عمل هذه الشبكات، تخيل هاتين الوضعيتين: مزور فني يدعى جيرار هدفه إنتاج لوحات حقيقية قدر الإمكان؛ وخبير فني يدعى دانيال مهمته تمييز اللوحات الحقيقية عن المزيفة ووضعها في التصنيف الصحيح. ويكمن هدف جيرار هنا في خداع دانيال بجعل لوحاته تبدو حقيقية قدر المستطاع، في الوقت الذي يحاول فيه دانيال عدم ارتكاب أي خطأ في التصنيف”.

تعزيز “الثقة”
اختُرعت خوارزمية التوليد للشخصيات في عام 2014 من قبل الباحث في مجال التعلم الآلي إيان جودفيلو. وساهم التقدم التكنولوجي وإضفاء الطابع الديمقراطي على التكنولوجيا اليوم في جعل نمو هذه التقنية سهلًا.

وقدم مهندس لدى شركة أوبر (Uber) في عام 2019، من خلال منصة “هذا الشخص غير موجود” (This person does not exist.com)، توضيحًا لكيفية عمل هذه الخوارزمية لزيادة الوعي بهذه الاحتمالات.
وتُستخدم خوارزمية إنشاء الوجوه الوهمية حاليًا في قطاعات معينة، مثل ألعاب الفيديو، والتصوير الفوتوغرافي للإعلانات، ومن قبل وكالات التسويق.

وأشارت الكاتبة إلى أن ظهور هذه الوجوه المزيفة تزايد في حملات التضليل الإعلامي على مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر، وعلى العديد المواقع الأخرى. والهدف من استخدامها عمومًا هو إضفاء مصداقية على المحتوى من خلال تجسيد شخص (وهمي) أو تعزيز الثقة من خلال غرس انطباع التفاعل مع شخص حقيقي.

بالتعاون مع شركة “غرافيكا” لتحليل الظواهر على الشبكات الاجتماعية، قام موقع فيسبوك في أيلول الماضي بحذف جملة من الحسابات المزيفة التي تنشط في الصين والفلبين تبين أنها تستخدم العشرات من الوجوه المزيفة.

حسب تحليل صادر عن شركة “غرافيكا”، يمكن الوصول إلى هذا النوع من خوارزميات الذكاء الاصطناعي بسهولة عبر الإنترنت، وقد ازداد استخدامه في العمليات السرية خلال العام الماضي. كما تُستخدم الوجوه المزيفة أيضًا في روسيا لإنشاء مدونين وهميين لطرح مواضيع مثيرة للانقسام.

حملة الهجوم السيبراني
يمكن أيضًا استخدام هذه الوجوه الوهمية في حملات الهجمات الإلكترونية التي يعززها الذكاء الاصطناعي.

توضح شركة “دارك ترايس” (Darktrace) للأمن السيبراني في كتابها الأبيض “أصبحت روبوتات الدردشة صديقة لموظفي المؤسسات المستهدفة على الشبكات الاجتماعية مثل تويتر ولينكدإن وإنستغرام وفيسبوك، وهي تدرك بشكل مسبق أنواع الملفات الشخصية التي تبحث عنها. وتتفاعل مع الأشخاص في المؤسسات، مستخدمة صورا شخصية لأشخاص غير موجودين أنشئت بواسطة الذكاء الاصطناعي، وذلك بدلاً من إعادة استخدام صور أشخاص حقيقيين”.

يقول ماكس هاينمير، مدير اكتشاف التهديدات في دارك ترايس، إن “الذكاء الاصطناعي قادر على التقاط أكبر قدر ممكن من البيانات القيّمة وإلحاق الضرر بالشركات والمؤسسات العامة وحتى الحكومات”.

فعلى سبيل المثال، في حزيران 2019، نجحت وكالة “أسوشيتد برس” في كشف ملف شخصي وهمي باسم كاتي جونز استخدم فيه وجه أنشئ بشكل مصطنع على الشبكة المهنية لينكدإن، تدعي فيه أنها عضو في خلية تفكير، وذلك في محاولة للتسلل إلى الشبكات بغرض التجسس.

تحليل البكسلات بدقة
لكشف هذه الحيل، ينبغي استخدام الذكاء الاصطناعي أيضًا. من أجل تحقيق ذلك، تعمل شركة فرنسية على تطوير خوارزميات قادرة على اكتشاف مدى سلامة ومصداقية المحتوى، بما في ذلك الوجوه المزيفة التي يتم إنشاؤها بواسطة الشبكة الخصومية التوليدية.

ونقلت الكاتبة عن الشريك المؤسس للشركة الناشئة، جوليان مارداس “نحن قادرون على تحليل البكسيلات بدقة، وظروف الإضاءة والألوان المختلفة، والتنبؤ بما إذا كان الوجه قد تغير، كما نعتمد على الثوابت النموذجية للوجه”.

ويضيف مارداس أن تقدم البحث في هذا المجال سريع ومستمر. ووفقا له، يوجد قرابة 200 ألف شخص متخصص في إنشاء الوجوه العميقة والوجوه المزيفة. وقد تمكنت المنظمات الإجرامية من فتح حساب في أحد بنوك الإنترنت عن طريق إنشاء وثيقة هوية وفيديو من وجه مزيف.

الجزيرة

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us