لمحة من حرب باردة


أخبار بارزة, خاص 5 أيار, 2023
حرب باردة

لا يوحي الحراك السياسي الراهن بأن هذا المشهد مقبل على تغيير جدي، برغم أن “التصعيد الدرامي” بلغ ذروته: من جهة مرشح لم يعلن بعد ترشحه، وفي المقابل منافس سبقه بتقديم نفسه وبرنامجه إلى اللبنانيين، وكل منهما يصر على هويته السياسية، وانتسابه الإقليمي، ما يجعل الدعوة إلى التوافق أقرب إلى هزل، بلا عبرة، وبلا نهاية.


كتب راشد فايد لـ “هنا لبنان” :

لم يتغيّر تفصيل في المشهد اللبناني، أيًا كانت أهميته، منذ الموعد الدستوري (النظري) لانتخاب رئيس للجمهورية بديل من نظيره المنتهية ولايته ميشال عون، ولم تنفع 11 جلسة نيابية “على نية الإنتخاب” منذ أيلول 2022، في تبيين كون “التوافق” المعروض في سوق السياسة، ليس إلّا مخرجاً ملتبساً من أزمة الفراغ الرئاسي، لأنه يغضن، في تطبيقه، نيات المساومات بين الأفرقاء المعنيين، في السياسة والإقتصاد، والأشغال العامة، وآمال النفط والغاز، والوظائف الرسمية الكبرى، ليس على مستوى المستفيدين المحليين، فحسب، بل يشمل مراجع عالمية، دولاً وأشخاصاً.
لن يكون التوافق المعروض سوى تمديد لأزمة السنوات الـ 6 المنصرمة، بموبقاتها وفساد الحياة العامة التي سادت خلالها، وأفقرت البلاد والعباد، واستنزفت مواردها، والدعوة إليه ليست سوى عرض إذعان ممن لا يملك، ولا يفهم الديموقراطية سوى حق له، مغتصب، في إدارة شؤون البلاد بالقمصان السود، والتصفيات والإغتيالات وليس بمنطق حق الأغلبية في أن تحكم، والأقلية أن تعارض، وبالطبع، تحت سقف السلم الأهلي، وحرية التعبير والإختيار. لكن صاحب عرض التوافق يشهره مع صاروخ على الكتف، مصوراً البديل منه حرباً أهلية، في ترويع مدروس للرأي العام لم يعد يخيف أحداً.
لا يوحي الحراك السياسي الراهن بأن هذا المشهد مقبل على تغيير جدي، برغم أن “التصعيد الدرامي” بلغ ذروته: من جهة مرشح لم يعلن بعد ترشحه، وفي المقابل منافس سبقه بتقديم نفسه وبرنامجه إلى اللبنانيين، وكل منهما يصر على هويته السياسية، وانتسابه الإقليمي، ما يجعل الدعوة إلى التوافق أقرب إلى هزل، بلا عبرة، وبلا نهاية.
تجد المراوحة المحلية صورة لها على المسرح الدولي والإقليمي، فلا أحد من بين الدول النافذة، على هذا المستوى، تود التدخل بالنصح أو بالتوسط، وها هي المملكة العربية السعودية كأنها تنبش شعار “الحياد الإيجابي” من غياهب التاريخ، بإعلان تمسكها بتجنب التدخل في الشأن اللبناني الرئاسي، وإصرارها على مواصفات الرئيس، وبرنامجه لإنقاذ لبنان مما يحيق به من أزمات، وهي أمور تستبان من أعماله وتوجهاته وهو في القصر الجمهوري، وليس وهو على منبر الترشيح أو في مواجهة كاميرا تلفزيون.
يشي “حوار الطرشان” بأن خريطة الطريق إلى حل أزمة الفراغ الرئاسي لم ترتسم بعد، وإن اتفاق بكين السعودي – الايراني برعاية الصين لم يشمل الحالة اللبنانية، أو على الأقل، لم يسبر أغوارها، ولم يقارب الأزمة السورية، إذ يُظهر مشهدها اليوم نوعاً من الحرب الباردة السعودية الإيرانية، ففيما تحضّر الرياض لقمة عربية تعيد سوريا إلى الحضن العربي، يسارع الرئيس الايراني إلى زيارة خاطفة لدمشق يوقع خلالها 8 اتفاقات تعاون وتفاهمات توحي مواضيعها بإشراك إيران في كل ما سيقرر على منافذ دمشق مع العالم جواً وبراً وبحراً، واقتصاداً، وفي مجالات الزراعة وسكك الحديد والطيران المدني والمناطق الحرة، والنفط، والإتصالات، وتقنية المعلومات، وبجملة مقتضبة كل ما يؤشر إلى إستباق طهران القمة العربية بتوسيع احتضانها نظام دمشق باسم التعاون الاستراتيجي الشامل.
بين “الحرب الباردة” و”الحياد الإيجابي” و”توافق الإذعان”
تنتهي بعد أيام مهلة الشهرين الاختبارية لمرتكزات تفاهم بكين، الذي أعطى الأولوية لليمن في البحث عن حلول لأزمات المنطقة، ولم يدخل في التفاصيل اللبنانية، وإن كان في المعلومات الرائجة أن انسحاب ميليشيات حزب السلاح من سوريا جزء من عودة دمشق إلى المجموعة العربية، وكانت في نقاشات وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان في زيارة بيروت الأسبوع الفائت.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us

Skip to toolbar