مبروك التطبيع


أخبار بارزة, خاص 12 تشرين الأول, 2022

كتب أسعد بشارة لـ “هنا لبنان”:

إنه عصر التطبيع بين لبنان وإسرائيل، فالاتفاق على الترسيم هو إعلان نهاية مرحلة وبداية مرحلة جديدة، سوف تشهد على الأرجح انتهاء أي احتمال فعلي لحصول صدام عبر الحدود سواء البرية أو البحرية، فالحدود واحدة، والاتفاق وإن لم يشمل استكمال الترسيم البري فهو يرسم مرحلة الاستقرار عبر طرفي الحدود، إلى موعد دائم.

من خلال هذا الاتفاق المتوقع توقيعه قريباً، يمكن التوقف عند الكثير من الملاحظات والاستنتاجات والأبرز منها:

أولاً: أدار حزب الله مرة من وراء المقود وأخيراً بالمباشر هذه المفاوضات التي أدت في النهاية إلى توقيع الاتفاق، وقد حرص حزب الله على توقيع هذا الاتفاق بتوقيته، لا سيما وأنه كان يمنع الترسيم منذ العام 2012 وإلى الأمس القريب، حيث لم يستطع الرئيس نبيه بري السير بأي اتفاق بسبب معارضة الحزب المبدئية لحصول الاتفاق. واليوم وبعدما وجد الحزب في الاتفاق مصلحة يستطيع بها

أن يواجه بيئته ببعض أدوات التطمين ذهب إلى إعطاء الضوء الأخضر للتوقيع، مع علمه بأنه يتعين عليه تبرير هذا الاتفاق الذي تشوبه الكثير من علامات الاستفهام من الناحية التقنية، والذي لا يمكن تصنيفه إلا باعتباره اتفاق تطبيع من توقيع الحزب، ذلك مهما أعطيت له من مبررات شكلية.

ثانياً: إنّ التطبيع من دون توقيع ستكون له مفاعيل عملية ستمتد إلى المدى الطويل. فعبر الحدود لن تكون هناك أية إشكاليات بعد اليوم، وفي البحر سيكون الهدوء تاماً، ولن يعكر صفو التطبيع أي حادث أمني، فهذا الاتفاق وضع لينفذ، والتنفيذ يمر عبر إعطاء شركات التنقيب الضمانات اللازمة من كل الأطراف بما فيها حزب الله بأن الهدوء سيعم وبأن الاستثمار في المنطقة لن يكون استثماراً مشوباً بأية مخاطر، وتقول المعلومات بأن شركة توتال التي من المفترض أن تبدأ التنقيب من الحدود البحرية الجنوبية، تلقت هذه الضمانات فعلاً، وهي ستكون على استعداد للبدء بعملية التنقيب في الفترة المقبلة، بناء على هذه الضمانات، وما يعزز هذه الضمانات وجود رغبة لدى ثنائي أمل وحزب الله بأن يبدأ التنقيب من الجنوب، وهذه الرغبة ستترجم على الأرجح ببدء توتال لعملها الفعلي قريباً.

ثالثاً: بناءً على هذا الاتفاق الذي كان معروفاً منذ البداية أنه طبخ على نار حامية، بات يمكن القول أن كل ما شهدته المفاوضات من تسخين وتبريد كان مجرد “عدة شغل” ضرورية لتمرير الاتفاق. فهوكشتاين أوصل لبنان إلى تحديد خياراته، فتنازل عن المطالبة بالخط 29 ثم ضغط على إسرائيل لعقلنة أدائها، بهدف الوصول إلى تمرير الاتفاق الذي للولايات المتحدة وأوروبا مصلحة بتوقيعه بأسرع وقت، نظراً للحاجة الماسة إلى استبدال الغاز الروسي ببديل يؤمن حاجة أوروبا. ضغطت الولايات المتحدة على الطرفين بالمقدار نفسه، وسط توفر المصلحة المشتركة بالوصول إلى اتفاق، ودخل حزب الله على خط الاستثمار في اللحظات الأخيرة لما قبل التوقيع، فهدد ورفع السقف، ليتبنى الانتصار الإلهي الجديد، لكن كل شيء كان معروفاً منذ البداية.

لقد بدأ عصر التطبيع، ومهما أعطى حزب الله من تبرير للاتفاق ومهما راعى الشكل عدم توقيع الاتفاق ثنائياً، فإن مرحلة جديدة بدأت في المنطقة، وحزب الله في صلبها.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us