لن أستطيع النوم

أن يخاطب الدكتور سمير جعجع، رئيس أكبر حزب مسيحي، في كل مناسبة الرئيس برّي بالـ “صديق العزيز”، رغم التباعد السياسي بينهما، فهذا دليل رقي في التعاطي السياسي، وبالتالي فمن غير اللائق أن يُرد عليه بأنه “ليس صديقاً ولا عزيزاً” أيّا تكن الأسباب التي تغذّي عدوانية أبي مصطفى وهو اليوم أحوج ما يكون فيه إلى الهدوء والتبصّر والإنفتاح وشرب اليانسون.

كتب عمر موراني لـ”هنا لبنان”:

منذ أن أُعيد انتخاب نائب الزهراني نبيه برّي، رئيساً لمجلس النوّاب لولاية سادسة بـ 65 صوتاً حصل عليها بـ”حلاش الحمص”، و”دولتو” على شيء من التوتر والعدوانية. فقد الكثير من “لياقته” السياسية، من ألمعيته ومن قدرته على إدارة دفة جلسات اللجان، مباشرة أو بالواسطة، وعَجِزَ عن تركيب طاولة حوار يعرف مسبقاً لا جدواها. “سكّرت” بوجهه من كل الجهات.
انعكس توتّر الأستاذ على سلوك إثنين من تلامذته النجباء، ففلتا ذات يوم على الفائق التهذيب ملحم خلف وعلى رئيس الكتائب سامي أمين الجميل وعيلته وطاول كلامهما الزقاقي غسّان حاصباني وما يمثّل.
وقبل موقعة اللجان (28 شباط) وصف برّي المرشح ميشال معوّض بالـ”تجربة الأنبوبية” فردّ عليه ابن زغرتا بكلام عالي النبرة.
في كلّ مقابلة، في كلّ تسريبة، في كلّ جلسة “مصادر” في كلّ ما “يُنقل” على لسان “دولة الرئيس” ما ينم عن “غيظ” و”ضيق خلق” وعن رفض مطلق لطروحات الفريق الآخر، الديمقراطي في ممارساته والسيادي بدرجة جيد جداً.
فأن يخاطب الدكتور سمير جعجع، رئيس أكبر حزب مسيحي، في كل مناسبة الرئيس برّي بالـ “صديق العزيز”، رغم التباعد السياسي بينهما، فهذا دليل رقي في التعاطي السياسي، وبالتالي فمن غير اللائق أن يُرد عليه بأنه “ليس صديقاً ولا عزيزاً” أيّا تكن الأسباب التي تغذّي عدوانية أبي مصطفى وهو اليوم أحوج ما يكون فيه إلى الهدوء والتبصّر والإنفتاح وشرب اليانسون.
تجنّب جعجع الدخول في سجال مباشر مع برّي، مكتفياً بتغريدة تتسّم باللؤم: “لن أستطيع النوم الليلة”. لكل مقام مقال كما قال الشاعر العباسي بشّار بن برد.
كلمات مسمومة من بري، طيّرت النوم من عيني جعجع لليلة. ثم نام ملء جفونه عن شواردها.
قذائف حماس على المستعمرات الصهيونية، طيّرت النوم من عيون الجنوبيين وأقلقتهم أكثر مما أقلقت الصهاينة.
ولن يستطيع المجتمع الدولي أن ينام بسبب شكوى وزير الخارجية والمغتربين العم عبدالله. جزاه الله خيراً
ولبنانيون كثيرون لا يستطيعون النوم، منذ ثلاثة أعوام، بسبب خواء مَعِدهم.
وهناك من يزعجه طنين الذباب الإلكتروني نهاراً فلا يستطيع إلى النوم سبيلاً في الليل.
مشوار إلى السوبر ماركت، وتعريج على سوق الخضار، والتمحيص بالأسعار تعني كان النوم متاحاً.. فطار.
وملامسة خاطفة ليد هاربة قد تخطف النوم إلى جهة مجهولة.
خيانة شاتاي ليلدز حرمتها النوم لليلة وحرمت المشاهدين النوم لشهر.
أصل إلى جوهر الموضوع متأخراً: ما حرمني من النوم، رائحة المعمول المدعوك بسمن حموي وزبدة بقرية، الطالعة من مطبخ جيراننا والواصلة إلى أنفي. فكيف أستطيع النوم إن لم أتذوق معمولة بفستق واثنتين بجوز ورابعة بتمر؟

مواضيع مماثلة للكاتب:

عرّاب الأب والابن… والمتن

كبتاغون وكوكا.. وماذا بعد؟

مفتي “الحزب” الممتاز