لا مفرّ من مسار وسطي!


أخبار بارزة, خاص 29 آب, 2023

إذا كانت بعض الأطراف ترفض الذهاب إلى الحوار، فبعض الأطراف الأخرى لا تستطيع مواصلة سياسة فرض المرشح الأوحد. بين هذا وذاك، لا بدّ من مسارٍ وسطيٍّ ما!


كتب رامي الريّس لـ “هنا لبنان”:

إذن، الأفق السياسي الداخلي لا يزال مسدوداً. المساعي الخارجيّة، رغم الحراك الفرنسي المتواصل والذي يتّخذ أشكالاً متعددة في محاولة لكسب الوقت وبناء شكل جديد للتسوية، أيضاً لم تصل إلى الغايات المنشودة. في الانتظار، تتواصل محنة الشعب اللبناني بأوجهها المتفاقمة دون أن تسلك مسارات الحلول المنتظرة.

انتخاب رئيس الجمهوريّة اللبنانيّة لم يكن يوماً مجرد عمليّة اقتراع في صندوق خشبي يلف على النواب في قاعة المجلس النيابي. باستثناء تلك التجربة الديمقراطيّة اليتيمة سنة ١٩٧٠ التي كان لها ظروفها ومسبّباتها وانقطعت إمكانيات تطويرها مع اندلاع الحرب الأهليّة اللبنانيّة سنة ١٩٧٥؛ لطالما كان انتخاب الرئيس اللبناني نتيجة تسوية ما.

على قدر ما هي مؤلمة هذه الخلاصة، على قدر ما هي صحيحة. لعلّ أوان تصحيحها لم يحن بعد لأنّ مقاربة هذه المسألة سوف تعني حتماً فتح النقاش على مصراعيه في ما يخصّ الصيغة اللبنانيّة المنتظرة وسبل توزيع السلطة فيها وآليات عمل المؤسسات الدستوريّة وموازين القوى الجديدة.

لذلك، تبدو المرحلة الراهنة، بما فيها من مشاكل متعددة، وفي طليعتها الأزمة الماليّة والاقتصاديّة والمعيشيّة الحادة وغير المسبوقة، غير مؤاتية تماماً للخوض في هذه النقاشات المعمقة التي لا تتوفر مناخاتها المطلوبة أصلاً على ضوء الاختلال الكبير في موازين القوى الذي سيتولد عنه صيغة مبتورة وغير عادلة، دعك من الطروحات التقسيميّة والفدراليّة المنفصلة عن الواقع.

المهم الآن النفاذ نحو انتخاب رئيس جديد للجمهوريّة ومن ثم تشكيل حكومة تحظى بالثقة لوقف الانهيار ووضع البلاد على سكة التعافي على قاعدة أن الأزمات المتراكمة أكثر عمقاً وتعقيداً من أن يغطي عليها موسم اصطياف ناجح، على أهميته بطبيعة الحال. إن الاختلالات البينويّة التي يعاني منها الاقتصاد اللبناني تاريخياً مثل إضعاف الوظيفة الاجتماعيّة للدولة وغياب الإنماء المتوازن وعدم إيلاء القطاعات الانتاجيّة الاهتمام الذي تستحق، باتت بحاجة لإعادة نظر شاملة.

إنّ الاتّكال التاريخي على التجارة والخدمات صار خارج زمانه وصار جليّاً أن ثمة حاجة للبحث عن أدوار جديدة للاقتصاد اللبناني بميزات تفاضليّة جديدة تُوائِم بين الماضي والمستقبل وتفتح آفاقاً جديدة أمام اللبنانيين، لا سيما الشباب منهم الذين فقدوا الأمل بالبلاد وهم يجوبون الأرض بحثاً عن فرص عمل ومستقبل أفضل.

الذهاب إلى حوار لانتخاب الرئيس قد يكون المخرج الأفضل في هذه اللحظة السياسيّة بالذات ومن هناك يفترض أن تبدأ عمليّة الانقاذ. إذا كانت بعض الأطراف ترفض الذهاب إلى الحوار، فبعض الأطراف الأخرى لا تستطيع مواصلة سياسة فرض المرشح الأوحد. بين هذا وذاك، لا بدّ من مسارٍ وسطيٍّ ما!

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us