شاحنة الكحالة بين الطائف وكوع القرار 1701


أخبار بارزة, خاص 14 آب, 2023
الكحالة

لبنان لا يمكن أن يصل إلى شاطئ الأمان إذا لم تكن هناك دولة تتولى وحدها إدارة شؤون هذا الوطن أمنياً واقتصادياً وسياسياً…


كتب أحمد عياش لـ “هنا لبنان”:

عاد اتفاق الطائف بالأمس إلى الواجهة في وقت واحد، على لسان البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي ورئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد. وعودة كل منهما إلى الاتفاق، الذي أنهى حرب لبنان التي اندلعت عام 1975، أتت على خلفية أحداث الكحالة الأخيرة. علماً أنه من المؤكد، أنّ البطريرك الراعي لم يقل ما قاله ردًّا على النائب رعد، والعكس صحيح. فهل أدى تركيز الطرفين على الاتفاق الشهير إلى تلاقيهما أم إلى افتراقهما؟
من يستمع إلى رأس الكنيسة المارونية يتبيّن له أنه في وادٍ، والنائب رعد في وادٍ آخر. ما يعني أنّ ما تحقّق هو الافتراق وليس التلاقي، ليس على مستوى المرجعية الروحية المارونية والمرجعية النيابية لـ “حزب الله” فحسب، وإنما على مستوى معظم لبنان و”الحزب”. فقد ظهر في موقفي البطريرك الراعي والنائب رعد، أنّ كلًّا منهما يقرأ الطائف بصورة مغايرة للآخر تماماً.

ما معنى أن تصل الأمور في لبنان إلى هذا المستوى من الابتعاد؟
قبل الجواب على هذا السؤال، يمكن التوقف عند توصيف رأس الكنيسة المارونية لما جرى أولاً في عين إبل الجنوبية حيث سقط عضو المجلس المركزي لـ “القوات اللبنانية” الياس الحصروني قتيلاً. ثمّ وقعت حادثة شاحنة “الحزب” ما أدى إلى مقتل ابن البلدة فادي بجاني وكذلك سقوط عضو “الحزب” أحمد علي قصاص. يقول الراعي: “لا يمكن العيش على أرض واحدة فيها أكثر من دولة وجيش وسلطة”. ودعا إلى “تطبيق اتفاق الطائف والابتعاد عن المغامرات في هذا الظرف الإقليمي وانتخاب رئيس”.
في المقابل، وفي موقع نقيض الكامل، وبعدما هاجم بعنف من تصدّوا لـ “الحزب” في الكحالة، قال رعد: “لا تجعلوننا نفكر أبعد من أنكم قاصري النظر وأنكم تريدون أن تخرجوا من التزاماتكم باتفاق الطائف، علماً أنه من لا يريد المقاومة، فهذا يعني أنه لا يريد اتفاق الطائف”.

ما هو مثير للاهتمام أنّ الكلام على اتفاق الطائف، والذي تصاعد في الآونة الأخيرة، انطلق من استعصاء إجراء الانتخابات الرئاسية بفعل الخروج عن الطائف والدستور المنبثق عنه. فهناك مواد صريحة في الدستور لا سيما المواد 73 و74 و75 تنصّ على انتخاب رئيس الجمهورية في حال شغور منصبه، من دون ربط هذا الاستحقاق بأي أمر آخر. وهذا الواجب بعيد كل البعيد عن ذريعة “الحوار” المسبق، أو عدم انعقاد البرلمان في جلسة مفتوحة. فهذا التحريف للواجب الدستوري، هو ما يفعله الثنائي الشيعي منذ نهاية تشرين الأول من العام الماضي ولغاية اليوم.

بالعودة إلى رعد، فهو قفز فجأة إلى الطائف ليتناول منه ما يساند أزمة شاحنة الأسلحة، فهل حالفه الحظ؟
تشاء الصدف، أنّ أياماً قليلة تفصل ما جرى في الكحالة وبين 14 آب ذكرى قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1701 الذي أنهى حرب تموز عام 2006. في هذا القرار وردت كل القرارات ذات الصلة باتفاق الطائف. وقد أعاد القرار 1701 التأكيد على القرار الدولي الآخر الرقم 1559 الصادر عام 2004 والقاضي بمنع السلاح غير الشرعي على الأرض اللبنانية، والقرار الدولي رقم 1680 الداعي إلى ترسيم وإظهار حدود لبنان. ما تعنيه بوضوح هذه القرارات المشار إليها، هو أنّ “حزب الله” سلك طريقاً وأخذ معه لبنان ولا يزال نحو الخروج عن الشرعيات الوطنية والعربية والدولية معاً.
لا بدّ من الإيمان بأن الأقدار لها مشيئتها الخاصة التي لا علاقة للبشر بها. هذا ما حصل بالضبط عندما تعطلت شاحنة أسلحة “حزب الله” عند كوع الكحالة الأربعاء الماضي. إذ لم يكن ضمن حسابات “الحزب” أن تتعطل الشاحنة. كذلك، لم يكن في حسابات مواطني الكحالة أو يحصل ما حصل بينهم وبين الفريق الأمني الذي كلفه “الحزب” لمواكبة الشاحنة.
أما وقد حصل ما حصل، فلا بد لـ “حزب الله” أن يراجع حساباته، لا أن يفتح حسابات مع اللبنانيين الذين يقرأون في الطائف وتالياً القرار 1701 أنّ لبنان لا يمكن أن يصل إلى شاطئ الأمان إذا لم تكن هناك دولة تتولى وحدها إدارة شؤون هذا الوطن أمنياً واقتصادياً وسياسياً… فهل سيقوم “الحزب” بهذه الخطوة؟
على ما يبدو، وللأسف، أنّ “الحزب” بعيد كلّ البعد عن هذا التفكير. هذا ما قاله رعد بالأمس. وهو ما سيقوله اليوم الأمين العام حسن نصرالله. ولهذا، سيكون هناك أكثر من كوع بانتظار شاحنات “الحزب” ومعه لبنان!

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us