الجيش يتخطّى الاختبار الأصعب


أخبار بارزة, خاص 23 آب, 2023
الجيش

مهمة المؤسسة العسكرية، تكمن في تطبيق القانون وحماية الحدود وضمان الاستقرار، وتنفيذ القرار السياسي، واحتكار استعمال القوة، لكن في الدرس اللبناني، هناك ما يعصى على الفهم والتفهم.


كتب أسعد بشارة لـ “هنا لبنان”:

كما نجح في المرور وسط ألغام لا تنتهي في العام 2019، ها هو الجيش ينجو مرة جديدة في الكحالة من لغم كبير، سببه السلاح غير الشرعي، المفروض على كاهل اللبنانيين. لقد كان مشهد الجيش في الكحالة صعباً. المرور وسط هذا الكمين ليس سهلاً، فهناك دويلة قابضة على الدولة، وهناك استياء من مشروع السلاح، وهناك في الوسط قوة عسكرية شرعية، تجهد بالحكمة والصلابة وطول النفس، كي تجنب نفسها واللبنانيين، اختبار الفوضى والعنف.
صحيح أن تلك ليست وظيفة أي جيش في العالم. صحيح أن مهمة المؤسسة العسكرية، تكمن في تطبيق القانون وحماية الحدود وضمان الاستقرار، وتنفيذ القرار السياسي، واحتكار استعمال القوة، لكن في الدرس اللبناني، هناك ما يعصى على الفهم والتفهم.
الجيش الذي بتركيبته يشبه لبنان المتعدد، يسير بين ألغام كثيرة. كان قائد سابق للجيش عرف بتواضعه وأخلاقه وحكمته، وليس بنيرونيته يقول: أي قرار تتخذه القيادة مخالف لطبيعة التركيبة اللبنانية، لا يمكن تنفيذه.
هذا بالضبط ما يواجهه اليوم قائد الجيش جوزيف عون الذي يسير وسط اللوم والثناء، والانتقاد والتبجيل، والمزايدة والتأييد، إلى هدف واضح. يريد عون قيادة السفينة إلى شاطئ بعيد، والوقائع بين يديه لا تمكنه من الاطمئنان إلى حتمية نجاح المهمة.
يريد عون أن يتجاوز الامتحانات الصعبة الماثلة أمام المؤسسة، ومنها امتحان تجاوز الأفخاخ والمطبات، كفخ الكحالة الذي أرادت الصدفة أن تحوله إلى شرارة حارقة. كان سبق لقائد الجيش أن عبر بنجاح امتحان ثورة 17 تشرين. لم يسجل للجيش ارتكابه أي تجاوز أو أي قرار سيئ، بحق الناس، لا بل على العكس. لم ينحنِ قائده لرغبات القمع التي صدرت عن المنظومة، بل رفضها، وها هم بعد خروجهم من القصر، يتهمونه بتهمة حماية المتظاهرين، وهذا ما يسجل له، وهم يضيفون تهماً أخرى أبرزها تهمة تسيير شؤون الجيش في مرحلة الشلل الإداري، ويضعون العصيّ في الدواليب، لإفشال المؤسسة لمجرد أن جوزيف عون المهيّأ للعب دور الإنقاذ، هو قائدها.
يحظى الجيش وقائده رغم كل هذا التشويه بمصداقية تعتبر بالنسبة للكثير من أركان الطبقة السياسية صفة خطرة وتدعو للمنافسة غير الشريفة. الدعم العربي والدولي للجيش قائم ومستمر، أما العقوبات فهي مرشحة لأن تطال الكثير من أركان المنظومة، وهؤلاء سوف يضافون إلى ما سبق.
لن يكون اختبار الكحالة الأخير، فحقل الألغام كبير، ولكن وعلى الرغم من كل هذه المحاولات غير البريئة لتلوين الصورة بالأسود، فإن الأبيض سيبقى عصياً على التشويه، فليس من سر يخفى تحت أشعة الشمس.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us