قوارب الموت مستمرة في الإبحار… اليأس يغلب الحياة في لبنان


أخبار بارزة, خاص 6 تشرين الأول, 2022

كتبت صونيا رزق لـ “هنا لبنان”:

في ظل إشتداد الازمة اللبنانية في العام 2019، وما تبعها من تداعيات ساهمت في تفاقمها، برزت ظاهرة الهجرة غير الشرعية عبر القوارب من شمال لبنان، خصوصاً من طرابلس، لتبلغ ذروتها خلال العام الحالي وتحديداً قبل أشهر قليلة، مع مشاهد الموت وسقوط الضحايا، بسبب غرق القوارب وفقدان عائلات هربت من جهنم، لتلاقي الموت من جديد، كما حصل في نيسان الماضي بعد غرق قارب قبالة شاطئ طرطوس، وفقدان ما لا يقل عن 33 ضحية في البحر، تعذر انتشالهم على الرغم من الاستعانة بغواصة خاصة لهذه الغاية.

فلا يكاد يمرّ أسبوع من دون أن يغادر مركب يحمل الحالمين بالهجرة، هرباً من الموت جوعاً وقهراً، في رحلات تنظّمها مافيات تهريب في إتجاه أوروبا، يعدون هؤلاء المساكين بحياة أفضل بكثير مع الأوهام والأحلام الكاذبة، وبنيلهم الجنسية التي تتيح لهم تأمين مستقبلهم ومستقبل أولادهم، فيستقلون قوارب خالية من أي مقومات للسلامة، فضلاً عن تحميلها ما يفوق طاقتها الاستيعابيّة، الأمر الذي يؤكد جشع تجار الموت الذين ينظمون رحلات مشبوهة، لقاء مبالغ مالية ضخمة وبالعملة الصعبة، والمدهش أنّ مشهد غرق الضحايا يتكرّر، لكن اليأس يسيطر على حياة الفقراء في لبنان، فيغامرون وهم يعرفون ما ينتظرهم…

وفي هذا السياق كان شهر أيلول الماضي حالكاً بالسواد، مع غرق أعداد كبيرة من المهاجرين، انطلقوا من طرابلس باتجاه الشاطئ الأوروبي، لكن الغرق كان في إنتظارهم قبالة ساحل طرطوس السوري، وعلى متنه وفق الناجين، ما بين 120 إلى 150 شخصاً، من جنسيات لبنانية وسورية وفلسطينية.

ووفق “مركز الدولية للمعلومات” تبيّن أن عدد ضحايا قوارب الموت منذ 26 أيلول 2013 وحتى نهاية أيلول 2022 وصل إلى 248 ضحية. وهناك أيضًا العشرات الذين غادروا عبر قبرص وتركيا ومصيرهم لا يزال مجهولاً.

إنطلاقاً من هنا إتخذت ظاهرة الهجرة غير الشرعية منحى خطيراً، مع تصاعدها المتواصل، من دون التصدّي لها بإجراءات صارمة قادرة على ردع كل جائع، يرى أطفاله يموتون أمام عينيه، ومع ذلك يغامر ويبيع ما يملك، هارباً من موت محتم في وطن تناسى أبناءه فباتوا في غياهب النسيان، وكأن لا دولة ولا مسؤولين، لكن فجأة وبعد سبات عميق، عُقد اجتماع في السراي الحكومي لبحث موضوع الهجرة غير الشرعية، بحضور وزراء ومسؤولين أمنيين، فكان تأكيد على الإجراءات الإدارية لناحية تسجيل القوارب أصولاً، وإلا ستجري مصادرتها، كما دعا المجتمعون إلى إطلاق حملة توعية عبر وسائل الإعلام، لشرح العواقب على المواطنين، وإفهامهم أن ما ينتظرهم في الأماكن التي يسعون للهجرة إليها لن يكون سهلاً، ولن تتم معاملتهم كما وُعدوا من قبل تجار القوارب والموت. مع التشدّد في الإجراءات الاستخبارية الاستباقية من قبل كل الأجهزة، وتكثيف دوريات القوات البحرية لمكافحة هذا النوع من الهجرة.

في الختام لا بدّ من السؤال حول مدى تطبيق هذه الإجراءات التي أتت متأخرة، فهل ستنفذ؟ هل ستكون حياة اللبنانيين الهاربين نحو موت محتم مسألة هامة، لدى المسؤولين المتناحرين على الكراسي والوزارات والمسائل السخيفة جداً، أمام رهبة موت الأطفال الجائعين…؟!!

مَن يسمع أهالي الضحايا قبل أيام، يؤكد بأنّ مسيرة الموت مستمرة بإبحارها، لأن مَن فقد كل شيء في وطنه، لا أمل لديه على الإطلاق…!

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us