هواجس لدى بكركي من ضياع منصبي الحاكمية وقيادة الجيش… واستياء من الخلافات المسيحية


أخبار بارزة, خاص 10 تموز, 2023
بكركي

المناصب المسيحية تتهاوى بطريقة غير مباشرة، بسبب الفراغات التي تلاحقها، وكلها مراكز حسّاسة وهامة، الأمر الذي دفع بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، إلى مواصلة صرخاته منذ أشهر، مع تحذيرات من مخطط قيد التحضير لخلق فراغ في المناصب المسيحية


كتبت صونيا رزق لـ “هنا لبنان”:

لا شك في أنّ المشهد السياسي بما يحمله من أثقال، سيتجه بعد أيام نحو خلافات ستحمل في طياتها تناحرات طائفية خفية، مع اقتراب الشغور في منصب حاكم مصرف لبنان نهاية الشهر الجاري، ومنصب قيادة الجيش في كانون الثاني المقبل، مع إحالة العماد جوزف عون إلى التقاعد، بالتزامن مع الشغور في موقع رئاسة الجمهورية، منذ مطلع تشرين الثاني الماضي، والذي يبدو في معضلة يصعب حلّها.
هذه الصورة تشير إلى أنّ المناصب المسيحية تتهاوى بطريقة غير مباشرة، بسبب الفراغات التي تلاحقها، وكلها مراكز حسّاسة وهامة، الأمر الذي دفع بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، إلى مواصلة صرخاته منذ أشهر، مع تحذيرات من مخطط قيد التحضير لخلق فراغ في المناصب المسيحية، مجدّداً دعوته في كل عظاته ومواقفه، للإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية وفقاً للدستور، مذكّراً دائماً بالتداعيات، لأن ما ينتظر المسيحيين من شغور في المواقع الهامة يزيد الانقسامات، ويطرح أسئلة حول المواجهة المرتقبة في هذا الإطار، فهل سيتم التمديد أم تعيين بدائل؟ وكيف ستتم هذه العملية في ظل حكومة تصريف الأعمال؟ ما سيؤدي إلى إشعال الوضع السياسي والمناكفات مع المرجعيات المسيحية، مع الإشارة إلى أنّ تحذير البطريرك الراعي لم يأت من عدم، بل نتيجة مخاوف وهواجس من أن تتم الاستعانة ببعض “السيناريوهات”.
إلى ذلك يأتي منصب حاكم مصرف لبنان في طليعة المناصب الشاغرة بعد عشرين يوماً، ووفقاً للدستور فالحاكم يعيّن بناء على اقتراح من وزير المالية، بمرسوم يقرّه مجلس الوزراء، لمدة 6 سنوات قابلة للتجديد، كذلك الأمر بالنسبة لتعيين نواب الحاكم وهم من طوائف مختلفة، وفي هذا الإطار تكثر المخاوف من خلافات مرتقبة بين السياسيين المعارضين والموالين.
وعلى خط قيادة الجيش، يعيّن القائد بمرسوم حكومي بعد اقتراح من وزير الدفاع، وهنا ترى مصادر قانونية “أنه لا يجب تعيين قائد للجيش بغياب رئيس الجمهورية، خصوصاً أن هذا المنصب من الفئة الأولى، وتشير إلى أنّ العرف لطالما كان أقوى من النص الدستوري، لأنّ رئيس الجمهورية يختار عادة قائد الجيش الماروني، كذلك حاكم مصرف لبنان الماروني بالتوافق مع الحكومة، لكن اليوم ومع الشغور الرئاسي، تحوّل مجلس الوزراء مجتمعاً مكان رئيس الجمهورية، الأمر الذي سيفتح سجالات قد تغير وجهة المسار، وهذا يعني المزيد من الهواجس المسيحية.

وفي هذا الإطار يقول مصدر كنسي بارز لموقع “هنا لبنان” طلب عدم ذكر اسمه، لأنه سيغوص في كواليس ما يردّد في بكركي، لعّل القيادات المسيحية تسمع وتقرأ جيداً، وتتخلى عن مصالحها الخاصة، أنّ هناك هواجس ومخاوف لدى البطريرك والمطارنة الموارنة والمسيحيين عموماً، من فقدان منصبي الحاكمية وقيادة الجيش، على غرار ما جرى مع مديرية الأمن العام التي انتقلت إلى الطائفة الشيعية، لكنه وضع اللوم على القيادات المسيحية المنقسمة، والتي يساهم بعضها بالتعطيل، كاشفاً عن وجود استياء عارم لدى البطريرك الراعي من خلافاتهم التي لا تنتهي، وسأل: “من يعطّل هذه الانتخابات؟ أليست الانقسامات المسيحية المتواصلة؟ فلو كانوا على قدر من التفاهم لكانت القصة حُلّت منذ أشهر، لكن للأسف كلهم يريدون أن يكونوا في موقع الرئاسة، للأسف لا يردّون على أحد ويخلقون الحجج الواهية، والبطريرك “قرف” من هذا الوضع المتردّي”.
ورداً على سؤال حول الحل المطلوب وسط تفاقم الأوضاع، رأى المصدر الكنسي “بأنّ الوضع يتطلب عملية إنقاذ سريعة، والمهمة صعبة جداً لأن التركة ثقيلة، والمصالحة المسيحية لم تتحقق بعد كما يجب، والمشكلة الحقيقية لدى الزعماء المسيحييّن، أنهم لا يستطيعون الاعتراف بأخطائهم بهدف ترميم البيت المسيحي”، وأشار إلى “أنّ الساحة المسيحية تنتظر توافقاً من قياديّيها على شخص الرئيس المقبل، مع ضرورة تحقيق ذلك قبل فوات الأوان، لأن الخطر يداهمنا وعندها نكون خسرنا بأيدينا”.
وذكّر المصدر الكنسي بالوحدة التي نراها دائماً عند القيادات الشيعية، خصوصاً حين يتعلق الأمر بمنصب الرئاسة الثانية، نراهم كيف يتّحدون لأيصال مرشحهم الوحيد، من خلال الفرض وإلا فلا رئيس للمنصب الثاني في الدولة، وأشار إلى أنّ “المخاوف باتت واقعاً سيتحقق قريباً جداً، إذا لم نعرف كيف نعالج الفراغات المرتقبة، ونكون بذلك قد قدمنا ما يريده البعض على طبق من فضة وبأسهل الطرق”، آملاً من القيادات المسيحية أن تضع يدها بيد الراعي الذي يعمل لمصلحة لبنان، فيما نرى بعضهم يناقض نفسه، إذ ينادي بتقوية القرار المسيحي، وفي الوقت عينه نجده بعيداً عن ذلك.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us