في بلد مأزوم… أرقام الهدر والتبذير صادمة في الإدارات العامة


أخبار بارزة, خاص 31 آب, 2023
الإدارات العامة

بالأرقام، يظهر جليًّا كيف أنّ الهدر العشوائي ما زال قائماً، رغم كلّ الأزمات التي تعصف بالبلاد


كتبت يارا الهندي لـ “هنا لبنان”:

لطالما عُرفت الإدارات العامة في لبنان بالفساد والبيروقراطية الزائدة وغياب الشفافية، ففي كلّ مرفق عام لبناني هناك مزاريب للهدر ولضياع أموال المواطنين، ونتيجة الأعباء المالية المرتفعة على الدولة والتي يحول الهدر دون القدرة على تسديدها، تتفاقم الأزمات المالية مع صعوبة إيجاد حلول لها.

فأيّ دولة في العالم إذا واجهتها ضائقة مالية، من البديهي أن تخّفف من نفقاتها غير الضرورية والثانوية. أمّا في لبنان، فالعكس تماماً هو ما حصل، النفقات غير الضرورية تتغلغل في إدارات الدولة، منها السلك الخارجي، والأبنية الحكومية وغيرها، وأرقام الدولية للمعلومات خير دليل على ذلك.

وفي هذا الإطار يؤكّد الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين لـ “هنا لبنان” بالأرقام أّنَّ النفقات كبيرة جدًّا للسلك الخارجي في وزارة الخارجية باعتبار أنّ هناك أكثر من ٨٠ سفارة وقنصلية والبعض منها غير ضرورية وغير أساسية وبالتالي كان يُفترض إغلاقها أو على الأقل الحدّ من أعداد العاملين فيها.

حاليًا، وبحسب أرقام الدولية للمعلومات، كلفة السلك الخارجي تصل إلى ٦ آلاف و٢٠٧ مليار ليرة لبنانية سنويًا، تشمل الرواتب والأجور، وهي كلفة مرتفعة جدًا لبلد مأزوم ماليًا واقتصاديًا وسياسيًا.

أما الأبنية الحكومية، فحدّث ولا حرج، حيث وصلت كلفتها سنة ٢٠٢٣ إلى ٥٣٠ مليار ليرة لبنانية منها ٣٢٣ مليار ليرة لبنانية للإدارات الحكومية، الأمر الذي يشكّل أيضاً موضع هدر كبير.

وبحسب شمس الدين، فالإيجارات تدفع سنويًا، إلّا أنّ الحكومة كانت قد قرّرت سنة ٢٠١٨ تخصيص اعتماد بقيمة ٧٥٠ مليار ليرة لإنشاء أبنية حكومية والاستغناء عن الإيجار، بحيث يتمّ إنشاء أبنية ومكاتب للوزارات المختلفة تكفي وتستوعب العمل لسنة ٢٠٥٠.

وتكون بذلك اعتمادات الدفع في العام ٢٠١٨: 10 مليار ليرة، العام ۲۰۱۹: ۲۰۰ مليار ليرة، العام ۲۰۲۰: ۲۰۰مليار ليرة، العام ۲۰۲۱: ۱٦٥ مليار ليرة، العام ٢٠٢٢: ۱٧٥ مليار ليرة، ليكون مجموع اعتماد العقد الإجمالي ٧٥٠ مليار ليرة.

وكان من المفترض أن يبدأ هذا البرنامج عام ٢٠١٨ وينتهي عام ٢٠٢٢، ولكن ذلك لم يحصل حتى اليوم، والاعتمادات التي كانت ملحوظة لم يعد لها قيمة، إلّا أنّ المشروع الذي كان من المفترض أن ينهي الإيجارات لا يزال مستمرًّا.

وأيضاً يشير تقرير الدولية للمعلومات، أنّ الموظفين الرسميين يستخدمون نحو ۱۲ ألف سيارة، بمختلف درجاتهم الوظيفية، مع العلم أنّ المرسوم رقم 27 الصادر في 18 كانون الثاني 1955، حدّد عدد السيارات الحكومية المُسموح بها بـ ۱۱ سيارة فقط.

إذًا، وبالأرقام، يظهر جليًّا كيف أنّ الهدر العشوائي ما زال قائماً، رغم كلّ الأزمات التي تعصف بالبلاد. كما تغيب حتى الآن أي إشارات تُظهر بأنّ دولتنا تعي حجم التحدي المالي الذي تواجهه، إذ لم تبادر بعد إلى اتّخاذ إجراءات حاسمة، وكلّ ما تقوم به هو الهرب من مسؤولياتها، وتقاذف التهم، وتحميل المسؤولية لجهات كانت الضامن الأساسي لاستقرار لبنان طوال الأعوام الفائتة.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us