القضيَّة اللُّبنانيَّة ومحكمة التَّاريخ!


أخبار بارزة, خاص 21 تموز, 2023

هناك حلف موضوعيّ يَجْمَع من يَسعى إلى ابتلاع لبنان من ناحية، وبين من يعتقد بأنّ القضيّة اللّبنانيّة مساحةٌ جُغرافيّة ونِظام إداريّ من ناحِيةٍ أُخرَى. إنّه الحِلْف القاتِل ومحكمة التّاريخ ستُنصِفُ من يُصرّ على تطبيق الدّستور واستِعادة السّيادة بالعيشِ معًا.

كتب زياد الصَّائِغ لـ “هنا لبنان”:

كتب المطران جورج خضر في 26/08/1989: “إذا ضاق الأُفُق واكمدَّت السَّماء تحسُّ أنَّك في اختِناقٍ كونيّ. إذ ذاك، لا يبقى لكَ إلَّا شهقة الانتِظار، انتِظار أي شيء”. في ما سَبَق أُفُقٌ مفتوح على كُلِّ الاحتِمالات بما فيها انغِلاقُه على أيِّ أَمَل. حينها كان لُبنان معلَّقًا على خَشَبَة صليبٍ قاسِية، ولم يَزَل. تغيَّرت السِّياسة في بعض سُلوكيَّاتِها إلَّا من قُدرَةِ بعض محترِفيها على تدمير لُبنان. وتعقَّد الفضاء الجيو-سياسيّ إلى حدِّ أنَّ لبنان بات في خطرٍ وجوديّ يطالُ هويَّته الحضاريَّة.
أيُّ انتِظارٍ نترقبُّه في زمن الانقِلابِ على فِكرَةِ الدَّولة بدستورِها وسيادتِها وديبلوماسيَّتِها وعدالتها، وسياساتِها الماليَّة والاقتِصاديَّة والاجتِماعيَّة؟ وهَل ما زالت فِكرَةُ لبنان الدَّولة بالصِّيغة والميثاق قابِلةً للحياة؟ ماذا عن مشاريع الفدراليّات والمثالثات ونزعات الشّموليّة الديكتاتوريَّة أو الانفِصاليّة؟ في كُلّ هذا ثمّة من يُعيد النّظر بمفهوم القضيّة اللّبنانيّة بما هي مرتبِطةٌ بالحريّة والتعدّديّة والعيش معًا في آنٍ واحِد، وبما هي دقيقةُ الصّلة بالدّيموقراطيّة التّشاركيّة في دولة مدنيّة حرّة سيّدة عادلة مستقلّة.
إعادة النّظر بمئة عام وأكثر من تجربة قِيام هويّة وطنيّة جامِعة توسّع المشتركات، وتُخفّف الهَواجس، وتُقوّي خيار المواطنة المحتضِنة للتنوّع في انحيازٍ للخير العامّ، وتُطوّر دور لبنان بما هو حالة حِوارٍ نَحْو كُلّ سلامٍ في الحقّ، هذه إعادة النّظر تَضَعُنا في مأزِقٍ كارثيّ. إنّه الانتِظار القاتِل وفيه تتشكّل كُلّ مقوّمات التّدمير الذّاتي، وكُلُّ أنواع العُنف باسمِ الحِوار.
في كلّ ما سَبَق من الواضِح أنّ حلفًا موضوعيًّا باتَ يَجْمَع من يَسعى إلى ابتلاع لبنان من ناحية، وبين من يعتقد بأنّ القضيّة اللّبنانيّة مساحةٌ جُغرافيّة ونِظام إداريّ من ناحِيةٍ أُخرَى. إنّه الحِلْف القاتِل ومحكمة التّاريخ ستُنصِفُ من يُصرّ على تطبيق الدّستور واستِعادة السّيادة بالعيشِ معًا. الإنتِظار يستدعي العمل التراكُميّ لا البَحْث عن خَوْفٍ وتخويف. أمن لبنان القوميّ وأمان شعبِه الإنسانيّ باتا يحتاجان صمودًا ووضوحًا في بوصلة المواجَهة.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us