الحاكم والحاكمان


أخبار بارزة, خاص, مباشر 12 كانون الأول, 2021

كتب عمر موراني لـ “هنا لبنان” :

“القلة بتولّد النقار” من الأمثال الشعبية الراسخة والمتداولة في لبنان، تطلق في العادة على البيوت المتواضعة التي تشهد توتراً دائماً بين الزوجين بسبب عدم قدرتهما على تأمين متطلبات الحياة اليومية، لهما ولأولادهما. ويصحّ إسقاط المثل نفسه على أفراد المنظومة الحاكمة (وللصهر القوي فيها موقع الصدارة) التي يتقاذف أركانها والـ “كومبارس” الإتهامات وكل فريق يحمّل الآخر تبعة التدهور الجهنّمي، وإذا كانت الأمثال تتطوّر بمرور الزمن، فما يصح في وصف حالتنا “القلّة تولّد الإنفجار”.
وكم يبدو تحميل المنظومةِ الحاكمة والفاشلة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة (71 عاماً) المسؤولية الحصرية للتدهور المالي والمعيشي والإقتصادي مجافياً للحقائق والوقائع.

نبدأ من الآخر.
هل يعطّل رياض سلامة اليوم التئام مجلس الوزراء ويحول دون قيامه بأدنى واجباته؟
هل يشكل وجود رياض سلامة على رأس الحاكمية حجر عثرة أمام الإصلاحات البنيوية في إدارات الدولة؟
هل بدد رياض سلامة 18 مليار دولارًا في سنتين عن سابق تصوّر وتصميم؟
هل يتحمّل رياض سلامة مسؤولية مُدَد التعطيل والفراغات والمناحرات الباسيلية التي استهلكت نصف العهد؟
هل اتخذ رياض سلامة القرار بتمنع لبنان عن دفع ديونه (اليوروبوندز) للمرة الأولى في تاريخه (2020)؟
هل ضغط رياض سلامة لإقرار سلسلة الرتب والرواتب في العام 2017 من دون توافر التمويل؟
هل أدخل رياض سلامة أكثر من خمسة آلاف موظف، زيادة على جحافل المتنفعين في الإدارات، قبيل الانتخابات النيابية كرشوة؟
هل منع رياض سلامة قيام علاقة سويّة بين لبنان والخليج والمجتمع الدولي، وهل يمنع سيطرة الدولة على معابر التهريب؟
هل الفشل في إدارة قطاع الكهرباء، وتكبيد الخزينة 50 مليار دولار، بدلاً من جني أرباح من هذا القطاع يعود إلى سياسات رياض سلامة المالية؟
في العام 2016، وتحديداً في شهر تشرين الأول، الشهر الذي حقق فيه العماد ميشال عون حلم الطفولة بتبوّؤ سدّة الرئاسة، كان احتياط مصرف لبنان حوالي الـ41 مليار دولار من العملات الصعبة، وهو مستوى قياسي، فمن بدد هذا الإحتياطي وجعل الـ41 مليارًا 14 في خمسة أعوام وشهرين؟

سهولة التصويب على رياض سلامة سياسياً وشعبيّاً وشعبويّاً، توازي صعوبة الدفاع عن سياسات ساهمت في تبديد أموال الناس، ويتقدّم قائمة مهاجمي الحاكم، حاكمان: كبيرهما لا يفعل شيئاً سوى توزيع مسؤولية الإنهيار على “تراكمات الثلاثين عاماً” وهو شريك في نصفها، وصغيرهما لا يترك مناسبة من دون قصف الحاكم بمدفعية تويتر الثقيلة أو عبر منصّات التزخيم الجماهيري، ووصل به الأمر حدّ تحميل الحاكم “مسؤولية المجزرة الجماعية بحق الشعب اللبناني” يوم قرر وقف الدعم الجزئي عن المحروقات.
ويتجاهل الصهر، كما العم الرئيس، أن مدير عام وزارة المال آلان بيفاني، العوني حتى العظم، كان عضواً في المجلس المركزي لمصرف لبنان من العام 2010 وحتى العام 2020.
ويتناسى باسيل، أن الموافقة على التجديد الأخير للحاكم (2017) في مجلس الوزراء إستغرقت دقيقتين، وقيل أن الأمر تم بعد الإتفاق على سلة تعيينات بين باسيل وعلي حسن خليل. يومها كان الحاكم لذيذاً!
كما يغيب عن معلومات الرئيس وولي عهده وتيّاره أن المادة 44 من قانون النقد والتسليف “أعطت بالأصل إلى مفوّض الحكومة، الذي يحمل صفة مدير عام، ومساعده حقّ الاطلاع على سجلات المصرف المركزي ومستنداته الحسابية”. وهو موقع حسّاس تشغله اليوم كريستال واكيم، وهي خيار عوني. فماذا في جعبة كريستال؟
صحيح أن شخصية الحاكم مؤثرة على فريق عمله، وعلى المجلس المركزي بشكل خاص لكن الحصة الراجحة في المجلس المركزي الحالي تعود لرئيس الجمهورية ورئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل “ما يتيح لهما التمتّع بدور أساسي، ومحاصرة الحاكم رياض سلامة، بحسب ما ذكرته “الشرق الأوسط” (حزيران 2020) فلماذا لا تعترض الحصة العونية على سياسات الحاكم علناً؟
تُرى أيكتفي المجلس المركزي بقراءة تعاميم الحاكم في الصحف؟ أو يشارك في صناعة التعميم ورسم السياسات في مراحل الصعود والهبوط.

ختاماً عبر في خاطري هذا المثل الفاقع الأزعر: “يا ….. ويا…. / شيلي الي فيكي وحطّيهم فيي”.
لكم أعزائي القرّاء ملء الفراغ بالكلمتين المناسبتين.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us