إستعراض الأبطال


أخبار بارزة, خاص, مباشر 4 كانون الثاني, 2022

كتب عمر موراني لـ “هنا لبنان” :

في النصف الأول من سبعينيات القرن الماضي شهدت المدينة الرياضية في بيروت (قاعة بيار الجميل المقفلة) نموذجين من التحديات:

الأول في إطار حفلات المصارعة الحرّة التي كان ينظمّها الأخوان جان وأندريه سعادة، ويتولى التعليق عليها المذيع الرياضي لبيب بطرس. استقطبت دورات الأخوين سعادة، المنقولة على شاشة تلفزيون لبنان والمشرق، أبطالاً دوليين مثل هنري غاما، برنس كومالي داني لانش، أنطونيو مورلان.. وكانت الحماسة تبلغ أوجها في مباريات “الأمير المنصور” وشقيقه الأكبر “الشيخ المنصور”، ومتى طلع الأميركي المرعب داني لانش على الحلبة ودار النطح والرفس، ومتى نزلت “الجرّافة البشرية”، وهذا لقب المصارع الأميركي العدواني، عن الحلبة، ونزلت الكراسي على مخّه.

التحدي الثاني جمع عمالقة الزجل: موسى زغيب، زين شعيب، أنيس الفغالي، السيد محمد المصطفى، زغلول الدامور، وطليع حمدان وحنا موسى وأقرانهم…

في التحدي الرياضي، كنا نشاهد المصارعين يطلعون افتتاحاً إلى الحلبة في مشهدية استعراض الأبطال، أما في المواجهات الشعرية فشهدنا على تواطؤ الشعراء في ما بينهم تاركين لجماهيرهم التعبير الحرّ عن حماستهم وتبعيتهم لهذا القطب الزجلي أو ذاك.

في العصر الحديث، غابت المصارعة الحرة وغاب نجومها الأُوَل، وفقد الزجل الكثير من ألقه وطقوسه، ولم يعد في الساح سوى سياسيين أبطال يتصارعون، في استعراض، يعلنون عنه بأنفسهم.

السيد الرئيس أعلن بعد حضوره قداس الميلاد في بكركي (السبت 25 كانون الأول 2021)، “الإثنين أتحدث”. حبس اللبنانيون أنفاسهم 60 ساعة إلى أن حان موعد العرض الأخير. وفي إطار مسلسل التشويق نفسه، أعلن صهر العهد أنه سيتحدث مطلع السنة. وجاء عرضه المُنتظر مزيجاً بين الحركات البهلوانية، والرقص على الحبال، والمونودراما. لم يكد “البطل” ينهي عرضه، حتى أطلّ سيف دولة النبيه، بعرض ممتع فنّد فيه أكاذيب جبران وختمه بتمجيد “الثنائي الوطني” (الشيعي سابقاً) وأفضاله على قيامة الدولة وسؤددها. وختم رباعية الأبطال، في أقل من عشرة أيام، مرشد الجمهورية بعرض على شاشة كبرى يحاكي عطش جمهوره إلى انتصارات من وهم.

واللافت أن البطل الأول لا حول ولا قوة له فيما يُعتبر البطلان الثاني والثالث من فطاحل الكلمة الأخّاذة والمنطق، وفي نظرة كليهما إلى الحقائق بعض الحَوَل. وللمصادفة فإن “الصهر” و”المعاون” يحملان الوسام نفسه: فاسد برتبة معاون أكبر، وهذا الوسام تمنحه وزارة الخزانة الأميركية لمن ثبت فساده بالوثائق والأدلة. وحتى الساعة لم تجرؤ أي شخصية لبنانية من الأبطال الفاسدين على مقاضاة الجهة المتّهِمة. أما البطل الرابع فمن صنّاع الخوارق. نصف إله لا يستطيع التمييز الفعلي بين الجرأة وانعدام المسؤولية.

مطلع السبعينيات كان المصارعون الألداء، في تمثيلياتهم وعروضهم، رائعين. وكان أسياد التحدي والإرتجال، في تركيباتهم، مبدعين.

آه لو وقف الزمن هناك. في ذاكرة ولد… وبلد.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us