حاجة أوروبا إلى الغاز… هل تُنقِذ اتفاق الترسيم؟


أخبار بارزة, خاص 8 تشرين الأول, 2022

كتب جان الفغالي لـ “هنا لبنان”:

تقع مفاوضات الترسيم بين لبنان وإسرائيل في “توقيت تاريخي وسياسي” دقيق وبالغ الأهمية، لذا لا بد من التعاطي معه بهذه الجسامة، وليس ببساطة، وكأنه نزاع عقاري بين بلدتَي بتغرين والمتين أو نزاع بين عشيرتين.
في التوقيت، تحل المفاوضات في الذكرى الثامنة والأربعين لاندلاع “حرب تشرين”، في السادس من تشرين الأول 1973 بين سوريا ومصر من جهة وإسرائيل من جهة ثانية.
في أي نزاع بين العرب وإسرائيل، وما يعقبه من مفاوضات، كان فقدان الثقة هو السائد، ما يجعل أي مفاوضات تحتاج إلى وسيط، وغالبًا ما يكون أميركيًا. في المفاوضات عام 1973 كان الوسيط وزير الخارجية الأميركي هنري كيسنجر، في مفاوضات اتفاق 17 أيار بين لبنان وإسرائيل كان فيليب حبيب، واليوم بين لبنان وإسرائيل الوسيط الأميركي هو آموس هوكشتاين.
معظم المفاوضات كانت توصل إلى اتفاقات، أو على الأقل إلى هدنة، حرب 1973 أوصلت إلى هدنة وإلى استقرار عسكري بين مصر وسوريا من جهة وإسرائيل من جهة ثانية. والجميع “احترموا” الخطوط الحمر التي رسِمَت والتي لم تُخرَق إلا مع اندلاع الثورة السورية ودخول إيران وحزب الله على خط هذه الثورة من باب دعم النظام السوري.
المفاوضات مع إسرائيل، لا يُحكَم على نتائجها بين ليلة وضحاها. مفاوضات 17 أيار بين لبنان وإسرائيل، استمرت خمسة أشهر ونصف شهر، من الثامن والعشرين من كانون الأول 1982 إلى 17 أيار 1983، حتى الاتفاق على جدول الأعمال استغرق خمس جولات من المفاوضات، وكادت المناقشات خلالها أن تؤدي إلى قطع المفاوضات، وعندما تتعقد المفاوضات كانت تتم الإستعانة بالوسيط الأميركي .
اتفاق 17 أيار سقط، لكن سقوطه أدى إلى انتهاء عهد الرئيس الجميل عمليًا، وتحديدًا عند إلغائه الإتفاق. ألغاه مجانًا، إذا صح التعبير، ودفع ثمن إلغائه، علمًا أن الاتفاق تمَّ تحصينه حكوميًا وفي مجلس النواب الذي عقد جلسة على مدى يومي 26 و 27 نيسان 1983 وأصدر توصية بتأييد “موقف الحكومة في المفاوضات والممثل لإرادة الشعب اللبناني والمرتكز على السيادة والحق والكرامة الوطنية”، ومع ذلك ازدادت الضغوط العسكرية على الرئيس فاضطر إلى إلغائه، على رغم أن الإتفاق أقره مجلس النواب بقانون في 14 حزيران 1983 والذي يجيز للبنان “إبرام الاتفاق الموقع بين ممثلي الحكومة اللبنانية وإسرائيل ومشاركة الولايات المتحدة الأميركية بصفتها شاهداً على الاتفاق”.
على رغم كل ذلك قرر مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة في تاريخ 5 آذار 1984 برئاسة رئيس الجمهورية إلغاء قرار مجلس الوزراء في 14 نيسان 1983 والقاضي بالموافقة على اتفاق 17 أيار.
ماذا يعني كل ما تقدَّم؟ يعني، وفق ما كان يقول الرئيس الراحل الياس الهراوي، أن لبنان هو آخر دولة توقِّع مع إسرائيل.
لكن هناك اليوم حاجة عالمية للغاز، فهل تشكِّل هذه الحاجة إسقاط كل الموانع من التوصل إلى اتفاق؟
الرئيس الأميركي جو بايدن تدخَّل شخصيًا مع الوسيط آموس هوكشتاين لإنعاش المفاوضات، أوروبا بدأت
“ترتجف من صقيع الشتاء” منذ الآن، فهل يتم تفكيك الألغام، التي يُقال إن بعضها شكلي، من أجل إنضاج الإتفاق؟
من اتفاق الهدنة بين لبنان وإسرائيل، إلى اليوم، قرابة الخمسة والسبعين عامًا، فهل يسقط اتفاق الترسيم كما سقط اتفاق 17 أيار؟ أم أن الغاز يُنقذه؟

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us