رحيل جوست فونتين لملاقاة العمالقة.. رقمه القياسي من الصعب أن يُكسَر


خاص “هنا لبنان” – كتابة موسى الخوري

ربما لا يعرف الجيل الجديد اللاعب الفرنسي جوست فونتين الذي رحل عن هذه الدنيا على مشارف التسعين من العمر، ولكن عشاق الكرة ومحبّي الأرقام القياسية لا يمكن أن ينسوا هذا الهداف الأسطوري الذي سجل رقمًا قياسيًا عبر أهدافه الـ ١٣ خلال ٥ مباريات فقط في نهائيات كأس العالم التي أجريت في السويد عام ١٩٥٨ ليساعد منتخب بلاده فرنسا على بلوغ الدور نصف النهائي واحتلال المركز الثالث في الترتيب للمرة الأولى في تاريخه.
رقم فونتين من الصعب أن يتكرّر، ذلك لأنّ تسجيل ١٣ هدفًا أو أكثر في كأس عالم واحدة وفي أيامنا هذه حيث أصبح الدفاع أقسى والخطط الدفاعية أكثر انضباطًا من ذي قبل أصبح أمرًا شبه مستحيل. حتى وإن أصبحت الصيغة تقتضي لعب ٧ مباريات لبلوغ نصف النهائي، وحتى وإن أصبحت ٨ مباريات مع الصيغة القادمة وصاعدًا لكأس العالم ٢٠٢٦، سيبقى صعبًا على أي لاعب معادلة جوست فونتين في تسجيل الأهداف في بطولة عالم واحدة. ناهيك عن أنّ أكبر اللاعبين وأبرز النجوم العالميين سجلوا أكثر بقليل من جوست فونتين ولكن الأمر تطلّب منهم بالطبع أكثر من كأس عالم واحدة. فحتى المدفعجي غيرد مولر الذي كسر رقم فونتين عام ١٩٧٤ يوم فازت ألمانيا بكأس العالم، قد فعل ذلك على مرحلتين وتحديدًا في كأسي عالم ١٩٧٠ (يوم سجل ١٠ أهداف) و١٩٧٤ ليصل إلى ما مجموعه ١٤ هدفًا. انتظر بعدها العالم طويلًا وتحديدًا حتى عام ٢٠٠٦ ليشاهدوا الظاهرة رونالدو البرازيلي يسجل هدفه الـ ١٥ في كأس العالم. ولكنه فعل ذلك على ثلاث مراحل وذلك خلال ١٩٩٨ بأربعة أهداف و٢٠٠٢ بثمانية و٢٠٠٦ بثلاثة.
مواطن غيرد مولر الألماني ميروسلاف كلوزه والذي ما زال هداف كأس العالم بـ ١٦ هدفًا، فعل ذلك في أربعة كؤوس عالم متتالية منذ ٢٠٠٢ حتى ٢٠١٤، فسجل خمسة أهداف في مشاركته الأولى وأربعة في الثانية وخمسة مجددًا في الثالثة ليختم بتسجيل هدفين في مشاركته الأخيرة يوم أحرزت بلاده ألمانيا كأس العالم عام ٢٠١٤ ويسبق جوست فونتين بثلاثة أهداف ولكن من خلال أربع مشاركات. حتى اللاعب الأبرز في العالم خلال العقدين الاخيرين الارجنتيني ليونيل ميسي تمكن من معادلة رقم فونتين بعدد الأهداف في كأس العالم برصيد ١٣ هدفًا ولكن تطلبه الأمر خمس مشاركات متتالية منذ كأس العالم ٢٠٠٦ حتى النسخة الأخيرة التي أحرزت الأرجنتين بطولتها في العام الماضي.
ما يحز في قلوب مشجعي فونتين لاعب منتخب فرنسا والذي ولد في المغرب وقضى معظم مسيرته في نادي رانس أنه اضطرّ إلى الاعتزال عام ١٩٦٠ وهو في الثامنة والعشرين من العمر بسبب كسر مزدوج في القدم. وقد ترك هذا الأمر أثره النفسي البالغ عند فونتين الذي حزن كثيرًا لاضطراره للتوقف عن لعب كرة القدم. فاللاعب الذي حمل فريقه رانس على كتفيه بعد رحيل نجم الفريق ريمون كوبا إلى ريال مدريد ووصل معه إلى نهائي دوري أبطال أوروبا عام ١٩٥٩ ليخسر أمام الريال نفسه.
كان فونتين هدافًا من الطراز النادر، تصوروا أنه خلال كأس العالم ١٩٥٨ وفي مباراة تحديد المركزين الثالث والرابع أمام ألمانيا الغربية، ترك لزميله في المنتخب ريمون كوبا مهمة تسديد ضربة جزاء وذلك قبل أن يكون فونتين قد كسر رقم الهداف المجري ساندور كوشيش صاحب الأهداف الـ ١١ في نسخة ١٩٥٤. ولكن فونتين عاد وسجل ثلاثية من أصل أهدافه الأربعة في تلك المباراة لينفرد برقم أكبر عدد من الأهداف خلال بطولة عالم واحدة وأصبح كسر هذا الرقم أمراً شبه مستحيل.
لم تمنع الإصابة فونتين من مواصلة حياته داخل ملاعب الكرة، فاتجه لتدريب نادي باريس سان جيرمان الحديث العهد في حينه والذي تأسس عام ١٩٧٠ وكان لقوانين فونتين الفضل في صعود النادي الفرنسي إلى مصاف أندية الدرجة الأولى للمرة الاولى في تاريخه عام ١٩٧٤.
يخبرني أحد الزملاء أنه التقى بفونتين خلال كأس العالم عام ١٩٩٨ في فرنسا وقال له: “كرة القدم تتجه أكثر فأكثر إلى الدفاع والمدربون يفضلون الخطط الدفاعية خشية خسارة وظيفتهم”. هو الذي خلخل كل الدفاعات التي واجهها خلال مسيرته القصيرة قسرًا بسبب الإصابة.
برحيل فونتين، خسرت كرة القدم أبرز نجومها العالميين وذهب الفرنسي ليلاقي عظماء اللعبة مارادونا وبيليه وكروبي واوزيبيو وغيرهم ممن سبقوا الآخرين إلى دنيا الحق.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us

Skip to toolbar