الدواء اللبناني ينافس عالمياً: اكتفاءٌ ذاتي وحماية الأمن الدوائي


أخبار بارزة, خاص 24 نيسان, 2023
الدواء

رغم الأزمة الإقتصادية، سجلت نسبة الاستيراد في العام 2022 ارتفاعاً، وحده استيراد الدّواء سجّل تراجعاً ملحوظاً.. وقد تختلف الأسباب، إلا أن الأكيد أن المصانع الدوائية اليوم باتت ركناً أساسياً في الاقتصاد اللبناني والأمن الدوائي


كتبت ريمان ضو لـ “هنا لبنان”:

“بتحب لبنان، حب صناعتو” شعار أطلقه وزير الصناعة الشهيد بيار الجميل عام 2010، لدعم القطاع الصناعي، وحماية الإنتاج الوطني وإيلائه الأولوية.
سنوات مرت، وبقي الشعار يتناقل من وزارة إلى أخرى، إلى أن حلت الأزمة الاقتصادية التي حولت النقمة إلى نعمة لمختلف القطاعات الصناعية المحلية، وجعلت اللبناني يقتنع بضرورة إنتاج بدائل محلية للمنتجات الأجنبية الباهظة الثمن.
فقد أرغمت الأزمة المالية المواطن على إعادة النظر في خياراته، من مأكل ومشرب وملبس والأهم في الدواء، بعد معاناته في تأمين الأدوية بسبب انقطاع المستورد منها، أو الارتفاع الكبير في أسعارها مع رفع الدعم. فيما وجدت الدولة نفسها محكومة بالأمر الواقع، بضرورة إعادة النظر بسياساتها الاقتصادية، والانتقال من الاقتصاد الريعي القائم في المقام الأول على الاستيراد، إلى الاقتصاد المنتج ودعم الصناعات المحلية.
قطاع صناعة الدواء كان أول من التقط هذه الإشارات، بدعم مباشر من وزارة الصناعة، ففرض في وقت سريع واقعاً جديداً. ففي قراءة سريعة للأرقام، يظهر تطور قطاع صناعة الدواء في الأعوام الماضية.
في لبنان، 12 مصنعاً ثلاثة منها متخصصة بصناعة الأمصال وهي تغطي حاجة السوق بنسبة 100%. والمصانع الأخرى متخصصة بصناعة الأدوية للأمراض المزمنة، الأساسية والمستعصية وكذلك الفيتامينات.
وبعد الأزمة، ارتفعت نسبة مساهمة الصناعة الدوائية المحلية إلى 40 في المئة من حجم السوق الإجمالي، ويُصدّر الدواء المحلي إلى 11 بلداً، ويغطي 20 فئة علاجية من الأكثر انتشاراً ومنها أمراض الضغط والسكري والقلب وتجلط الدم والفطريات.
وفي هذا السياق، يشدّد وزير الصناعة جورج بوشكيان في حديثه لـ “هنا لبنان” على افتخاره بالصناعة الدوائية المحلية ويشير إلى أنّ الأفضلية دائماً للصناعة الوطنية مشدداً على العمل لحمايتها ودعمها وتطويرها، متحدثاً عن مفاعيل إيجابية لسياسة دعم الصناعات المحلية برزت من خلال تخفيض فاتورة الاستيراد بحوالي 53% من الخارج وحيث بات الإعتماد في الجزء الأكبر على الدواء اللبناني، حيث تمتلئ رفوف صيدليات لبنان بالمنتجات المحلية، التي كانت في السابق تُصدر إلى الخارج بسبب الجودة العالية للدواء اللبناني.
وما يميز هذه الصناعات الدوائية، بحسب بوشكيان، هو جودة الدواء، ويشير إلى قرارات تم اتخاذها في الفترة الأخيرة لحماية الصناعة المحلية ودعمها، وأهمها إعفاء المواد الأولية من رسوم الجمارك على غرار كل المواد الأولية التي يتم استخدامها في جميع  الصناعات المحلية.
ومقارنة مع الدواء التركي الذي يلجأ إليه اللبناني في أغلب الأحيان، يؤكد بوشكيان أن الدواء المحلي الصنع أرخص من المستورد وبجودة عالية وهو قادر على منافسة الدواء التركي من خلال الجودة، لكنه يشير إلى أن هذا القطاع بحاجة إلى دعم إضافي ليتمكن من منافسة المنتجات التركية من حيث السعر، وأهمها تقديم دعم إضافي مثل الكهرباء على سبيل المثال.
ويشدد بوشكيان على المعايير العالية للدواء اللبناني الذي يخضع لفحوصات ومراقبة دورية، والتي توازي المعايير الدولية والأوروبية، وحيث توازي المعامل اللبنانية المعامل الأوروبية والأميركية.

ومن جهتها، تشرح نقيبة مصانع الأدوية في لبنان كارول أبي كرم لـ “هنا لبنان” أنّ استثمارات مصانع الأدوية تقدر بأكثر من نصف مليار دولار أميركي وتقوم هذه المصانع سنوياً بتطوير إنتاجها وإضافة أصناف جديدة لتلبية حاجة المواطن من الأدوية. فقد باتت تغطي اليوم أكثر من 45% من حاجة السوق الإجمالية وتغطي نحو 75% من الأدوية التي تصنعها.
وهذه المصانع قادرة على زيادة إنتاجها وتأمين حاجة السوق اللبنانية من الأدوية بنسبة 100% وبأسعار مناسبة للمريض. فهي أرخص ثمناً من الأدوية البراند Brand وGeneric المستوردة بنسبة تتراوح بين 20% و تصل أحياناً إلى 60% كمعدّل وسطي.
وتشير أبي كرم إلى أنّ جودة الدواء اللبناني أسقطت مقولة أنّ الدواء المستورد هو الأفضل، فقد تطورت هذه الصناعة خلال مدة زمنية قصيرة نسبياً، حتى باتت تؤمّن أكثر من 1100 دواء، وفق أرقى المعايير الدولية وبأسعار معقولة.

وأشارت معلومات خاصة لموقع “هنا لبنان” إلى وجود ثلاثة مشاريع لمصانع دوائية قيد الإنشاء في الشمال وفي الجنوب وفي البقاع بحجم إستثماري يصل إلى 200 مليون دولار .
رغم الأزمة الإقتصادية، سجلت نسبة الاستيراد في العام 2022 ارتفاعاً إلى مستوى متقارب مع  نسبته في الأعوام التي سبقت الأزمة، وحده الدّواء سجّل تراجعاً ملحوظاً، فقد وصلت قيمة استيراده إلى 343.2 مليون دولارالعام 2022 بعد أن كانت 964.6 مليون دولار في العام 2018، أي مع تراجع مقداره بنسبة 64.4%. أمّا لجهة الكميّات، فقد تراجعت من 10,129 طناً إلى 6,171 طناً ما نسبته 39.6%.
قد تختلف أسباب تراجع استيراد الدواء، إلا أن الأكيد أن المصانع الدوائية اليوم باتت ركناً أساسياً في الاقتصاد اللبناني والأمن الدوائي، لما تؤمن من مخزون مهم من الأدوية وبطريقة مستدامة إضافة إلى مساهمتها في تخفيض كلفة الفاتورة الدوائية من جهة ومساهمتها عبر التصدير بإدخال إيرادات وعملات صعبة إلى لبنان من جهة ثانية.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us