دويلة عين الحلوة وأخواتها


عين الحلوة

أحداث مخيم عين الحلوة المتجدّدة، أثبتت مرة جديدة صوابية حلّ بشير الجذري، كما أنها أحيت النقاش مجدداً حول جدوى السلاح الفلسطيني، الفردي والمتوسط والصاروخي داخل المخيمات وخارجها


كتب عمر موراني لـ “هنا لبنان”:

في سبعمئة صفحة، وبقلم الصِحافي العريق كميل منسّى، أرّخ الرئيس الياس الهراوي مسيرة عهده (1989 / 2008) وما تحقق من منجزات وما لم يتحقّق، كمشروع قانون الأحوال الشخصية الإختياري. عنوان الكتاب المرجع الصادر العام 2002: عودة الجمهورية من الدويلات إلى الدولة. وأي دولة؟
دولة تحت الوصاية السورية المباشرة، عسكرياً وسياسياً، وتحت الإحتلال الإسرائيلي لقسم من الجنوب والبقاع. دولة لا يستطيع رئيسها تعيين وزير أو مدير عام، دولة عاجزة عن فرض سلطتها على مخيّم فلسطيني واحد. دولة قمعت الأصوات المسيحية الحرة وحلّت الميليشيات و”المقاومات” وأبقت على أكثرها تأثيراً وعديداً وتسليحاً وخروجاً على الإجماع اللبناني وتحدياً للمجتمع الدولي، دولة شبّهها رئيسها بالبقرة التي تتنازع القوى على ضرعها لتجفيفه، دولة تحكم من عنجر. مرحبا دولة.
إنتهت الحرب نظرياً في العام 1990 مع الطائف وإنهاء تمرّد العماد ميشال عون على يد العماد إميل لحود نظرياً، وعلى يد القوات السورية عملياً، وجاء وقت تنفيذ الطائف وقد نصّت إحدى مواده على “حلّ جميع الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية وتسليم أسلحتها إلى الدولة اللبنانية خلال 6 أشهر تبدأ بعد التصديق على وثيقة الوفاق الوطني وانتخاب رئيس جمهورية…”
في 22 تشرين الأول يكون مضى على إقرار الطائف 34 عاماً… لم تجرؤ في خلالها الحكومات اللبنانية المتعاقبة لا رؤساء الجمهورية على إزعاج خاطر “الحوزب” ولفت انتباهه، ولو تلميحاً إلى بند حلّ الميليشيات، وأكثر، ففي ثلاثة عقود ونيّف لم تتمكن الدولة من بسط سلطتها حتى على موقع قوسايا الذي يضم عشرات المسلّحين التابعين للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. وللفصيل نفسه موقع في تلال الناعمة وهو يبعد عن القدس حوالى 300 كلم. مرحبا تحرير. مرحبا دولة.
قبل اتفاق اللبنانيين بسبعة أعوام، وتحديداً في 30 حزيران 1982 نقلت طائرة هليكوبتر أميركية الشيخ بشير الجميل إلى مدينة الطائف للقاء وزير الخارجية السُعودي الأمير سعود فيصل، ورافقه بالزيارة زاهي البستاني وكان الهدف مزدوجاً. فمن جهة السُعودية أرادت “إنقاذ ماء وجه منظمة التحرير” بحسب خطة المبعوث الأميركي فيليب حبيب، ومن الجهة المقابلة كان يهم الأميركيين جعل ترشيح الجميّل مقبولاً عربياً.
لم يساوم بشير في الموضوع الفلسطيني، لا بل أصرّ على خروج كل الفصائل المسلحة من لبنان، وتوزيع المدنيين الفلسطينيين على الدول العربية، على أن يبقى في لبنان فقط لاجئو العام 1948.
أراد الجميّل حلًّا جذرياً ودولة غير منقوصة السيادة. وكان أن خرج المسلّحون بحراً وعاد قسم منهم برّاً ثم انضمت إليهم المنظمات الأصولية (وأبو قتادة وج الصحارة). أما المدنيون الفقراء فتضاعف عددهم وتعمّقت أزمات عيشهم.
أحداث مخيم عين الحلوة المتجددة، أثبتت مرة جديدة صوابية حلّ بشير الجذري، كما أنها أحيت النقاش مجدداً حول جدوى السلاح الفلسطيني، الفردي والمتوسط والصاروخي، داخل المخيمات وخارجها، فكأنّما لا يكفي الأمهات الفلسطينيات سواداً ولا هذه المجتمعات ذلّاً ليأتي من يذكرنا، بالدم المراق في الأزقة، أنّ بلدنا ليس بلداً. بل دويلات بمسميات مختلفة: دويلة عين الحلوة، دويلة برج البراجنة. دويلة النازحين. دويلة الحوزب، دويلة التعطيل، دويلة الممنوعات.دويلة الأهالي.
صدّق الياس الهراوي ذات يوم ادّعى، بحسن نية، عودة الجمهورية… إلى الدولة.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us

Skip to toolbar