المؤسسة العسكرية والصمود “باللحم الحيّ”.. فقط!


أخبار بارزة, خاص 26 آب, 2023

تكاد المؤسسة العسكرية أن تكون الوحيدة التي تستمر تتغذَّى “باللحم الحي” من دون أن يُسجَّل عليها أي تقصير في أداء مهامها، لا على مستوى مواجهة الإضطرابات الأمنية والعسكرية

كتب جان الفغالي لـ “هنا لبنان”:

ملاحظتان لافتتان على هامش تعزية قائد الجيش العماد جوزيف عون، باستشهاد الضابطين الطيارين:
الأولى زيارة وزير الدفاع العميد موريس سليم لقائد الجيش في مكتبه وتعزيته له باستشهاد الضابطين، وجاءت هذه الزيارة بعد قطيعة من الوزير سليم للعماد جوزيف عون، وما رافقها من “تسريب” تقارير تتعلَّق بالمؤسسة العسكرية، من باب استهداف سمعته، والتشويش على أدائه سواء في الداخل أو في الخارج. الملاحظة الثانية عدم تعزية العماد ميشال عون لقائد الجيش، وكذلك رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل.

هاتان الرسالتان من عون وباسيل، جاءتا على رغم أن العماد ميشال عون يعتبر نفسه “أبَ الجيش” والوزير جبران باسيل يعتبر نفسه “ابن المؤسسة العسكرية”.
الشكلُ هنا، على أهميته، ليس بالشيء المهم إذا ما قيس بالتحديات التي يواجهها الجيش سواء بالنقص الذي بدأ منسوبه يرتفع، مقارنة بما هو مطلوب منه.
تكاد المؤسسة العسكرية أن تكون الوحيدة التي تستمر تتغذَّى “باللحم الحي” من دون أن يُسجَّل عليها أي تقصير في أداء مهامها، لا على مستوى مواجهة الإضطرابات الأمنية والعسكرية، ولا على مستوى روتين التدريبات التي تسير في خطّ متوازٍ مع المهام الميدانية.
إنّ مَن أطلق على الجيش تسمية “الصامت الأكبر”، يعرف معنى هذه التسمية هذه الأيام، فهو “يصمت على معاناته” ولولا استفزازه بتسريبٍ مريب من هنا وتقرير مفبركٍ من هناك، لَما كان الجيش مضطرًا إلى الرد، لئلا يؤخذ الرأي العام بمثل هذه الأضاليل.
إثر حادثة الكحالة، زار وفد نيابي العماد جوزيف عون في مكتبه، خلال اللقاء، ومن ضمن النقاش، دق عون ناقوس الخطر أمام النواب، لجهة المستلزمات الضرورية والأساسية التي يحتاج إليها الجيش، فهل يُعقَل أنّ المهام التي يقوم بها تستلزم، على سبيل المثال لا الحصر، محروقات، وهي قريبًا لن تكون متوافرة لدى الجيش؟ ماذا يمكن أن تكون عليه الأوضاع في حال اندلع حريق ولم يستطع الجيش اللبناني التحرّك بآلياته بسبب عدم توافر المحروقات؟ وأكثر من ذلك، ماذا لو اضطر الجيش إلى التدخل لوقف إشكال أو ما شابه، ولم يستطع التحرك لأن آلياته فارغة من المحروقات؟
إنّ ما سبق ذكره ليس تهويلًا على الإطلاق، إنّ ما تمرّ به المؤسسة العسكرية اليوم، لم يسبق أن مرَّت به في عزّ الحرب، وفي ذروة التشرذم والانقسامات، فكيف يعقل أن يكون هَمُّ قائد الجيش تأمين عوامل صمود ضباطه وعسكرييه، ليتمكن من الحفاظ على الأمن والاستقرار في البلد، فيما الأوضاع السياسية مكشوفة. كانت القاعدة في ما مضى أنّ السلطة السياسية تحمي المؤسسة العسكرية، اليوم المؤسسة العسكرية هي الضامن للسلطة السياسية بهدف الإنتقال من الفراغ الذي يتمدّد إلى إعادة تكوين السلطة ووقف الانهيار.
“الصمود باللحم الحيّ” لم يعد شعارًا بل بات حقيقة.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us