قانون السرية المصرفية.. ميزة اقتصادية في ظل الأزمة!


أخبار بارزة, خاص 20 تموز, 2022

كتبت ليا سعد لـ “هنا لبنان”:

عرف النظام المصرفي في لبنان، بمرونته وميزته عن الدول العربية المجاورة، وذلك بسبب نظام “السرية المصرفية” الذي تعمل به المصارف اللبنانية. ولهذه الميزة، فضل وأهمية كبيرة في استقطاب كبار رؤوس الأموال العرب والأجانب لحفظ ودائعهم في المصارف اللبنانية، ما كان ينعش الاقتصاد اللبناني في فترة من الفترات.
وفي ظل الوضع المتزعزع الذي يمر به لبنان، وفي مسار “مكافحة الفساد” والإصلاح يحكى في الكواليس السياسية، عن إلغاء قانون السرية المصرفية. فما هي تداعيات رفع السرية المصرفية؟ ما هي فوائده وماذا يقدم للبنان؟

في حديث مع الخبير الاقتصادي الأستاذ لويس حبيقة، روى لـ “هنا لبنان”، أن الاقتصاد اللبناني بني عبر التاريخ على قطاع الخدمات أكثر من القطاع الصناعي والزراعي، اللذين شهدا تقصيراً من الدولة. وأضاف حبيقة أن اللبناني بطبيعته، وللأسف، يفكر دائماَ على المدى القصير ولا يستثمر بالأمور التي تحتاج وقتاً لكي تنتج، هذا ما عزز النظام الخدماتي لدينا، لأن مردوده سريع، ونظامنا هو خدماتي منذ الفينيقيين، وهذه بالطبع مشكلة!
وانتقل حبيقة من تاريخ الاقتصاد اللبناني ونوعه إلى أهمية السرية المصرفية في لبنان وشدد على ميزتها، فمثلاً، الولايات المتحدة الأميركية لا نظام سرية مصرفية لديها، لأن اقتصادها متنوع وقوي في كافة القطاعات على عكس الاقتصاد اللبناني.
وأردف حبيقة قائلاً، إن السرية المصرفية في لبنان وعبر قانون النقد والتسليف، هي التي جذبت كبار المودعين والأموال الخارجية وهي التي أدت إلى اقتصاد متطور حتى العام ١٩٧٥، فقد كان اقتصاد لبنان أهمّ من اقتصاد البرتغال وقبرص واليونان وإيرلندا، حتى اندلاع الحرب في العام ١٩٧٥.
وأكد حبيقة أن لبنان يمر بحرب اقتصادية، دينية، ثقافية، وطائفية، ووجود السرية المصرفية أساسي للبنان ليبقى له وجود قوي في المنطقة العربية فهي ميزة لا توجد لدى باقي الدول.

وروى حبيقة أن لبنان استقبل ودائع أهم الشخصيات في المنطقة العربية والخليجية كالجزائر وسوريا ومصر والسعودية والإمارات، وما شجع هؤلاء الرأسماليين هو قانون السرية المصرفية.
أما في ما يخص السرية المصرفية الآن في لبنان، فرفعها شرط من شروط إرسال الأموال إلى لبنان عبر البنك الدولي وغيره من المنظمات المتخوفة من إرسال الأموال ومن ثم سرقتها وعدم معرفة أين صرفت تحت غطاء السرية المصرفية.
واقترح حبيقة حلين لهذه المعضلة أولها اتخاذ إجراءات التصرف بالأموال على صعيد مصرف لبنان والذي تُنفّذ قراراته فمثلاً يمكن منع التحويلات الخارجية لضبط الأموال.
أما الحل الثاني وإذا كان من الضروري رفع السرية المصرفية لعدة أشهر، فلا بأس بهذا الحل شرط أن تحدد بقانون المدة الزمنية لرفعه.

وأبدى حبيقة عن أسفه لتغيير القوانين وبدل تحسينها فهي تعدل دائماً للأسوأ وتبقى على حالها. وأضاف أنه خائف من القوانين الجديدة كإقرار قانون رفع السرية المصرفية أو تحاويل رؤوس الأموال فهي مرتبطة ببعضها البعض أو موضوع المصارف أو الهيكلية المصرفية، وبالتالي لا ثقة أننا نستطيع إنجاز قوانين جديدة وجيدة. لذلك لا بد من الحذر، إلّا إذا أُقرت كقوانين مؤقتة لمدة ٦ أشهر.

وختم حبيقة أن ليس هناك سرية مصرفية مطلقة فمثلاً إذا كان هناك أشخاص أموالهم مشبوهة يأتي حكم قضائي وترفع السرية المصرفية عن حساباتهم. وشدد على ضرورة الإبقاء على السرية المصرفية وإن كان هناك سياسيين فاسدين أو شخصيات فاسدة، فعلى القضاء التحرك ورفع السرية المصرفية عنهم لا إلغاء القانون.

إذاً، لبنان المعروف بالسرية المصرفية وهي ميزته الكبيرة على وشك أن يخسرها ويخسر كل الإيجابيات التي يمكن أن تحسن من وضعه الاقتصادي إذا عرف استخدامها.
فهل سيلغى قانون السرية المصرفية؟ أم سيؤخذ قرار صائب يفيد البلد على المدى البعيد؟

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us

Skip to toolbar